١٢٦

1.1K 52 49
                                    

أغلق حاسبه المحمول حين وصلا.. زفر بتوتر وهو يرمق المنزل العملاق الذي يقام فيه الحفل، والذي كان في الواقع حفلا خيريا لجمع التبرعات لأجل مصلحةٍ ما.. لم يكن يوسف مستعدا للقاء حسام.. كان خائفا، وكان وجود منال حوله يمده بشيء من الأمان الذي يحتاجه.
نزلا، كان الثلج يتساقط ببطء، والأرض بدأت تغطى بسجادة رقيقة من البياض الناصع. التضادّ الساحر بين ظلام الليل، بياض الثلج، لمعان القمر وأضواء المنزل الكبير كان ساحرا وكئيبا.
انحنت منال نحو السيارة لتسحب معطفها حين لسعها البرد.. أوقفتها قبضته على معصمها.. نظرت إليه بتساؤل، حدّق بها بجمود: لا، لن ترتدي شيئا، أريد أن أراكِ ترتعشين بردا اليوم.
بلعت ريقها وأبعدت عينيها عنه حالا محاولة الهروب من الخوف الحاد الذي طغى عليها.. لم يكن هذا جديدا، كان يعشق منعها من التدفؤ، إنها واحدة من ألعابه المفضلة.. ولكن، ليس في مثل هذا الجو، ليس وسط الثلج.
سحبت نفسا عميقا.. لا بأس، فهما سيدخلان المنزل الدافئ خلال دقائق. تمتمت باستسلام: كما تشاء.
انكمشت حين أحاط خصرها بذراعه وشدّها نحوه: يمكنكِ أن تتدفئي بي.
التصقت به مجبرة، كان محقا، كانت تبحث باستماتة عن الدفء في جسده، بينما كوّرت كفيها اللذين ازرقا لفرط البرد، وضمتهما إليها.

عقد حاجبيه، أفلت خصرها ودفع وجنتها ليجبرها على النظر إليه..
أربكتها الحركة المفاجئة.. قال وهو يدرس ملامحها بتفحص: ماذا بكِ؟ أنتِ مضطربة أكثر من المعتاد، منذ خرجنا.
سحبت نفسا عميقا وقالت بهدوء: كلا.. أنا بخير..
رفع حاجبيه وحدق بها بنظرة باردة.. كاذبة، يعرفها جيدا.
قال بصوت جاد: تماسكي يا منال، أنا بحاجة لأن تكوني أنتِ الأقوى اليوم.
أبعدت عينيها عن عينيه بضيق.. ياله من طلب غير عادل.
: انظري إلي.
عقدت حاجبيها ورفعت عينيها عليه مضطرة من جديد.. انعقدت نظراته بنظراتها لوهلة، ورأت في عينيه فراغا مخيفا.. فكرت.. إن انعدام الشعور في عينيه يرعبها، وكأنها تحدق في ثقب أسود سحيق.
بالنسبة ليوسف، لم يكن فعلا دون شعور، ولكنه كان في مزاجٍ قاسٍ. كان يبحث في عينيها عن الخوف كي يهدأ قليلا.. فهو حول أبيه، ولهذا، يجب أن يحس بالقوة، يجب أن يسحق منال. في الوقت ذاته، كانت عاطفته متأججة، إنه يريد قربها وعاطفتها حوله.
قال ببرود: استعدي، لن تكون ليلة سهلة، ليس هنا، وليس حين نعود إلى المنزل.
تنهدت.. سحبت نفسا عميقا وقالت بصوت هامس: حاضر.

ظهر بعض الرضى على وجهه ولعق شفتيه بلذة، لقد فهمت جيدا مزاجه، واختارت الكلمة الصحيحة لإرضائه.
دلك خصرها ثم التصق بها، مرر كفه على وجنتها قبل أن يقبّل شفتيها قبلةً طويلة وبطيئة.. أبعد شفتيه عن شفتيها قليلا، ولكنهما ظلتا متلامستين: تثيرينني للغاية حين تكونين مطيعةً.. سنستمتع كثيراً بعد الحفل.
احتدت أنفاسها ولم تعلق.. أرادت فقط أن يتحركا إلى الداخل قبل أن تموت بردا.. قبّل جبينها بخفة ثم ابتعد، وشدّ ذراعه حول خصرها مجددا قبل أن يتقدما إلى المدخل.

يومٌ لا نهايةَ لهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن