ظل يوسف يتأمل أحمد لدقائق.. كان يحاول السيطرة على شعور الضعف الذي كان يعصر معدته.
تململ أحمد قائلا ببعض الحدة: ماذا تريد؟
مرر يوسف كفه على رقبته.. فكر.. ليس عليه أن يظهر ضعفه، ولكنه مضطر لذلك إن أراد فعلا أن يتجاوز فكرة الانتقام إلى الأبد.
قال بهدوء: علي أن أتكلم معك عن الماضي قبل أن تموتَ. ستكون مشكلةً لو متَّ دون أن يحصل هذا.
أجاب أحمد بجدية: لا تتفاءل، لن أموت وأترك منال معك، صدقني.
ابتسم يوسف بسخرية: ياللظرافة، ما الفرق الذي يشكله وجودك؟ فمنال معي على كل حال سواء كنت هنا أو تتعفن تحت الأرض.
ظهر الاشمئزاز على أحمد.. قال بقرف: أنتَ لا تتغير يايوسف، لطالما كنتَ هكذا، حقودا عالقا في ماضيك. سيكون عليك أن تتجاوزه في نقطةٍ ما، عندها ستتوقف عن كونك مثيرا للشفقة إلى هذه الدرجة.
أغمض يوسف عينيه محاولا أن يتماسك.. لقد جاء لحديث سلميّ ولكن الدفة تحاولت تماما عن ما أراد. قال من بين أسنانه حين عجز عن تمالك نفسه، رغم علمه أنه سيبدو أكثر إثارة للشفقة ما إن ينطق: لم كنتَ تكرهني؟
سكت أحمد متفاجئا من السؤال، ومن الشفافية التي كانت فيه.. صارت ملامحه أكثر برودا.. قال بلا اهتمام: أكرهك؟ لم أكن أكرهك يايوسف، بل لم أكن أحس بأي شيء تجاهك، لقد كنتَ المعنى الحرفي للا شيء بالنسبة لي..
ارتعش يوسف، وتذكر قول منال له، حين قالت أنه كان يتوق لمحبة أحمد في طفولته..
غمغم مضطربا: لماذا كنتَ.. إذن.. لماذا قد تـ.. إذا لم تكن تكرهني؟
هز أحمد كتفيه بوقاحة: لأنني رغبتُ بذلك. لقد كانت شهوة.. أو لعبةً. لقد قضينا وقتا ممتعا.
دلك يوسف جبينه بعصبية وهو يحس بالعالم يتفتت من حوله.. قال بحقد: اسمع، أنا لم آتِ للشجار. لماذا لايمكنك أن تتصرف بأخلاق؟ وهل من مصلحتك استفزازي وأنت تعرف أنني عائد للبيت الذي فيه ابنتك؟
تنهد أحمد بضيق حين تذكر منال، وفكر لحظات قبل أن يجيب: لقد وصلتُ لقناعةٍ، أن ما يحصل بيننا لا ينعكس على علاقتك معها. أنت ستؤذيها على أية حال لأنك مريض وبائس.عض يوسف فمه من الداخل وهو يحدق بأحمد بكره شديد.. تصور نفسه ينهض ويخنقه حتى يقتله.. تصور نفسه يمسك سكينا ويطعنه في كل جسمه قبل أن يغرسها أخيرا في قلبه.. وتصور أنه يحرق جسمه بالنار عضوا عضوا حتى يتحول أمامه إلى جثة سوداء..
هز رأسه مفيقا من خيالاته الدموية.. سحب نفسا عميقا وهو يحس أن الضعف اختفى من داخله ليتحول لبركان من الحقد المطلق.. قرر أن ينسى المحادثة الغبية التي أراد إجراءها كي يصل للسلام النفسي، وأن يسلك بدلا عن ذلك سلوك أحمد ذاته.
ابتسم شبه ابتسامة، بدت ملامحه كملامح شخص مختل.. قال ببطء: فعلا؟ لو لم تكن أفعالك تنعكس عليها، هل كنتُ لأغتصبها حين عدتَ للبلاد أول مرة؟ حين كانت طفلة عمرها أربعة عشر عاما؟اتسعت عينا أحمد وتحشرجت أنفاسه داخل صدره.. لطالما عرف داخل نفسه أن يوسف أجبر منال على علاقتهما الجنسية، ولكنه أمِل دائما أن هذا على الأقل حصل حين كانت هي في عمر كبير.
صر على أسنانه وقال بصوت كالفحيح: أيها الملعون...
اتسعت ابتسامة يوسف وتسارعت نبضات قلبه ليتابع: هل تعرف؟ لقد فقدَت القدرة على الكلام عاما كاملا بعدها، لم تكن حتى تستطيع الصراخ والاستنجاد حين كنت أغتصبها بعدها خلال ذلك العام مرة تلو مرة. اخ.. كم كانت أياما لذيذة.
أصيب أحمد بالجنون، نهض من سريره صارخا بالشتائم نحو يوسف بحركة هستيرية ساحبا معه أجهزة القياس المتصلة بصدره لتسقط أرضا، تقدم من يوسف ليهاجمه، نهض يوسف هو الآخر وبسهولة بالغة دفع أحمد ليرميه أرضا.
سقط أحمد على الأرض، وضع يده على صدره متألما حيث كان جرحٌ إثر عمليته وشتم يوسف بصوت مخنوق.. انحنى إليه يوسف وجره من عنقه وهو يشدد قبضته عليها مستلذا بضعفه الشديد.. غمغم بعينين حمراوين مرعبتين: لولا وعدي لابنتك.. لجعلتك تذوق الويلات. لجعلتك تتمنى لو أنك لم تخلق أيها الدنيء السافل. سنلتقي في الجحيم أيها العجوز العفن.
أنت تقرأ
يومٌ لا نهايةَ له
Romanceتعيش منال منذ طفولتها مع الوحش.. الوحش، والعائلة الوحيدة. هذه القصة محض خيال، ولا تشابه بينها وبين الواقع. فضلا، لا تنقل هذه القصة أو تنشرها في أي مكان. لا ينصح بقراءة القصة لمن هم دون ١٨ عاما. *مهم: لا تروج هذه القصة لأي شكل من أشكال العنف، وإنما...