ترك المنزل. كان متنغّصا جدا وهو يتذكر ملامحها، الانكسار في عينيها.. صرخاتها المكتومة وتعبها.. وانهيارها.. صحيح أنّه يؤذيها.. وصحيحٌ أنّه ينفس عن غضبه بذلك، ولكنه لا يحبّ رؤيتها متأذّية.. رغم أنّه هو من يؤذيها.. ولكنه لا يحبّ ذلك فعلا!
أنهى عمله وذهب إلى بيت والده.. كان والده وزوجة أبيه وأبناؤهم يعيشون في ذلك المنزل.
لم يكن يطيق ذلك المنزل ولا ساكنيه.. علاقته مع أغلب إخوانه سيئة، سطحيّة مع بعضهم وعدائية مع البعض الآخر، بينما كانت فظيعة مع زوجة والده.
تظاهر بالانسجام مع عائلته خلال العشاء لأهمية الضيوف التجارية، شاعرا أنه ينفجر في داخله. انتهت طاقته وانسحب بعد مدة معتذرًا بأنّ عليه الذهاب..
لحق به والده عند باب حديقة المنزل.
: إلى أين؟
: إلى منزلي.
كانا يقفان متواجهين.. بطنُه كالعادة يدور حين يتعلق الأمر بوالده.. يشعر باضطراب وخوف واشمئزاز وبمشاعر كثيرة لا يطيقها.. ولكنه يخفيها وراء برود ثلجي.
قال والده بحدّة: كيف تقول للصحفيّ اننا لا نخطط لدخول مشروع مشترك؟ هل ستستمرّ في الإساءة لي علانيةً هكذا؟
ضغط على أسنانه وشعر بتقزز وهو يرى نظرات أبيه المحتقرة.. قال بجفاء: قلتُ الحقيقة، أنا لا أخطط لفعل شيء معك.
احتدّ صوته أكثر: هل تمزح؟ لقد أعلنتُ مسبقا عن مشروعنا المشترك! هذا ليس خيارًا لك.
: لا يهمّني ما تعلنه دون أن تشاورني فيه. لقد جنيتَ على نفسك.
كان والده ينظر إليه بنظرات شعر أنها تكويه..: هل تعرف؟ أفكّر دائما أنه لم يكن يفترض بنا إنجابك. كم كانت الأمور لتصبح أسهل لو قتلناك حين كنت في بطن أمك.
بلع ريقه وهو يشعر بالعبارة الأخيرة تستنفد كل قدرات تحمّله.
انسحب مغادرًا دون أن يعطي جوابًا.. هو فعلا يتساءل عن السبب الذي يجعل والده لا يطيقه هكذا، فمنذ أن كان طفلا وهو لا يتحمّله.
ضغط على أسنانه والجملة تتكرر في ذهنه: " كم كانت الأمور لتصبح أسهل لو قتلناك حين كنت في بطن أمك"عاد إلى البيت متعبا وثائرا وبحاجة لتفريغ طاقته السلبية هذه ثم للنوم في حضن دافئ..
كانت هي خلال غيابه بعد أن أفاقت، رتبت المكان.. واستحمّت.. لم ترتدِ شيئا سوى قميص واسع فوق ملابسها الداخلية السفلية.. كلّ لمسة على جروح ظهرها تقتلها من الألم..
كانت جالسة بتعب في الصّالة وسط الإنارة الخافتة حين سمعت صوت الباب.. لم تكن مجنونة لتقوم بأيّ شيء يغضبه مرة أخرى. لم تكن تتحمّل حتى لمسة.. خصوصا بعد أن عرفت أنه ذاهب إلى بيت والده، هذا يكفي كي تعرف أنه سيعود بحالٍ سيئة.
نهضت بتثاقل وهي تضغط على أسنانها من الألم القاتل في ظهرها.. حين اتّجهت إلى المدخل.. في اللحظة التي لمحته فيها كان يمسكها بخشونة ويدفعها على الجدار بقوّة ثمّ يقف أمامها ملاصقًا لها ويقبّل شفتيها بحرارة وهو يمسك معصميها بقوّة ويلصقهما على الجدار مستندا عليهما عن جانبيها.
أغمضت عينيها وهي تشعر بظهرها كلّه يحترق بسبب حركتها السريعة واصطدامها بالجدار.. بادلته قبلته وهي تحاول أن لا تصرخ.. أخذ يضغط على معصميها ويزيد قبلاته حرارة.. لحظات وأمسك معصميها فوق رأسها بيدٍ واحدة وبدأ يمرّر يده الأخرى على فخذها ثم ينزلق بينهما.
عندما ابتعد لثوانٍ عن شفتيها همست بألمٍ شديد:ظهري.. أنت تؤلمني..
شعرت به يقترب منها أكثر ويلتصق بها ويضغط ظهرها على الجدار أكثر.. عضت على شفتها بيأس، إنه يتعمد إيلامها، لن تكون ليلة سهلة.
ضغطها على الجدار أكثر، احتدّت أنفاسها واحمرّ وجهها وتأوّهت بألم.. أخذ يقبّل رقبتها وهو يزيد عنفه تدريجيا.. ثمّ وجنتيها ثمّ شفتيها مرة أخرى.. لم يطل الأمر قبل أن يسحبها معه أثناء تقبيله لها إلى الغرفة.. كان ثائرًا ومتعبًا وغاضبا وكانت تستطيع الشعور بذلك من لمساته وأنفاسه.. كان يريد أن يتخلّص من هذه المشاعر عن طريقها.. هي التي تريحه دائما..
وصلا إلى السرير، دفعها عليه بخشونة وهو يخلع قميصه وبنطاله.. صرت على أسنانها بألم شديد حين اصطدم ظهرها بالسرير.. لحظات وكان هو فوقها، سحب الغطاء فوقهما.. قبلاتٌ هنا وهناك، يده تمرّ على جسدها، وتؤلمها باستمرار.. سحب ملابسها الدّاخلية.. قالت بصوتٍ مخنوق هامس من وسط أنفاسهما السّريعة: ليس الآن.. أرجوك.. ليس اليوم..
قطعها صوته وهو يهمس بأنفاس متلاحقة: أششش..
أغمضت عينيها وهي تشعر بأعصابها تنهار حين اخترقها.. وباللذة الإجبارية تبدأ بين ساقيها نتيجة حركاته.. لم يكن جسمها يملك طاقة لشيء كهذا، إن جسمها مدمر لدرجة أن لا يحتمل حتى المتعة.. فحتى النشوة الآن كانت عذابا.بعد حوالي نصف ساعة من العذاب بالنسبة لها.. ومن الغرق والمتعة بالنسبة له.. كان مستلقيًا على ظهره.. أنفاسه أهدأ.. كلاهما مسترخيان.. وهي بجواره.. يحيط كتفيها بذراعه ورأسها مسند على كتفه.. وكفّه تعبث بشعرها ببطء ونعومة..
كانت منكمشة ومتعبة.. ولكنها لم تجرؤ على قول شيء.. هذا الرّجل مجنون.. ويصبح أكثر جنونا بعد تعامله مع والده. يستمتع برؤيتها تعاني وتتألّم.
شعرت بحركته.. أسند رأسها بخفّة على الوسادة وحرّكها لتنام على بطنها.. قال بهمس: لا تتحرّكي..
لم تنطق.. راقبته وهو ينهض من مكانه عاريًا إلا من الشورت.. عاد بعد لحظات بحقيبة طبّية.. جلس بجوارها ورفع تيشيرتها عن ظهرها ببطء وتأمّله.. خريطة من الألوان والكدمات المرعبة، مع بعض الجروح التي تسرّبت قطراتٌ من الدّم منها.. تنهّد..
أخرج شاشًا ووضع عليه معقّم جروح.. ماإن لامس الشاش ظهرها حتى انتفضت وعصرت الوسادة بين كفّيها وصرخت صرخة مكتومة متألّمة.. قالت بتعب: توقف...
قال بهدوء: اهدئي.. تحمّلي قليلا.. يجب أن تعقّم هذه الجروح!
قالت بألم: لا أريد.. توقّف..
أجابها بصرامة: إيّاك أن تتحرّكي..
أخذ يمسح الجروح متجاهلًا ألمها المكتوم.. عضّت على المخدة بكلّ قوتها وعصرتها بين يديها حتى انتهى، وضع مرهمًا معالجًا وضمّد الجروح بالقطن واللاصق.. أنهى عمله بإتقان ثمّ أنزل التيشيرت بعد أن قبّل كتفها قبلة سريعة.. كانت تتنفّس بسرعة شديدة.. صُدم حين رأى وجهها غارقًا بالدموع. هي لا تبكي إلا نادرًا، وحين يرى دموعها، يدرك أنها فعلا وصلت لأقصى حدود تحمّلها، وأنّها تنهار.
سحبها من معصمها حتى أجلسها.. جلست وضمّت ساقيها إليها بتعب.. وجهها أصفر وعيونها غائرة ودموعها تتساقط بسرعة وشعرها متناثر حول وجهها بفوضى.
جلس بجوارها معاكسًا لاتّجاهها ثانيا ساقيه هو الآخر.. وضع كفّيه على وجنتيها.. أغمضت عينيها بخوف.. مسح دموعها بإبهاميه وهمس: لا تبكِ.. لا أحبّ رؤية دموعك..
سحبها وأسند جبينها على كتفه.. أراحته عليه وانخرطت في نوبة بكاء حادّة صامتة. لم يكن لها صوت ولم تكن حتى تتنفس بسرعة. كانت دموعها فقط تتساقط دون أي مؤشر آخر على أي إحساس، بينما كان هو يمسح على رأسها وكتفيها بحنان غريب.. كان متضايقا.. لا يحبّ رؤيتها هكذا حتى لو كان هو السبب.. وفي الحقيقة.. هو لم يكن يخطط لفعل كل هذا لها اليوم بعد عودته لأنه اكتفى بالجريمة التي فعلها قبل ذهابه. ولكنّ والده هو الذي جعله ينفجر.
هدأت بعد فترة.. لم تكن ستتحرّك ولم تكن ستبتعد عنه دون إذن.. أبعدها بلطف واضعًا كفّيه على وجنتيها.. قال بصدق: هل ستصدقينني لو قلتُ أنني أكره رؤيتكِ هكذا؟
ابتسمت ابتسامة ساخرة وقالت بصوت هادئ: نعم.. إن حالي ليست سيئة بمايكفي لترضيك.
قال معاتبا: تعلمين أنني لم أعنِ ذلك..
قالت بتعب: أنا لا أريد التعامل مع نزواتك الآن.. توقّف عن هذا.. لا طاقة لي..
تنهّد.. قال بصوتٍ هادئ: هل تريدين النّوم؟
هزّت رأسها بالإيجاب.. استلقيا وسحبها إلى حضنه..كان يمسح على رأسها بلطف بينما أسندت رأسها على صدره.. كانت متعبة وكان متعبًا.. وجد هو الأمان كعادته في حضنها، أما هي، فرغم أنّها كانت في أكثر الأوقات التي لا تطيقه فيها.. إلا أنها استندت عليه إذ أنها متعبة لدرجة أنها لا تهتم بشيء إلا بحاجتها لبعض الطمأنينة.. غفت خلال دقائق دون أن تفكّر بشيء.
أنت تقرأ
يومٌ لا نهايةَ له
Romanceتعيش منال منذ طفولتها مع الوحش.. الوحش، والعائلة الوحيدة. هذه القصة محض خيال، ولا تشابه بينها وبين الواقع. فضلا، لا تنقل هذه القصة أو تنشرها في أي مكان. لا ينصح بقراءة القصة لمن هم دون ١٨ عاما. *مهم: لا تروج هذه القصة لأي شكل من أشكال العنف، وإنما...