١٨

3.1K 60 39
                                    

استمعت ببال طويل لتذمر فارس من المدرسة خلال الطريق إلى البيت.. لم تكن تعرف كيف ستحببه بها.. وقته في المدرسة كان ببساطة وقتا بعيدا عنها، وبالتالي كان وقتا سيئا بالنسبة له..
وصلا إلى المنزل.. كانت متوترة.. لم تكن مستعدة للقاء يوسف بأي شكل.. هل سيعوض إخفاقه الصباحي؟ أم يشعر الآن أنه بطل لأنه تماسك ولم يحطم عظامها؟
دخلا المنزل، قبلت فارس قبل أن يذهب للحمام ولتغيير ملابسه.. ودخلت بهدوء وتردد إلى غرفتهما..
التفت يوسف بحدة للباب.. تجمدت في مكانها حين رأته عاريا إلا من الشورت، منشغلا بتغيير الضمادة على جرحه وسط كومة من المعدات الطبية والمعقمات..
دخلت وأغلقت الباب خلفها.. إنه منزعج لأنها لم تطرق.. قالت بهدوء: لم أتوقع أنك لازلت هنا.. ولهذا..
أغمض عينيه لحظات ثم زفر: لا يهم.. جئتِ في الوقت المناسب.. جهزي إبرتي وتعالي..
تمالكت ضيقها وتحركت بصمت لتنفذ ماطلبه بعد أن أقفلت الباب.. لاحظت أن يوسف ترك عمله ورمى نفسه مستلقيا على السرير مطلقا آهة..
أخذت الإبرة واتجهت نحوه.. قالت بهدوء: ثم؟
قال دون أن يفتح عينيه: عقمي جرحي، ضمديه، ثم الإبرة.
عضت على شفتها.. نظرت إلى الجرح.. كان في حالة سيئة.. والقمامة مليئة بالضمادات الغارقة بالدم.. لم يكن صعبا أن تستنج أن هذا بسبب ضربتها.. ذهبت لتغسل يديها.. لاحظت مفارش غارقة بالدم أيضا في سلة الملابس المتسخة.. إذن كان نائما، ونزف خلال نومه..
غسلت يديها وعادت إليه.. كان تنفسه حادا، ومن الواضح أنه يتألم.. جلست بجانبه ثم أخذت قطنة، تعمدت إغراقها بالمطهر أكثر مما يجب، على هذا اللعين أن يتألم قدر الإمكان..
ثم دون أن تحذره كانت تضغط القطنة على الجرح.. تسارعت أنفاسه، راقبت صدره يصعد ويهبط، وعروقه تبرز في جبينه، ورجفة يديه.. شعرت بلذة كبيرة مخلوطة بشعور شديد السوء.. لم تفهم شيئا مما كانت تشعر به.. رغبة هائلة في إيذائه مع اشمئزاز شديد من نفسها ومنه، مع كراهية لكل هذا الذي يحصل لها، والذي تجد نفسها في وسطه دون إرادة كل مرة..
تابعت تعقيم الجرح دون أن تبدي أي رحمة.. في كل مرة كانت تزيد كمية المطهر، وتتعمد عصر القطنة وسط جرحه.. لم ينطق بحرف، إلا أنه كان يرتجف ويتعرق وآهات خافتة يجاهد كي يكتمها كانت تند عنه..
تركت المطهر وبدأت بالتضميد.. كانت قاسية في ذلك أيضا.. تعمدت شدّ الضمادة على جرحه تاركة إياها في وضع غير مريح.. عندما انتهت غسلت يديها ونظفت المكان، ثم أخذت الإبرة أخيرا.. تناولت ذراعه.. عقمتها وغرست الإبرة بمهارة.. ثم تحركت لتنهض.. التفتت بحدة حين أمسك بذراعها مانعا إياها من النهوض.. هذه المرة كانت عيناه مفتوحتين، محدقا في عينيها مباشرة.. لم ينطق أي منهما.. سحبها بصمت كي تنحني عليه.. ثم قبل شفتيها..
أغمضت عينيها وأغمض عينيه.. كانت قبلة طويلة ورقيقة ودافئة.. تسارعت أنفاسها وشعرت بألم في قلبها.. مشاعرها تنتهك مجددا.. هي منخرطة معه في قبلة تحمل كما هائلا من الشعور.. الشعور الذي لا يستحقه..
توقفا وسمح لها بالارتفاع عنه عدة سنتيمترات.. لازالت أنفاسهما تتصادم.. أغمضت عينيها كي لا تراه..
مرر كفه بخفة على وجنتها.. قبل جبينها قبلة رقيقة ثم همس: اخرجي من الغرفة..
زفرت بتعب محاولة التخلص من ضغط وجوده الثقيل.. خرجت من الغرفة بخطوات سريعة..
الآن يطردها من الغرفة إذن.. إلى أين سيصل هذا..
اغتسلت، أزالت عنها ثيابها وبقيت بقميصها الطويل بعض الشيء.. جهزت المائدة للغداء الذي أعدته الطباخة..
كان أغلب طعامهم من إعدادها.. لم تكن تحب عمل المطبخ، ومع ذلك، كان فارس يتذمر من هذا دائما.. لم يكن يحب أن يأكل إلا ما تعده هي..
__
مرت أيام هادئة.. كان يوسف يعزل نفسه طويلا في غرفة المكتب، لم يتعرض لها ولم يخرج كثيرا من البيت.. إلا أنه كان يطلب منها تغيير الشاش وتعقيم الجرح يوميا.. كانت تزيد في إيلامه كل مرة، ومع ذلك لم يعترض مطلقا.. فهمت في آخر الأمر أنه يتعمد أن يطلب منها كي تؤذيه.. كان يتركها تعاقبه بشكل ما.. وعندما وصلت لهذا الفهم توقفت عن إيلامه.. لم تكن تريد إراحة ضميره..
فهم أيضا هو لم توقفت، ولم يعد يطلب منها أن تغيرها له..
كان وقتها مقسما بين المذاكرة والعناية بفارس، مع عدم وجود يوسف حولها، صارت تعطي فارس وقتا أكثر. صارت تبقى بجانبه حتى ينام، تحل واجباته معه وتقضي وقتا وافرا باللعب معه..
خرجت صباحا من الحمام بعد دش سريع.. هذه المرة رأته بجينز وقميص.. شعره رطب بعض الشيء وقامته استعادت قوتها..
التفت لها فيما كان يرتدي ساعته.. شدت الروب حولها بحركة لا إرادية.. ثم توقفت وتظاهرت بعدم الاهتمام.. لم تعرف ماذا ستفعل.. لم تكن حتما تريد الكلام معه.. ومع ذلك، لم تكن مستعدة لصفعة لأنها تجاهلته.. أو لتنفيذه لتهديده الأثير: سأقطع لسانكِ اللعين..
قالت بصوت جاف وهي تتحرك نحو الدولاب: صباح الخير.
كانت تخرج ملابسها .. شعرت به خلفها.. انكمشت.. شعرت بيده تحط على ثديها وتقبض عليه بخفة من فوق الروب.. يده الأخرى من خصرها إلى فخذها فوق جلدها مباشرة..
أغمضت عينيها وسكتت.. لم تجرؤ على النطق.. قبل رقبتها وهمس: اشتقت لهذا الملمس.. لهذه الرائحة..
عضت على شفتها.. يقول لها أمورا كهذه رغم ماحصل في الحمام ذلك اليوم.. حيوان لعين..
انزلقت قبلاته إلى كتفها فيما اشتدت يداه عليها وهو يجذبها إليه.. تسارعت أنفاسها.. لحظات وارتخى عنها وأفلتها.. أمسك بذراعها وأجبرها على الالتفات إليه.. حدقت بالأرض.. انتهى الأمر.. سيحصل عليها بالقوة مجددا.. أمسكت كفاه بكتفي الروب وبسلاسة جعله ينزلق على ذراعيها.. ثم يهوي بكامله على الأرض.. شدت جسدها بأكمله حين وقفت عارية تماما أمامه.. راقب وجنتيها المحمرتين من الغضب وارتجافها.. مرر كفيه على خاصرتيها ببطء وهو يتأملها.. اقترب منها ببطء ثم قبل جبينها قبلة طويلة.. حين ابتعد عنها كانت بالكاد تتنفس.. همس وهو يمرر يده على شعرها: لا تتأخري.. سنذهب معا..
أفلتها وخرج من الغرفة.. أطلقت أنفاسها المحبوسة وتحركت بسرعة كي ترتدي ثيابها.. كان ذلك غريبا.. لقد تركها.. عرّاها ثم تركها.. كيف يفكر هذا المخلوق.. ارتدت ملابسها ثم غسلت وجهها محاولة الخروج من تأثيره.. أنهت تجهزها وخرجت حيث كان يوسف وفارس يتناولان الإفطار..
ابتسمت لفارس ابتسامة صفراء وجلست معهما بصمت..
بدأ يوسف حديثا على غير العادة: سنذهب اليوم معا للمرة الأولى، سيكون روتينا منذ الآن. -استدرك غير راغب في فرض رأيه عليها أمام فارس، التفت إليها- مارأيكِ؟
أراحها استدراكه.. إن كانت تدين باعتراف له فهو أنه حافظ على وعده بخصوص فارس، وعدها قبل ولادته أنه لن يظهر شيئا من جانبه السيء له، وفعلا، لم يكن يوما أمامه إلا في قمة التهذيب والاحترام، وإن عنى ذلك اضطراره للصمت والتنحي..
قالت محاولة أن تكون مرحة: هذا ممتاز، رحلة عائلية كل صباح.
سأل فارس برجاء : هل سيمكنني الركوب في الأمام مع أحدكما؟
عاد يوسف لصمته.. قالت بهدوء: طبعا لا، ستجلس في الخلف مثل أي أرنب مهذب!
قال باعتراض: الأرانب لايركبون السيارات!
ابتسمت: ياللمفاجأة! لكنك أرنب وتركبها باستمرار!
قال بتذمر مقاوما الابتسامة: مااااما!!!
كان يوسف يتأمل المحادثة بعمق رغم تظاهره بعدم الاهتمام.. كان مدهوشا كالعادة.. مدهوشا بقدرتها على ابتداع روح مرحة ولطيفة لأجل فارس.. روح مختلفة تماما عن تلك التي تتعامل معه بها.. كيف تضغط على نفسها رغم إيذائه المعنوي لها قبل وقت قصير. رغم أنه منذ لحظات فقط لمسها بأكثر الطرق التي تهينها، أجبرها على التعري، ومع ذلك، كانت تبدو كأنها في قمة سعادتها..
تنهد ونهض دون أن ينطق.. دقائق وخرج الثلاثة معا.. لم يتوقف فارس عن الثرثرة حتى وصلا إلى مدرسته.. نزل ملوحا لهما.. حرك يوسف السيارة مبتعدا عن المدرسة، ولمفاجأتها، توقف مجددا على جانب الطريق بعد دقائق.. قطبت حاجبيها والتفتت إليه بتساؤل.. تنهد وقال بهدوء: ليست لديك جامعة اليوم.. لماذا لا تخبرينني أنك ذاهبة لأمكِ فحسب بدلا عن تركي أوصلكِ إلى الجامعة؟ أنت تعرفين أنني أعرف مسبقا، وسأعرف لاحقا كل خطوة تخطينها!
زفرت.. انشغلت بالعبث بأصابعها.. قالت بصوت متردد: لا أحب الكلام عن ذلك.. أريد إنهاءه بصمت..
سكت لحظات..: هلا نظرتِ إلي؟
كأن يسألها.. لم يكن يأمرها.. وهذا كان غريبا.. رفعت عينيها عليه ببطء.. لم تحب أنها كانت ضعيفة.. لم تكن تضع عليها درعها.. كانت سهلة الوصول.. لم يكن لقاء أمها شيئا سهلا..
تابع بصوت يتأرجح بين الصرامة والمحاباة: ليس هناك شيء لا نستطيع الكلام عنه.. لقد مزقتِ بطني بسكين منذ يومين.. هل يبدو الكلام عن زيارة أمكِ أصعب من هذا؟ -تنهد- سأوصلكِ.. إذا لم ترغبي بأن أقوم أنا بأخذكِ من هناك، لا بأس.. سأترك السائق ينتظرك.. فهمتِ؟
لم تقل شيئا، لحظات واستدركت لتهمس بصوت خافت: فهمت..
طبطب على وجنتها بخفة: أحسنتِ..
قطبت حاجبيها بضيق ولم تتحرك حتى سحب يده عنها.. عادت للتحديق في النافذة.. لقد كانت متعبة.. متعبة من مقاومته ومحاربته.. هي تفهم أنها يجب أن تستسلم.. لقد فهمته منذ سنين.. ومارسته سنين أكثر، لقد كان حملها بفارس الشيء الوحيد الذي جعلها تتمرد، الشيء الذي أعاد لها نفسها، وحولها بعد سنين طويلة من كونها خادمة، ولعبة، وغرضا، إلى إنسان، إلى شيء حقيقي.
إلا أنها تعبت.. كانت تلك الدائرة لا نهائية.. وهي سئمت من الدوران خلالها.. كان عليها أن تستسلم.. وتتركه يفوز، مرة وإلى الأبد.. كل هذا فهمته بعد رجائها له أن يتركها ولا يؤذيها.. فهمت أنه أقوى.. وسيظل أقوى مهما فعلت..
توقفت السيارة بعد صمت طويل.. تحركت لتنزل.. قال بهدوء: هل تريدين أن آتي معكِ؟
: لا.
: هل تريدين مني شيئا آخر؟
: لا.. لا يا يوسف..
يتحول إلى شخصٍ مراعٍ فجأة.. هذا هراء.. نزلت من السيارة.. حرك يوسف السيارة ذاهبا رغم عادته أن لا يبتعد حتى تغيب عن ناظريه.. هذا كان جزءا من شخصيته المراعية الظريفة أيضا..
قرعت الجرس وسحبت نفسا عميقا.. لن يكون هذا سهلا.. تعرف ذلك..
كانت قد فحصت جدول أمها اليومي مسبقا.. لم تكن أمها شخصا عاديا.. إنها مصممة أزياء شهيرة، وكان روتينها سهل الاكتشاف.. كانت تعرف أنها موجودة في البيت ذلك الوقت.. لم تكن ستغامر بالمجيء عشوائيا.. ليس كأنها تملك الكثير من الشجاعة لتكرار الرحلة..
فتح الباب أخيرا.. كانت خادمةً حدقت بها بتساؤل..
قالت بهدوء: هلا أخبرتِ السيدة أسماء أن ابنتها هنا لرؤيتها؟
قطبت الخادمة حاجبيها.. هي تعرف ابنتيها.. وهذه لم تكن يوما احداهما..
أرشدتها لغرفة الاستقبال ثم ذهبت.. بقيت منال واقفة بتوتر.. أشغلت نفسها بتأمل المكان المحاط بالنوافذ الضخمة، حتى سمعت صوت خطوات.. سحبت نفسا ثم ثبتت عينيها على القادم بثبات..
دخلت أمها.. كانت تبدو باردة.. ملامحها مخلوطة ببعض القسوة.. مدت يدها مصافحةً إياها بشكل جاف.. كان هذا مضحكا بالنسبة لمنال، انها تفهم جيدا ماذا يحدث هنا.. إن أمها تخشى أن تكون هذه زيارة "لنحضن بعضنا يا أمي الحبيبة". أو زيارة تحميلها شيئا من اللوم، أو مشاعر من أي شكل.. كان هذا فعلا ظن أسماء.. إلا أنها فهمت خطأها منذ اللحظات الأولى من خلال تحديقها في عيني ابنتها.. لم تكن عيناها باردتين أو غاضبتين أو حتى قاسيتين.. كانتا فارغتين.. لم تر شيئا، ولا أي شعور.. وكان هذا غير متوقع، رغم انها لاحظت شبح احتقار في عيني منال.. جلست الاثنتان.. لحظات صمت قصيرة، كان المكان هادئا جدا، لا صوت إلا مكيف الهواء.. وحركة الأشجار في الخارج كانت واضحة من خلال ظلها المنعكس على المكان.. كان هذا قبل أن تبدأ منال بصوت مسترسل وهادئ: لن أطيل عليكِ.. أعتذر على المجيء دون موعد مسبق.. لدي بعض الأسئلة فقط، وسوف لن أزعجكِ بعدها..
كانت هذه مقدمة صلبة، وأيضا غير متوقعة، كانت شخصية منال مختلفة عن ما توقعته أسماء.. قالت لها بصوت لا نغمة له: لابأس، تفضلي..
: أريد أن أعرف التفاصيل بشأن ولادتي، لقد كنتِ متزوجة وقتها، وليس من أبي، لقد حملتِ بي بعد انفصالكما بمدة طويلة.. إذا لم ترغبي بي، لماذا لم تجهضيني؟ كيف أنجبت من الأساس فيما كنتما لاعلاقة لكما ولا بادنى الاشكال.. -سحبت نفسا- أنا لا أسأل بدافع الفضول.. إن من حقي معرفة هذا.. هل تتفهمين؟
هزت أمها رأسها بتفهم.. قالت بهدوء: لقد تزوجت من هاشم في سن صغيرة، أجبرني أبي على ذلك.. أنجبت بعد زواجنا بسنة، ظلت علاقتنا متوترة ثم انفصلنا.. التقيت بوالدكِ بعدها بعدة سنوات، أحببنا بعضنا وتزوجنا، وساعدني على الاعتناء بأختكِ هند واتفقنا أننا لسنا بحاجة للإنجاب مجددا.. ولكن -تنهدت- لم يكن أبوكِ شخصا جيدا يا منال.. لم يكن كذلك إلا بعدما ولدتِ.. لقد كان يحاول بناء ثروته، كان متوحشا.. قام بتدبير حادث للتخلص من زوجة منافسه، وبهذا احتكر السوق.. أنتِ تعرفين هذه القصة..
تنهدت منال بضيق.. تعرف هذه القصة بالتأكيد.. تابعت أمها: أنا لن أسعى لتلميع والدكِ في عينكِ.. أظنكِ تحملين من الضغينة ضده مايكفي.. لقد كان ذا ميول مريضة، انفصلنا بعد أن عرفتُ أنه كان يتحرش بابن منافسه ذاك.. ورغم ذلك، لقد كان انفصالا في غاية الصعوبة، لقد أحببنا بعضنا رغم كل شيء، وكنت أحبه بجنون..
كانت منال تستمع بتركيز.. لقد تعطشت لهذه المعلومات طيلة حياتها.. شعرت دائما أنها ناقصة.. أن جزءا منها كان مفقودا..
: عدتُ لهاشم بعدها بفترة.. كنت ألتقي به باستمرار بسبب زياراته لهند.. لقد أصلحنا ماكان بيننا وتزوجنا مجددا..
بعد ذلك بسنين، التقيت بأبيكِ مرة عن طريق المصادفة في بيت أحد الأصدقاء المشتركين.. لقد فقدنا السيطرة تماما يا منال.. كانت عواطفنا تنفجر.. لقد مارسنا الجنس في بيت ذلك الرجل.. لم نفكر بأي شيء.. -تنهدت- كان هذا خطئي الأكبر، لقد خنت زوجي، وأنجبت طفلة لا شأن لها بكل هذه المعمعة..
سكتت للحظات.. ثم تابعت بصوت أهدأ: قد تعتقدين أنني لامسؤولة، لا أعرف بم تفكرين تحديدا ولا أظن أن رأيكِ بي سيغير شيئا أو سيتغير.. لكنني لم أكن كذلك، لقد كنت تحت ضغط هائل.. عندما عرفت أنني حامل، كان قبولكِ يعني التضحية بزوجي وبأبنائي جميعا.. لم يكن هذا منطقيا.. لقد حاولت إجهاضكِ بجميع الطرق ولم أنجح.. اضطررت للتوقف بعدها.. أخبرت هاشم أنني سأسافر إلى والديّ بسبب مرض أبي.. ورفضت عرضه للمجيء معي.. عشت وحدي حتى أنجبتكِ.. وفي المستشفى، بعد إنجابكِ بيوم واحد، سلمتكِ لأبيكِ وغادرت.. لم يكن لدي خيار آخر.. كان هذا حلي الوحيد.. لقد اعتنى بكِ والدكِ منذ أن كان عمركِ يوما واحدا، أربعا وعشرين ساعة بالضبط..
سكتت منال لحظات ليبرمج عقلها الخطوة التالية.. لم يكن يبدو عليها التأثر.. كانت ثابتة وجامدة.. قالت بذات النبرة الهادئة: هل كنتِ تعلمين أن أحمد تركني عند يوسف؟ هل أخبركِ وقتها؟
تنهدت أسماء بتوتر.. كانت هذه لحظة قاطعة.. قالت بهدوء: نعم.. لقد أخبرني.. وطلب مني أخذكِ.. ولكنني لم أوافق..
كورت منال يدها فوق يدها الأخرى.. لكنها لم تظهر أي انفعال.. قالت بجدية: كيف لم تفكري في الأمر، كونكِ تعرفين أنه تركني عند الشخص ذاته الذي قام هو بقتل أمه، واغتصابه؟
تحمحمت أسماء.. قالت بجدية: كانت عندي حياةٌ يا منال.. كان لدي أطفال وزوج.. ورغم أنه وقتها كان يعرف بوجودك، كنت قد صارحته بذلك، إلا أنه لم يكن ليقبل بوجودكِ تحت سقفه.. كان هذا مستحيلا.. لو أنني فضلتك يامنال، لجاءني أحد أبنائي اليوم ليخوض معي هذه المحادثة بدلا منكِ..
ابتسمت منال للمرة الأولى..: تعرفين أن هذا ليس صحيحا.. لم تكن مساعدتي شيئا مستحيلا.. إنكِ فضلت البقاء بعيدا عن المشاكل فحسب..
زفرت أسماء..: قد يكون هذا صحيحا.. ولكن ذلك اليوسف كان يحقد على والدك حقدا جنونيا.. كان قد استغل حالة والدك وقتها واضطراره للرحيل كي ينتقم منه عن طريقك، كونك الشيء الوحيد الذي يحبه ابوك حبا مهولا. لو تدخلتُ لطالني اذى يوسف كذلك. كان مصمما على الحصول عليك. ولم يكن سيسمح ان يمنعه شيء.
ساد الصمت لفترة.. لم تكن منال قد اكتفت.. كانت تريد شيئا لاتعرفه..
رفعت عينيها على أسماء حين قالت بهدوء: أنتِ صرتِ أما.. ولهذا.. أفترض أنكِ لن تتفهمي مافعلت.. أنتِ تظنين أن التفريط بالابن جريمة مهما كان.. ولا تتصورين التخلي عن ابنك، ألست محقة؟
قالت منال بصوت قاطع: بالتأكيد..
ابتسمت: إنني لست مثلكِ.. يامنال.. إنني لا أملك هذا النوع من الشعور.. إننا لم نرتبط يوما، لم تكن لدي رغبة في إنجابك، ولم أكن أريدكِ بعد ذلك.. لقد كان هذا شيئا لا إراديا.. إن الإنسان لا يتحكم بشعوره.. أليس هذا صحيحا؟ حدقت منال للحظات قبل أن تجيب بنبرة هادئة: صحيح.. إن الإنسان لا يتحكم بشعوره، لكنه أيضا لا يسمح له بتوجيهه.. إنني، يا أسماء، حتى لو لم أحب ابني، إنني لن أتخلى عنه بشكل أو بآخر، سواءً لإنسان خيّر أو شرير..
كانت إجابة أسماء شيئا غير متوقع..: تظنين هذا وتقولينه لنفسكِ.. لكنكِ إن وجدتِ نفسكِ في ظرفٍ يجعلكِ تفعلين هذا، ستفعلينه.. إنكِ تشبهينني يا منال.. يمكنني رؤية هذا خلال عينيكِ.. إنكِ لم تظهري شعورا أو انفعالا واضحا خلال هذه الجلسة رغم ثقلها وشدتها.. إنك قاسية، مثلي، مثلي تماما.
كان هذا صادما بعض الشيء.. اتسعت عينا منال للحظات قبل أن تستدرك: لستُ مثلكِ، ولن أكون.. مطلقا..
تنهدت..: أتمنى ذلك.. أتمنى لكِ كل الخير يامنال..
صمت قصير ثم نهضت منال قائلة بهدوء: شكرا على وقتكِ.. أعتذر مجددا على إزعاجكِ..
ابتسمت ابتسامة خفيفة: من الجيد أننا تعارفنا..
كانت منال على وشك أن تقول أن هذا لم يكن تعارفا، إنما كان لقاءً أولا وأخيرا.. لكن كلامها قطع برؤية فتاة تقاربها عمرا تدخل الغرفة محيية بمرح سائلة عن هوية الضيفة..
ابتسمت أسماء بتوتر..: زهرة.. هذه منال..
اتسعت عينا زهرة للحظات.. حدقت بمنال التي كانت توجه لها النظرات الفارغة ذاتها.. قبل أن تنطق، كانت منال تودعهم بكلمات باردة ثم تنسحب مغادرة المكان..
خرجت وعيناها تبحث بسرعة عن السيارة، لاتريد شيئا سوى الابتعاد عن هذا المكان.. لقد تعطشت دوما لهذه المعلومات، طيلة عمرها، وعندما عرفتها وجدت انها لم تفدها بشيء الا انها اعلمتها بمدى انانية كل هؤلاء المسوخ الموجودين في حياتها..
قطبت حاجبيها بانزعاج حين رأته بانتظارها داخل سيارته.. إنه لم يترك لها السائق كما وعد.. عضت على شفتيها واتجهت نحو السيارة.. فتحت الباب، انحنت دون أن تركب وصرخت بعصبية: هل كان صعبا جدا أن تتركني أعود وحدي إلى المنزل اللعين؟
رفع حاجبيه وحدق بها ببرود.. سحبت نفسا عميقا.. رمت نفسها على الكرسي وأغلقت الباب، أغمضت عينيها وقالت بصوت متماسك: أعتذر.. اعتبرني لم أقل شيئا..
لم تكن تتحمل إيذاءه الآن.. كانت مضطرة لتمالك أعصابها حتى تتخلص منه..
لم ينطق.. حرك السيارة مبتعدا عن المكان.. أسندت رأسها على الكرسي محاولة أن لا تفكر.. كانت ضائعة ومتعبة.. لماذا لم تكن لها حياة عادية مثل أي إنسان آخر؟ أم وأب وإخوة، مشاكل روتينية وشجار على الملابس والمصروف؟
كانت وحيدة، وحدة خانقة، تلك الوحدة التي لاطاقة لها بها..
فتحت عينيها ببطء حين توقفت السيارة أسرع مما ظنت.. تنهدت.. لقد أوقف السيارة مجددا في مكان خالٍ مرتفع يطل على باقي المدينة.. كيف سينتهي هذا؟
نزل من السيارة.. كان هذا غريبا.. التف لجهتها.. فتح بابها ومد يده بصمت لها.. لم تكن لها حيلة، ناولته يدها باستسلام ونزلت.. سحبها بخفة، أسندها على مقدمة السيارة.. تأملت المدينة بصمت ساحبة نفسا عميقا..: ماذا نفعل هنا؟
أفلت يدها ووقف بجانبها، واجهها ثم قال بهدوء: انظري إلي..
التفتت إليه.. لم تكن تعرف ماذا يريد تحديدا.. إلا أنها علمت، لم يكن شيئا سيئا.. لقد كانت في عينيه نظرة يندر أن تراها.. حين تلمع عيونه بشيء ما من أجلها..
بعد هذا التحديق القصير كان يتكلم مجددا: لستِ بخير..
خفضت عينيها عنه سريعا.. أحست أنها مكشوفة.. أنه يدخل إليها من خلال عينيها..
مرر يده بخفة على وجنتها: لستُ بحاجة للنظر إليكِ كي أفهمكِ.. لا تشيحي عني..
رفعت عينيها إليه مجددا فيما مسح بإبهامه خدها: إنكِ لم تبالي بأمكِ يوما.. لقد عنى أبوكِ شيئا.. لكن أمكِ لم تفعل.. ماذا حصل في الداخل كي تتأثري هكذا؟
بلعت ريقها باضطراب..: لا أريد الكلام عن هذا..
تنهد وأبعد كفه عنها: كما تريدين.. استرخِ..
ابتسمت بسخرية: أنا لا أسترخي في وجودك..
قطبت حاجبيها حين اقترب منها.. وقف أمامها وأسند كفيه على السيارة حاصرا اياها بينهما..
قبل أن تنطق كان يقبل شفتيها بنعومة.. كورت كفيها وقبلته.. دلكت كفه وجنتها وشعرها ورقبتها.. همس: ماذا عن هذا.. هل استرخيتِ؟
وضعت كفها على صدره محاولة إبعاده: يوسف.. ليس الآن.. من فضلك..
أمسك بكفها وخفضها..: شششش.. استسلمي لي.. أعدكِ أنكِ لن تندمي..
ارتجفت فيما حطت كفاه على خاصرتيها وشفتاه على رقبتها.. انزلقت يده مدلكةً نحو فخذها.. ثم بين فخذيها.. احتدت أنفاسها.. أسندت جبينها على كتفه وقبضت على قميصه من ظهره وهمست بتعب وسط أنفاسها: لماذا تفعل هذا..
: اشششش.. تفاعلي معي.. أغمضي عينيكِ وانسي كل شيء.. اشعري.. اشعري بلمستي يا منال..
كان يدلك بين فخذيها بحركة خبيرة، قبل أن تنزلق يده تحت بنطالها.. دلكت كفه الأخرى ثديها فيما قبل شفتيها..
دفنت وجهها في رقبته وتأوهت حين نجح في إشعالها.. تحرك جسمها تفاعلا معه وشدت نفسها باتجاهه.. لحظات وأمسكت يدها معصمه وهمست وسط أنفاسها المتلاحقة: دعنا نفعل هذا بالشكل الصحيح..
لم يفهم قبل أن تمد يدها وتفتح بحركة مستعجلة حزام بنطاله.. ابتسم وسحبها معه إلى السيارة.. دفعها برقة في المقعد الخلفي وانحنى فوقها.. سحبت قميصه باتجاهها وقبلته بشغف.. كانت ضائعة ووحيدة، وبحاجة شديدة لشيء ما.. أي شيء.. حتى لو كان جنسيا..
ازدادت حرارة تدليكه لمنطقتها، غرقا في قبل حارة، سحبت بنطاله بنفاد صبر فيما قبل شفتيها بشهوة.. اطلقت آهة حين أحست به في داخلها.. كانت أنفاس كل منهما حارة وسريعة، أمسكت وجنتيه بكفيها ودلكتهما.. فيما تحرك بخشونة فوقها..
حين انتهيا ارتميا جالسين بتعب على المقعد.. بالكاد يتنفسان.. رأسها مسند على كتفه وذراعه تحيط بوسطها..
فترة صمت غير قصيرة التقطا خلالها أنفاسهما.. انسلت من بين يديه وخرجت من السيارة.. أعادت تهذيب ملابسها واستندت على السيارة مطلقة نفسا متعبا..
سحب نفسا عميقا وربط حزامه ورتب هندامه وخرج من السيارة.. وقف بجانبها مرة أخرى.. كانت تقضم أظافرها بضيق متأملة.. مد يده وسحب يدها وخفضها بخفة.. زفرت بملل.. قال بهدوء: عادةً تهدئين بعد أن نفعل ذلك..
سحبت نفسا.. قالت بتعب: لقد هدأت بالفعل.. وهذه هي المشكلة..
قطب حاجبيه بعدم فهم.. تابعت بضيق: إنك تحولني إليك.. إنك تحولني لشخص يلجأ للجنس كي يحل مشاكله.. يلجأ للمتع الخيالية، يحدث نافورة هرمونات أو يحقن نفسه بشيء غبي كي يهدأ. أنا لا أريد أن أكون مثلك. ولا أريد أن ألجأ لك كي أهدأ. أنا لست بحاجة لكل هذا.
سكت لحظات.. قال بهدوء: إنكِ متصلبة جدا بشأني.. الجميع، الجميع يلجأ للجنس كي يهدأ يامنال. إنني لم أحولكِ إلي، أنني فعلت معكِ مايفعله أي إنسانين. مشكلتكِ ليست في الممارسة نفسها، أنتِ تكرهين أنها معي فحسب..
تمتمت: هذا ليس صحيحا.. أنت.. أنت مدمن.. وتريد جعلي كذلك..
تنهد وعادت له ذكرى قديمة..
=
لازالت مراهقة.. ورغم ذلك، صار الجنس روتينا في حياتها.. اعتادت عليه، ولسوء حظها أدمنته..
رغم الألم النفسي الشديد في كل مرة، لكنها أدمنته!
كان قد خرج للتو من الحمام عاري الصدر.. رمى نفسه على السرير وهو يدخن.. والذي كانت عليه هي بدورها.. لا يغطيها إلا تيشيرته الواسع..
رمت هاتفها والتفتت إليه.. بلعت ريقها وهي تشعر بكل شيء في جسمها يغلي.. هذه أول مرة تشعر أنها تريده.. كان يأخذها إجبارا في كل مرة.. لكن هذه المرة، هذه المرة بعد مرورها بيوم قاسٍ وصعب، هي تريده..!
كانت دقائق من الصراع مع الذات قبل أن تنهض ضاربة بكل شيء عرض الحائط.. اتسعت عيونه بصدمة حين انحنت فوقه.. يداها مستندتان عند جانبي جسمه.. ووجهها مقابل وجهه مباشرة..
سحبت السيجارة من يده ورمتها في المطفأة بجانبه قبل أن تنحني وتقبل شفتيه بشغف.. قبلة طويلة جاراها فيها دون أن يتحرك أو ينبس ببنت شفة.. رفعت نفسها قليلا لتلتقط أنفاسها.. التقت عيونهما، شعرت بشيء يمزقها حين ابتسم ابتسامة جانبية.. كانت ابتسامة النجاح.. لقد نجح.. لقد حصل عليها..!
لم تنطق.. أغمضت عينيها وانزلقت يدها خلال بنطاله إلى بين فخذيه.. هذه المرة حرك كفه ودلك رقبتها.. خفضها نحوه وهمس في أذنها: أنتِ طالبة نجيبة..
كانت منشغلة جدا لتهتم بما قاله.. كانت تقبله بشهوة.. تدلك عضوه في الوقت الذي كانت يداه على وركيها.. همست حين انزلقت يده بين فخذيها: لا تتوقف..
سمعت الابتسامة بين أنفاسه المتلاحقة: لن أفعل.. أبدا..
=
كان كل منهما يذكر ذلك اليوم جيدا.. من بعد ذلك اليوم، لم يعد الجنس خاصا به وحده.. وصارت هي رغم سنها الصغير تلجأ إليه أيضا كلما شعرت بالضغط..
قال بهدوء: ما السيء في هذا؟ ما الخطأ في أن تخففي ضغوطك عن طريق الجنس.. إنه شيء صحي، مريح، وأنا متوفر دائما..
سمعت السخرية في آخر جملة.. قالت من بين أسنانها: أليست المشكلة أنك متوفر دائما؟
ابتسم ابتسامة خفيفة: إنكِ ستفتقدينني لو لم أعد متوفرا..
غمغمت: أليست هذه المشكلة الثانية؟
تنهد وسكت لحظات قبل أن يقول بصوت شديد الهدوء: أنا لا أريد إزعاجكِ.. دعينا لا نتشاجر.. أريدكِ أن تكوني مرتاحة..
سكتت.. لقد ظهر يوسف الملائكي مجددا.. لم يكن وجوده يريحها.. إنه يجعلها تميل إليه وتستند عليه.. ثم يختفي فجأة.. يتركها تهوي نحو نسخته الشيطانية.. هذه الدائرة كانت ترهقها بشكل فظيع..
أحاط كتفيها بذراعه.. أرخت جسمها باستسلام وأسندت كتفها على جسمه.. تأملت حركة المدينة اللانهائية فيما دلك هو كتفها بنعومة..
قالت بشرود: حين قلت لها أنتي يستحيل أن أترك فارس.. قالت أنني أشبهها..
قبل أن تدرك، كان يحيطها بذراعيه.. هزم دفؤه رعشة البرد في جسمها، وفي قلبها..
أسندت جبينها على كتفه باستسلام.. حين مسح على رأسها بنعومة أفلتت منها شهقة..
همس بصوت هادئ: أنتِ قوية جدا.. أقوى مما تتصورين.. ولكنكِ لا تشبهينها.. ولا تشبهينني.. أنتِ لاتشبهين أحدا.. أنتِ خليطكِ الفريد.. عليكِ أن تعي هذا.. إن هذا الخليط المذهل هو ما يجعلني لا أفلتكِ أبدا.. هو ما يجبرني على الإمساك بك بجنون.. قدّري قيمتكِ.. يامنال..
رغم كل شيء فعله، رغم غسله لدماغها وبرمجته لها على أنها أقل، وأضعف، رغم إقناعه لها بتبعيتها له، كان دائما يقول لها أنها مختلفة.. أنها مميزة.. أنها بشكل أو بآخر جديرة بالاحترام.. كان هذا تناقضا كبيرا، لكن كلمته عنت لها شيئا في كل مرة..
أفلتها بخفة، قبل جبينها وركب السيارة.. زفرت.. ألقت نظرة على المدينة ثم تبعته.. ركبت بصمت.. حرك السيارة عائدا إلى المنزل، أوصلها ثم غادر دون أن ينطق أي منهما بكلمة..
__

يومٌ لا نهايةَ لهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن