قالت منال التي كانت ترمي بعشوائية أشياءها في حقيبة يدها: إذن.. ذهب معه؟
هز فارس رأسه بالإيجاب.. تضايقت منال، لا شيء جيد قد يعود على يوسف أو عليها من التقائه بأبيه..
أيقظها صوت فارس من أفكارها: اممم.. ماما؟
رفعت عينيها عليه بشرود: نعم؟
بدا فارس مضطربا وهو يسأل: لماذا كان.. ذلك الرجل.. أعني جدي.. لماذا كان يبدو هكذا؟
قطبت حاجبيها: كيف كان يبدو؟
جلس فارس على السرير وقال بتفكير عميق: كان.. مختلفا عن المرة الأخيرة.. كان مقعدا.. ولم يكن يتكلم.. كان يكتب.. وبدا.. لا أعرف.. سيئا.تنهدت منال.. يبدو أن فارس كان أكثر خوفا وانشغالا من أن يسأل هذه الأسئلة لأبيه.. فكرت بالجواب الأفضل.. بالطبع لن تقول لفارس أن أباه قد أطلق النار على ركبتي جده ثم اقتلع لسانه..
قالت بهدوء: إنه مريضٌ.
ضيق فارس عينيه: لماذا؟ ماذا به؟
نفضت شعرها وقالت محاولة كتمان نفاد صبرها: لقد مر بحادث يا فارس، لست أعرف التفاصيل، أظنه حادث سير.
سكت فارس، ترك الغرفة متجها للتلفاز وهو يتذكر كم بدا شكل جده سيئا، وكم بدا متعبا ومهزوزا،وتساءل في نفسه إن كان هذا الحادث عقوبةً لجده على مافعل بأبيه.. ولكنه لم يحس بالتعاطف مع حسام، كانت عاطفته لأبيه أقوى بكثير من أن يفعل..فتحت منال أحد الأدراج في المنضدة المجاورة لجهة يوسف من السرير.. كانت تبحث عن سلك هاتفها الكهربائي.. عقدت حاجبيها حين رأت ألبوم صور تراه لأول مرة، وفوقه كانت صور كثيرة متناثرة، مقصوصة بوضوح، وبعضها كانت مجعدة وكأن أحدا سحقها بقبضته..
ميزت منال الشخص الموجود في الصور كلها، كانت أم يوسف. استطاعت تذكرها بسبب رؤيتها لتلك الصورة التي أخرجها يوسف من محفظة أبيه في المطعم سابقا.
قلبت في يدها إحدى الصور متعجبة من وجودها.. من أين جاء يوسف بصور أمه هذه كلها؟ هل أخذها من أبيه؟ ومتى؟ ولماذا تبدو كلها أنصاف صور، لا صورا كاملة؟
ثم لاحظت كتابةً على ظهر أحدها.. قطبت حاجبيها وقرأت.. "أفنان مع يوسف - السبت، ٢١ أغسطس"
قلبت الصورة إلى وجهها، لم يكن يوسف فيها.. لحظات وأدركت أن يوسف أزيل إزالةً من الصورة.. كيف حصل هذا؟
كان الجواب واضحا ويسيرا ووصلت له بسرعة.. إنه حسام.
لعنت حسام في داخلها واشمأزت منه.. هل أزال المعتوه ابنه من الصور؟
أشفقت لوهلة على يوسف لبشاعة الموقف، وتساءلت إن كان هذا أحد أسباب جنونه هذه الأيام الماضية.
رمت بعصبية الصور في الدرج من جديد وأغلقته.. وفكرت.. لاشك أنه حانق للغاية على حسام لهذه الفعلة.. ماذا سيجري إذن حين يجلس معه الآن من جديد، وإلى أي درجة سيجعله هذا أسوأ حالا؟—
تبع يوسف بسيارته سيارة حسام، كان قد أعرب عن رفضه التام للذهاب إلى بيت أبيه، وهكذا توقفوا أمام أحد المقاهي القريبة.
كل جلسات هذا المقهى كانت خارجية، وكانت تمنح بعض الخصوصية إذ كانت كل طاولة محاطة بمزروعات وأشجار صغيرة.
أوصى يوسف رجاله بالبقاء حول المكان، والمراقبة بحرص، لم يكن يثق بحسام مطلقا.
أنت تقرأ
يومٌ لا نهايةَ له
Romanceتعيش منال منذ طفولتها مع الوحش.. الوحش، والعائلة الوحيدة. هذه القصة محض خيال، ولا تشابه بينها وبين الواقع. فضلا، لا تنقل هذه القصة أو تنشرها في أي مكان. لا ينصح بقراءة القصة لمن هم دون ١٨ عاما. *مهم: لا تروج هذه القصة لأي شكل من أشكال العنف، وإنما...