كانت هي مرتخية مستسلمة لقبلاته ولمساته.. غارقة في بؤس شديد.. كانت دائما تمر بهذا الشعور بعد ان ينتهكها بتلك الطريقة.. لم يكن شيئا جديدا..
كما انها مرت بأسوأ من ذلك بكثير على الصعيد الجسدي والنفسي.. ولكنها مع ذلك كانت تحس ان هذه المشاعر من اسوا مامرت به من قبل.
انها تدرك ان هذه ستكون حياتها مهما حاولت.. ومهما بحثت عن حل.. ومهما ادعى يوسف انه سيتغير.. ومهما اتفقا واختلفا.. لن يقاوم يوسف نزواته الجنسية.. سيظل مدمنا على اغتصابها وعلى رؤيتها تتالم.. انها لن تنسى ضربه العنيف لها في السابق قبل الجنس لمجرد رغبته في رؤية المها.. كان ذلك يثيره.
ايقظتها حركته من افكارها.. انه ينهض. لم تتحرك وراقبت ذهابه الى الحمام.. ارادت ان تنهض هي الاخرى ولكنها شعرت انها لا تملك ذرة من الطاقة. بقيت مستلقية بلا شعور.. بعد فترة خرج ملتفا بمنشفة.. القى نظرة عليها.. لازالت في مكانها.. تنهد.. ارتدى ثيابه وتجهز للخروج ثم اتجه اليها.. هذه المرة هي تحدق به بعينين فارغتين..
جلس الى جانبها.. مسح على شعرها.. لم تبد ردة فعل.. احست باصابعه تدلك رأسها.. قال بهدوء: ساذهب الى العمل. -سحب نفسا- انتِ اثمن شيء في حياتي. اتمنى ان تدركي هذا.
لا رد. تنهد، قبل جبينها ونهض مغادرا المكان شاعرا بضيق شديد. النظرة اليائسة القانطة على وجهها تلاحقه. إنه لا يريد أن يراها هكذا.. ولا يريد ان يكون السبب في ذلك.. ومع هذا.. انه يعرف انه لا يمكنه تمالك نفسه.. حين تثيره الى هذه الدرجة ستكون هذه هي النتيجة. ليس هذا شيئا يمكنه السيطرة عليه.
خرج من المنزل.. بقيت هي مرتخية فوق السرير.. كانت تريد ان تنهض ولا تجد في نفسها الطاقة لذلك.. اغمضت عينيها بتعب ونامت..—
فتحت عينيها والقت نظرة على الساعة.. انه وقت عودة فارس من المدرسة.. تمنت لو تنسى كل شيء وتنام حتى الغد.. ولكنها كانت قد قطعت على نفسها عهدا ان لاتسمح لفارس ان يحس بكآبتها او بتعبها.. لقد جعلته يعاني بما فيه الكفاية.. ولن تفعل به اكثر من ذلك..
نهضت بتثاقل، استحمت وانشغلت بتجهيز الغداء له. لم تكن تعد الغداء، بل تستلمه من الطباخة الخاصة بهم وتجهز المائدة فحسب.
فيما كانت منشغلة بالتجهيز سمعت صوت الباب.. لحظات وكان فارس يقفز ويعانقها.. سحبت نفسا عميقا وهي تبادله العناق.. دخل يوسف.. تنهدت.. قبل شفتيها بنعومة: كيف حالك؟
لاحظت انه يتجنب النظر الى عينيها.. ابتسمت بصعوبة: بخير.. كيف حالك انت؟
: بخير. ساخرج مرة اخرى الى العمل، اردت فقط ان اراكِ.
اجابت محافظة على ابتسامتها الصفراء: حسنا فعلت.
قبل وجنتها وودع فارس قبل ان يخرج متحاشيا مبادلتها النظرات.
كانت تعرف انه منزعج مما فعل. ومع ذلك كان من الجيد انه دخل مع فارس ولم يكتف بايصاله، لقد فعل كي يكون افضل قدوة لفارس، وكي يريه انهما على وفاق، اراحها ذلك التصرف.
ذهب فارس ليغتسل وعاد بعد دقائق.. جلسا يأكلان.. بدا على فارس الشرود..
: فيم تفكر؟
اجاب بتردد: انت وبابا تبدوان بحال جيدة.
ابتسمت: هذا صحيح. ولم لا نكون؟
تنهد بكآبة: الم تذهبي من قبل بسبب مشاكلكما؟ ماذا لو تشاجرتما مرة اخرى؟
: لن نتشاجر يا فارس. كما ترى، نحن باحسن حال. وحتى لو تشاجرنا سنتفاهم ونحل المشكلة، ولن يذهب اي منا لأي مكان. حسنا؟ ثق بي يا فارس.
ابتسم محاولا ان يقنع نفسه: حسنا.
انشغلا بالحديث بامور اخرى، ومجددا حرصت على تكريس يومها لفارس. رافقته في انشطته وذاكرت معه ثم اصطحبته مساء ليلعب حيث كان متحمسا لتجربة سيارتها الجديدة.. تعشيا في الخارج ثم عادا الى المنزل.. كان يوسف في المنزل بالفعل حين عادا.. وكالعادة، عاملته منال بودية كبيرة، وبالغت في ذلك هذه المرة كي تقنع فارس ان يطمئن.
: يجب ان نحممك الان يا فارس.
تنهد فارس بكسل: ولكنني نعسان.
: وانا كذلك يافارس، علينا ان نستحم مع ذلك.
نهض يوسف وقال بهدوء: دعيني انا احمم فارس وانتِ استريحي. -التفت الى فارس- ما رأيك؟
ابتسم بتردد: حسنا.
لاحظا انه توقف عن المعارضة مباشرة. صحيح انه يحب والده ولكنه كان يرهبه لجموده الدائم، ولا يرتاح لمناقشته كما مع امه.
قبلت منال فارس قبل ان يذهبا الى الحمام. كانت تريد ان ترتاح فعلا. كما انها ارادت ان يقضيا وقتا معا.
احست انها ستواجه صعوبة في النوم اليوم.. اخذت علبة حبوب يوسف المنومة وابتلعت منها اثنتين غير عالمة ان المفعول فوري، متوقعة انه سيستغرق فترة. لحظات وغفت دون ان تشعر.
بعد ان استحم فارس تركه يوسف ليرتدي ثيابه.. خرج فارس باحثا عن امه كي تقرأ له وقت نومه كما اعتاد.. تنهد بضيق حين رآها نائمة. اقترب منها وهمس محاولا ايقاظها.. لا فائدة..
خرج يوسف بعد فترة من غرفته متسائلا عن مكانها.. قطب حاجبيه حين رآها نائمة ورأى فارس جالسا على الكنبة المجاورة ضاما ساقيه اليه محدقا في التلفاز.
: فارس! لماذا لم تنم بعد؟ لقد تأخر الوقت!
اجاب فارس بصوت مخنوق: لا يمكنني النوم دون ماما.
انزعج يوسف.. نظر الى منال.. كانت نائمة بعمق غريب ليس من عادتها.. لاحظ مباشرة تغيّر مكان حبوبه.. تنهد وقال بهدوء: نم دونها هذه المرة يافارس. انها متعبة.
تلعثم فارس بالبكاء: لا استطيع النوم دون ان تقرأ لي!
مص يوسف شفته.. انه ليس معتادا على المحاباة.. قال بلطف: لقد اخذت ماما دواء سيجعلها تنام بعمق لمدة. لن تشعر بك حتى الصباح. ولهذا لا معنى لانتظارك.
هز كتفيه: اذا سانام هنا.
تنهد يوسف.. هذا التعلق المرضي يجيب ان يسيطر عليه..
: لا يمكنك ان تنام هنا.. انها لن تطير.. اذهب ونم في غرفتك.
: لا استطيع. لا اريد.
تمالك يوسف اعصابه محاولا ان يتذكر نصائح منال الدائمة.. ان يترك الاوامر الجامدة ويحرص على تبرير الاسباب وشرحها..
قال بهدوء: لقد كبرت يافارس.. لا يمكنك ان تتصرف بدلال هكذا.. ستأتي ايام تنشغل فيها امك وعليك ان تستطيع التصرف وقتها حتى لاتقلقها عليك وتمنعها من ممارسة حياتها. هل تفهم ما اقول؟
اجاب فارس بصوت خافت: انا اعرف هذا.
: اذن هيا.. الى غرفتك.
هز فارس رأسه بالنفي ولم يتحرك.. صر يوسف على اسنانه.. قبض يديه وبسطها.. قال بهدوء: افعل ماتريد.. لكنك ستعاقب. انس التلفاز والخروج من المنزل لمدة اسبوعين.
تحرك مغادرا دون ان ينتظر جوابا ودخل الى غرفته. بعد عشر دقائق سمع صوت حركة الباب.. لم يكن قد اغلقه عن آخره ولكنه كان قد اغلق النور تاركا اضاءة ضعيفة ونام. احس بحركة فارس ثم بثقله فوق السرير.. اغمض عينيه متظاهرا انه غفى.. تحرك فارس بهدوء ودفن نفسه في حضن ابيه واغمض عينيه.. تنهد يوسف.. لقد فعل فارس هذا رغم كل الحواجز التي يبنيها بينهما.. هذا يعني انه بحاجة ماسة للعاطفة.. لاحظ انه كان يحاول السيطرة على بكائه.. زفر ورفع الغطاء ليغطي كليهما.. احاطه بيده ومسح على شعره.. كانت هذه اول مرة يعانقه فيها في حياته او يعبر له عن العاطفة الجسدية باي شكل.. التصق به فارس اكثر شاعرا براحة كبيرة ونام..
أنت تقرأ
يومٌ لا نهايةَ له
Romanceتعيش منال منذ طفولتها مع الوحش.. الوحش، والعائلة الوحيدة. هذه القصة محض خيال، ولا تشابه بينها وبين الواقع. فضلا، لا تنقل هذه القصة أو تنشرها في أي مكان. لا ينصح بقراءة القصة لمن هم دون ١٨ عاما. *مهم: لا تروج هذه القصة لأي شكل من أشكال العنف، وإنما...