قضى يوسف وقتا غير قصير محاولا أن يستجمع قوته النفسية.. نوبة البكاء غير المتوقعة طالت أكثر مما يجب، ووجد نفسه في نهاية الأمر بعيون حمراء منتفخة وأنفاس متقطعة.
سحب نفسا عميقا ومسح عينيه مرة أخيرة منزعجا من فقدانه السيطرة هكذا.. وضع العصفور الخشبي في كيسه بحرص، وأخذ الصورة ليضعها في محفظته.
ترك الرسالة برفق في الصندوق كذلك وأغلقه محاولا أن يبعد كومة الذكريات هذه عنه.
استرخى مجددا على الكنبة وأشعل سيجارة وشرد في تفكير عميق، متسائلا عن خطوته القادمة.بعد كل هذا الضغط النفسي، كان احتياجه للجنس هو الفكرة الأولى في باله، ولكنه لم يكن يريد أن يخون ذكرى أمه بتلك الطريقة، أحس بأنه وبشكل ما يكره نفسه أكثر بكثير لأنه لا يصل لتوقعاتها.
كان يفكر؛ لقد تركت أمه في داخله بذرة، وترك حسام داخله بذرة، وقد قرر هو أن يسقي وينمي ما تركه حسام في داخله، وهذا لا يعني أنه لم يملك خيار الفطرة السويّة التي زرعتها أمه في داخله، حتى لو كان قد فقدها مبكرا.ضغط بسبابته وإبهامه على عينيه وفكر من جديد، ولكن، كيف يكون هذا خطؤه؟ إنه لم يكن الشخص الذي رسم المعاناة لنفسه. لقد حبسه أحمد في تلك الغرفة حبسا انفراديا أفقده كل إحساس بالحياة والواقع، واعتدى عليه اعتداء جعل الجنس جزءا مقززا من تكوينه وبنائه النفسي والجسدي. فكر يوسف، لم يكن هو من اختار هذا لنفسه، لم يكن هو من خلق هذا الإدمان، لم يختر أن يتحكم به الجنس ويقود تصرفاته.
جز يوسف على أسنانه ثم نهر نفسه، لم يكن يحب ذلك الجانب من عقله، الجانب الذي يتعاطف مع نفسه أكثر مما يجب، ويبرر له أفعاله. الجانب الذي يقول له أنه قد عانى كفاية، وأنه قد حان الوقت ليمنح نفسه ما يريد. لقد حان الوقت ليحس بالقوة والسيطرة التي فقدها طيلة حياته.. لماذا سيحرم نفسه الآن بعد أن تحرر أخيرا من المجانين الذين حطموا طفولته؟
نهض يوسف من مكانه وهو يجز على أسنانه بعصبية.. خطا حول الغرفة جيئة وذهابا منزعجا من ذلك الصراع.. كل هذا لأنه كان يتعطش للجنس الآن، ويتعطش لإيذاء هديل.
رمى نظرة على الانتفاخ بين فخذيه وأغمض عينيه بغضب.. لا أحد سيفهم الوحش المحاصر في داخله إلا إذا كان شخصا قد جرب ما جربه هو. وكان يوسف يعرف جيدا أن الناس الذين عانوا معاناته هو على هذه الأرض معدودون وقليلون.لقد علّم أحمد يوسف أن يستعمل الجنس لكل شيء.. للتواصل، للشعور، للتفوق والسيطرة، للأذى، وحتى للحب. لقد تربى يوسف على أن يكون مقيدا، وعلى أن يكره نفسه ويزدريها، والآن بعد أن تجاوز تلك القيود أخيرا وأحس بالحرية، لم يكن يعرف إلا السيطرة والقوة طريقةً كي لا يحس بالكراهية تجاه ذاته مجددا.
أغمض يوسف عينيه حين تذكر واحدة من ألعاب أحمد المفضلة. لقد كان يترك في غرفته مرآة عملاقةً، تقارب حجم الجدار بطوله. مما كان يجبر يوسف على تأمل نفسه لساعات طويلة.
على تأمّل جسمه العاري الذي كان ممنوعا عن تغطيته، وعلى تأمل نفسه وهو يجبَر على الممارسات الفردية، وعلى تأمل ساقيه المقيدتين إلى بعضهما، وأخيرا على تأمل وجهه المكسور وملامحه المفجوعة الذاهلة.
أنت تقرأ
يومٌ لا نهايةَ له
Romansتعيش منال منذ طفولتها مع الوحش.. الوحش، والعائلة الوحيدة. هذه القصة محض خيال، ولا تشابه بينها وبين الواقع. فضلا، لا تنقل هذه القصة أو تنشرها في أي مكان. لا ينصح بقراءة القصة لمن هم دون ١٨ عاما. *مهم: لا تروج هذه القصة لأي شكل من أشكال العنف، وإنما...