لمّا كان عندي 14 سنة ، تعبت تعب جامد ، معدتي مكانتش بتتحمَّل أي أكل ، أي حاجة باكلها كُنت بتقيأها علي طول ، بعد فترة الموضوع تطوَّر شوية و بقيت حتي المية مش بتحملها و بتقيأها ، الموضوع كان مُرعب جدًا
كُنت جعان جدًا و عطشان جدًا و مش قادر آكل و لا أشرب لأني مش هتحمل أي حاجة
والدتي في البداية إتهمتني بالتمثيل لأننا كُنا لسَّه واصلين مدينة جديدة و بدأت أروح مدرسة جديدة مفيش ليَّا أي أصحاب فيها ، إضطريت أروح المدرسة و لمّا رجعت و أكلت تقيأت كُل حاجة في معدتي لحَد العُُصارة و حسيت وقتها إن الموضوع مش بسيط فبدأت أعيط و طلبت منها إني محتاج أروح لدكتور لكن هيّ رفضت و أصرَّت إني بمثل
تاني يوم الصُبح لمّا جت تصحيني عشان أروح المدرسة و حست إني مش بتحرك ، لمستني و بمجرد ما لمستني شهقت بخوف ، درجة حرارتي كانت 40 تقريبًا ، ساعتها و بدون تردد حجزت ليّا ميعاد عند الدكتور ، ركبنا عربيتها و رحنا للدكتور
بعد شوية أسئلة و شوية فحوصات الدكتور شخَّص الموضوع علي إنه إلتهاب في الزايدة الدودية ، الدكتور قرر إني لازم أعمل العملية حالًا ، جهزوني للعملية و بسرعة دخلت أوضة العمليات و حطولي قناع التخدير و طلبوا مني أعِّد بشكل عكسي
10... 9 ... 8 ... 7
قبل ما أكمِّل عد لاحظت إن الأوضة مليانة خيالات سودا واقفة بتتفرَّج عليّا ، بصيت للدكتورة و قبل ما أعمل أي حاجة ، الدنيا إسودت تمامًا ... و نمت
.
تاني يوم بعد العملية بعتوني البيت و قالوا لماما إني هبقي كويس ، كُنت نايم في أوضتي بعاني من الحُمي و إرتفاع درجة حرارتي و كُل ما أنام أحلم بكابوس مُخيف ، كُل الكوابيس كانت بسبب الخيالات السودا اللي كانت معايا في أوضة العمليات
بعد 3 أيام كانت درجة حرارتي لسَّه 39 مش بتقل ، كُنت في أوضتي الضلمة تمامًا إلا من نور خافت جاي من شاشة اللاب توب ، كنت علي سريري بحاول أنام ، نمت شوية و بعدها صحيت علي صوت حركة في أوضتي ، فتحت عينيّا و أدام المكتب كان واقف ضل أسود ، كان طويل له إيدين شبه البني آدمين و عينيه لونها أصفر ، شكله كان متوتر
بصوت واطي و هادي بدأ يكلمني : " النور هيخرج قريب ... لازم تكون صاحي ، النور هيخرج قريب ... لازم تكون صاحي ، النور هيخرج قريب "
كان بيتحرك بقلق كأنه متوتر ، تقريبًا كان قلقان و عاوز يطمني إني المفروض مخافش منه و برغم كُل ده قلبي كان بيدق بخوف ، جسمي إترعش و بخوف صرخت و أنا بنده علي ماما
كُنت خايف ... كُنت مرعوب ... كُنت بتألم ... كُنت عرقان ... كُنت مش فاهم حاجة
ماما جت تجري و هيّ خايفة و لمّا دخلت الأوضة و شافتني حطت إيدها علي جبيني و إكتشفت إن درجة حرارتي عالية جدًا ، و بسرعة خدتي للعربية و رُحنا فورًا لقسم الطوارئ
.
لمّا قاسوا درجة حرارتي في الطوارئ كانت 41 تقريبًا ، وشي كان شاحب و مليان عرق ، كُنت حاسس بألم رهيب في معدتي ، ماما كانت بتصرَّخ فيهم إني محتاج للمساعدة و فورًا
الممرضة قاست درجة حرارتي تاني و كانت المرة دي 41.1 ، درجة حرارتي كانت بتزيد ، حطوني في كرسي متحرك و قالوا لماما إنها لازم تهتم بالأوراق و متجيش معانا
قلعوني هدومي و بدأوا يحطوا أكياس تلج حوالين جسمي عشان يقللوا درجة حرارتي شوية ، كنت حاسس إن ضربات قلبي بتبطأ شوية بشوية ، الضل الأسود واقف في ركن الأوضة بيبصلي بقلق و هوّ بيفرك إيديه ، كان بيترعش و هوّ بيهمش : " النور هيخرج قريب ... النور هيخرج قريب "
حقنوني بدوا عشان يساعد في إن درجة حرارتي تنزل شوية ، عملولي آشعة و فحوصات كتير جدًا عشان يعرفوا السبب لكن لحَد ما الدكتور وصل مكانوش لاقيين أي حاجة ، الطبيب أخد ماما علي جنب و بدأ يهمس لها بس أنا كُنت سامعه ، كان بيقولها : " هوّ بيحتضر للأسف ، مش عارفين السبب و مش قادرين نساعده "
الضل الأسود كان بيبصلي بقلق ، بيهمسلي بصوت مليان قلق : " النور هيخرج قريب أوي "
كُنت بردان ، جسمي ملفوف وسط التلج ، كُنت بترعش و حاسس إني بردان و برغم كده درجة حرارتي عالية و بعرق بشكل رهيب ، كُنت عاوز أغمض عينيا و أرتاح من الألم ، سمعته بيهمسلي : " إوعي تنام ، لو نمت النور هيخرج ! "
مكنتش قادر أقاوم ، غمضت عينيّا و فجأة حسيت براحة شديدة ، سمعت صوت " بييييييييييب " ، كان صوت الجهاز بيعلن عن توقف قلبي ، مش عارف إزاي سمعته بس أنا متأكد إني سمعته ، سمعت صوت الدكتور و الممرضات بيجروا عشان يدخلوا الأوضة ، سألني بقلق من ركن الأوضة : " هوّ إنت سامعني ؟؟ "
همستله بصوت واطي : " آه "
كانوا بيصعقوا جسمي و بدأت أحس بالألم تاني ، سمعت صوت الجراح بيهمس لماما : " لازم ندخل بيه أوضة العمليات حالًا و إلا هيموت ، الموضوع خطير و ممكن يستغرق ساعات طويلة ، هل تأذني لينا بده رسميًا ؟ "
بصيت لماما و أنا بتنفس ، قعدت جنبي و لمست إيدي و قالتلي : " لو عاوز تنام ... نام "
بصيتلها بخوف و قلتلها : " مش عاوز أنام يا ماما "
مسكت إيدي أوي و هيّ بتقولي : " الموضوع هيطول ، لازم تنام "
الضل كان واقف يبصلي و بيهمس بقلق مش طبيعي : " متنامش ... النور هيخرج قريب "
كُنت بموت و كُنت عارف إني بموت ، الممرضات خدوني و جروا بيّا ناحية أوضة العمليات ، كُنت هموت من شدة الألم ، الجراح إبتسم بتوتر و هوّ بيحاول يطمني و يقولي إني هكون كويس ، الضل الأسود كان واقف ورا الدكتور و هوّ بيصرخ بخوف : " بسرعة ... النور قرب يخرج !! "
بدأت أعد بشكل عكسي
10 ... 9 ... 8 ... 7
الضل الأسود كان بيبصلي بس المرة مكنتش خايف خالص
.
لمّا فقت كنت لسه بتألم ، في خرطوم خارج من معدتي ، جسمي كُله بيوجعني ،ريقي ناشف و دايخ ، في خرطوم تاني في بقي مانعني من الكلام ، الممرضة كانت بتراقبني و بتكتب حاجات في ورقة ، الضل واقف في الركن بيبصلي ، لمّا شافتني صحيت بدأت تكلمني بلطف : " إنت صحيت أخيرًا ... الحمد لله الدكتور قدر يلاقي المشكلة و يعالجها ... و في خلال أسابيع هتكون قادر تروَّح البيت بالسلامة ... عاوز تشوف والدتك ... إنت مش هتقدر تتكلم بس إرمش 3 مرات "
رمشت فعلًا فمشت عشان تنده لماما
خلال الأسبوعين اللي فضلت فيهم في المستشفي الضل كان موجود ، قاعد في الركن مش بيكلمني ، قاعد ساكتبيبصلي بقلق و بيفرك إيديه بعصبية
عرفت إني هخرج تاني يوم ، يعني ده كان آخر يوم ليّا في المستشفي ، بصيت للضل اللي كان بيراقبني و سألته: " لسه النور هيخرج قريب ؟ "
بصلي و إبتسم و قال : " لا مش هيخرج "
سألته : " هتفضل معايا و لا هتختفي ؟ "
رد بهدوء : " أنا دايمًا معاك و مش هسيبك ، بس مش هتشوفني إلا ما تحتاجني جدًا "
سألته : " كلمة النور دي معناها الروح ... صح ؟ "
هز راسه بالإيجاب
سألته : " هل كُل الناس معاها ضل زيك ؟ "
هز راسه بالنفي
طلبت منه يقعد جنبي لحد ما أنام و حسيت فعلا بتقل جسمه علي السرير و لمّا صحيت مكانش موجود و مشفتوش تاني من يومها ، دلوقتي أنا عندي 25 سنة
.
.
.
شرح القصةاللي بيحكي بيقول إن الموضوع حصله من 11 سنة و متكررش تاني ، غالبًا ده ملاكه الحارس ، ناس كتير أوي حكت عن ملاكها الحارس و يمكن أكتر موقف فاكره لمّا واحدة كتبت كومنت في بوست الجمعة من شهرين و قالت إن بنتها كانت هتموت لولا ملاكها الحارس صحاها عشان تنقذها في الوقت المناسب ، ناس كتير علي مستوي العالم مؤمنة بفكرة الملاك الحارس
الحاجة الغريبة إن الضل ده مظهرش له إلا في المستشفي بس زي ما يكون مرتبط بالمستشفي ، فيه حاجات كتير أوي ربنا خالقها حوالينا في الكون و لسه ما أذنش لينا إننا نعرفها أو نشوفها أو نكتشفها
بالمناسبة عشان الفضول هوّ بيقول إن المرض اللي كان عنده كان إلتهاب في قولونه و أكتر من خراج و لمّا شالوا الزايدة و أهملوا القولون الموضوع وصل لتعفن و تحلل ( دا اللي هو قاله )#بتاع_الرعب
#حدث_بالفعل
#قصص_حقيقية_حول_العالم