بوجه جامد للغاية، كالصخر، وقف يوسف في مكتب مدير المدرسة.
كان في الغرفة المدير، ورئيسة فرقة إطفاء الحرائق التي جاءت للمدرسة، وضابط شرطة، بالإضافة ليوسف ومنال، وفارس الجالس على مقعد، منكمشا وصامتا تماما.: كما تريان، لقد أطفأنا الحريق وسيطرنا عليه تماما وأخلينا المدرسة كليا. لقد أكل الحريق أكثر من ربع المدرسة. ليست هناك خسائر بشرية حتى الآن، ولكن سبعة عشر شخصا موجودون في المستشفى إثر الاختناق بسبب الدخان. وكما قلتُ مسبقا، إن فارس هو الذي أشعل الحريق عمدا، ولقد اختار النقطة الأكثر حيوية في المدرسة، أي منطقة الكافتيريا، كي يشعله. لقد فعل هذا عن قصد، بحسب اعترافه هو.
كان يوسف يجز على أسنانه وهو يعبث بخاتم الزواج في بنصره بحركة عصبية.. قال من بين أسنانه: ليس هذا ما سيُقال للصحافة المجتمعة في الخارج، ولأي إنسان خارج هذه الغرفة. لقد كان الحريق حادثا، هذا هو الشيء الوحيد الذي ستقولانه -ركز نظره على المدير ثم على رئيسة فرقة الإطفاء- هل تفهمان؟ حادث! إنه حادث.
أجاب الضابط بانزعاج: أخشى أن المسألة ليست بهذه البساطة يا أستاذ يوسف. إن مافعله ابنك جريمة، وحتى لو كان طفلا، لا يمكننا تجاهل الأمر عالمين أن فارس خطرٌ على غيره. من الواضح أن فارس طفلٌ معتلّ نفسيا، هذه ليست حادثة العنف الأولى له، ويجب أن تُعالَج هذه المسألة، وأن لا يُطلَق فارس في المجتمع هكذا دون أن نتأك-
قُطع كلام الضابط حين تقدمت منال منه وقالت بوحشية: معتل؟ كيف تجرؤ يا هذا؟ أنت من يقول هذا عن ابني أيها الفاشل النكرة؟
لم تتحمل منال أن يتلفظ ذلك المخلوق على ابنها.. لم تتحمل أن يدعوه بالمعتل أيا كان ما فعله.
أجاب الضابط ببرود: أعتذر منكِ يا سيدتي، ولكن الواقع شيءٌ واضح. إن هذه الجريمة لا تصدر عن طفلٍ سليم. هذا الطفلُ يجب أن يحاكَم ويُحبَس، لا أن-من جديد قطع كلامه حين هاجمه يوسف بعينين حمراوين وتعبير مرعب على وجهه، جذبه من ياقة قميصه وغمغم: اسمعني يا هذا.. إنك تتمادى.. إن المسألة بهذه البساطة.. إنها أبسط مسألةٍ على الإطلاق. لا تجعلني أهاتف أشخاصا سيجعلونك بلا عملٍ منذ الغد وحتى تموت. هل تفهم؟ هل تعي ما أقول يا حضرة الضابط؟ لن يظهر اسم ابني لا في التقارير، ولا في المحاضر، ولا في الصحافة. أقسم أنني سأجعلك تندم، ليس فقط على فعلتك، بل ستندم لأنك وُلدت، لأنك موجود في هذا العالم. -صرخ- هل هذا واضح؟؟؟
تأملت منال حالة يوسف الجنونية بصمت وتجنبت أن تضيف.. لم يكن هناك داع لتدخلها أكثر.
لقد خرج يوسف عن طوره، وأخذ يعامل غيره بطريقةٍ ليست من أخلاقه ولا عادته. الواضح أن ذلك الموقف كان أكبر منه بكثير. ولم تكن هي منزعجةً من تصرفاته، كان ذلك الضابط يزعجها بكلامه عن فارس، وأرادت أن تراه يُسكَت ويهان.
كانت تعرف، لو كان اسم فارس موجودا فعلا في هذه الحادثة عندما تنشر للعامة، سيكون كل مستقبله عرضةً للخطر. لن تقبله مدرسةٌ ولا جامعة، وسيكون منبوذا لبقية حياته. ولهذا لم يكن يوسف مستعدا للمساومة بخصوص ذلك الموضوع.
أنت تقرأ
يومٌ لا نهايةَ له
Roman d'amourتعيش منال منذ طفولتها مع الوحش.. الوحش، والعائلة الوحيدة. هذه القصة محض خيال، ولا تشابه بينها وبين الواقع. فضلا، لا تنقل هذه القصة أو تنشرها في أي مكان. لا ينصح بقراءة القصة لمن هم دون ١٨ عاما. *مهم: لا تروج هذه القصة لأي شكل من أشكال العنف، وإنما...