وقفت منال أمام باب بيت أبيها.. كانت تحس بتعب شديد، وكانت تحس أن رأسها ممتلئ بالأفكار لدرجة فظيعة. كل ما أرادته كان أن تنام. أن تنام وتنسى كل مايحصل.
رفعت يدها وأجبرت نفسها على ضرب الجرس.. ضغطته مرة ومرتين بنفاد صبر.. بعد لحظات كان أخوها خالد يفتح الباب لها بوجه منقبض.
قطب حاجبيه حين رآها، لم يكن وجودها متوقعا..
: ماذا تفعلين هنا؟
تنهدت..: أريد أن أتكلم معكما. هل يمكنني الدخول؟
هز كتفيه وفتح الباب لها مفسحا الطريق.. تبعته إلى غرفة المعيشة، وجدت البقية هناك.. كانت لينا في حضن أختها تراقب التلفاز.
انزعجت منال من بقائهم وحدهم.. تساءلت لمَ لم يبق معهم أحد من عائلتهم.
لم يكن لأحمد إخوة، ولا والدان. ولكن ابتسام كانت لها عائلة وكانوا عادةً حسب ماسمعت من أحمد موجودين حولهم. ولكن الكل كان في الجنازة وقتها، ولا تعرف لماذا لم يفكروا بمصاحبة أبناء أحمد الذين بدوا ثلاثتهم في حالة سيئة.ألقت التحية بهدوء.. قفزت لينا من حضن أختها منفعلة: منال!!
ركضت نحوها وعانقتها غير مهتمة برأي أخويها بالمسألة.. ابتسمت منال بصعوبة، جلست لمستواها وعانقتها هي الأخرى.. بدت لها لينا غير مدركة تماما لما يحصل.. تنهدت وتساءلت إن كان عليها فعلا اصطحابها إلى الجنازة أم لا.. ولكنها كانت تعرف أن ذلك ضروري ولو كان قاسيا.
قالت بلطف للينا وهي تمسح على شعرها: سنذهب معا إلى أمكِ. اذهبي وضعي حذاءيك.. اتفقنا؟
هزت لينا رأسها بالموافقة قبل أن تتساءل: ولكن، إلى أين؟
ترددت منال لحظات قبل أن تقول: سأخبركِ بعد أن تجهزي. هيا.
ركضت لينا إلى غرفتها.. استقامت منال من جديد لتجد أخويها يحدقان بها ببرود.. وسمعت السؤال الذي توقعته من أخيها: لماذا ستأخذينها؟ ومن أعطاكِ الإذن؟
لم يكن لها مزاج للتعامل مع كراهيتهما لها، على الإطلاق. كما كانت تعرف أن موقفهما صعب للغاية مثلها. لم ترد أن تتشاجر. قررت أن تقطع النقاش وتكون مباشِرة..
قالت بهدوء، بصرامة مع ذلك: أخذت الإذن من أمكما. سآخذها، وأنتما، ستأتيان معي كذلك، الآن.
امتعض الاثنان كما توقعت.. قالت أختها، داليا: لن نأتي. وليس لكِ أن تتكلمي بهذا الأسلوب.
تأملت منال أختها، لم تكن تبدو بخير.. وجهها أصفر، والصدمة واضحة عليها.
نقلت بصرها بينها وبين خالد قبل أن تقول بجدية: أنتم الثلاثة ستذهبون معي الآن إلى الجنازة. أعرف أن علاقتكما معه كانت سيئة، وأعرف أنكما غاضبان عليه. إذا لم تأتوا معي، إذا لم تروه لآخر مرة، سيظل هذا الغضب يأكلكما لبقية حياتكما. ستأتيان معي، ستفرغان هناك أي شعور تشعران به تجاهه، وستشكرانني لاحقا بدلا من أن تندما حتى تموتا. انتهى النقاش. لنذهب.
ساد الصمت لحظات، بدا لها أن غضب الاثنين عليها ذاب مباشرة. عرفت أنهما كذلك ليسا في مزاج ليفكرا بمثل تلك الأمور، عرفت أيضا أنها أقنعتهما.
قُطع الصمت بخطوات لينا السريعة، والتي نظرت ببراءة لمنال: هل نذهب؟ أريد أن أرى ماما.
أمسكت منال بيد لينا، ثم نظرت إلى أخويها وقالت بلهجة لاتقبل الجدال: هيا بنا!
تبادل الاثنان نظرة.. وعلى عكس ماتوقعت منال، كانت داليا الأسبق بالمبادرة، حيث نهضت بهدوء، أمسكت بكف لينا الحرة ومشت نحو الباب مع منال.
زفر خالد الذي كان واقفا يراقب الموقف بصمت، وخرج معهم، ليركب الأربعة في سيارة منال بصمت كامل.
أنت تقرأ
يومٌ لا نهايةَ له
Romanceتعيش منال منذ طفولتها مع الوحش.. الوحش، والعائلة الوحيدة. هذه القصة محض خيال، ولا تشابه بينها وبين الواقع. فضلا، لا تنقل هذه القصة أو تنشرها في أي مكان. لا ينصح بقراءة القصة لمن هم دون ١٨ عاما. *مهم: لا تروج هذه القصة لأي شكل من أشكال العنف، وإنما...