١١٥

1.6K 137 4
                                    

أقولكم 3 جُمل تقدر تحل أي خلاف وتتغلَّب على أي مُشكلة
" بحبك " ... " أنا آسف " ... " من فضلك ارجع البيت "
دول آخر 3 جُمل قالتهم لي جيمي!
لسَّه قادر أسمع الانفعال في صوتها، لسَّه سامع خوفها، لسَّه سامع صوت تنهيداتها من خلال سماعة تليفوني القديم المُمِل، قالت الجُملتين اللي في الأول بسُرعة، كأنها كانت عارفة إن الجُملتين دول هُمَّا الأهم، أنا آسفة ... أنا بحبك، كانت عارفة إنها لازم تقول الجُملتين دول، بس بعد ما قالتهم سكتت، إتنفست بعُمق، مش عارف كانت بتعيَّط ولا إيه، بس من وقتها ولحَد دلوقتي، أنا لسَّه بعيَّط
من فضلك ارجع البيت
.
جيمي عُمرها ما اهتمَّت بكلام الناس، أغلب الوقت كانت مُصابة بالاكتئاب، سقطت في سنتها الأولى في الكُليَّة، كانت بتكتب كلمات أغابي سوداوية على شُنطها، كانت بتلبس ملابس رجالي أغلب الوقت، كانت في صراع دائم مع الأساتذة والدكاترة، في صراع دائم مع والدتها، في صراع دائم مع أي وكُل سلطة حاول حد يفرضها عليها وهي مُراهقة، ورغم إنها شقراء، لكنها كانت بتصبُغ شعرها باللون الأسود، مش عشان شكلها كدا ألطف، لا عشان اللون الأسود بيساعدها على التمرُّد
أنا بقي كُنت عكسها تمامًا
كُنت بسمع كُل كلمة أهلي بيقولوهالي، درجاتي كانت عالية ومُرتفعة خوفًا من العقاب، صحيح مكُنتش شاطر في الرياضيات، الهندسة، والفيزياء، لكني كُنت بخاف من أهلي بشكل كافي لإني أذاكِر وأنجح، كُنت بشارك في نشاطات المدرسة، أهلي اللي إختارولي الكُلية والجامعة، أنا مكانش ليَّا أي قرار
لكن كُل دا إتغيَّر في اللحظة اللي إتقابلنا فيها
بدأنا نتقابل في السنة الأولى من دراستنا، لمَّا سقطنا ... بدأنا نبُص للموضوع بشكل جدي،في الترم التاني واحد من الدكاترة قالي إني كويس بس معنديش دافع، وأهلي قالولي إن تأثيرها سيء عليَّا، لكني مكُنتش مُهتَم بكلامهم، أنا بحبها، مفيش حاجة في العالم كُله أهم من جيمي، غضبها ومُعاناتها بقوا مسؤوليتي، محدش غيري هيقدر يحبها ويحتويها
إتخرجنا في مُنتصف صيف سنة 2018 بصعوبة
وفي شهر يوليو قررنا ننتقل ونعيش سوا
.
عشان نقدر نعيش، قررنا ندوَّر عبى شُغل، ولأن تقديراتنا في الكُلية كانت ضعيفة جدًا، ملقيناش غير وظائف سيئة بمُرتبات قُليلة
بعد شوية بدأت مشاكلنا تزيد
اتضح، ولسوء حظنا، إن مُرتبات إتنين زينا بيشتغلوا في وظائف سيئة بمُرتبات قُليلة بتكفيهم بالعافية يدفعوا إيجار شقتهم بالعافية، ديوننا والأقساط كانت بتتراكم وتزيد، إضطرينا ناخد سُلَف عشان نسد ديون قديمة، وقعنا في دوامة مش قادرين نتخلَّص منها
وبسُرعة جدًا جيمي رجعت تكتئب تاني
أتمنى لو إني إهتميت بيها أكتر في الوقت دا وأخدت بالي من العلامات
.
في صباح واحد من الأيام، جيمي لقتني قاعد على ترابيزة المطبخ قدامي طبق باكل منه، الساعة كانت 8 صباحًا، كُنت شايف قلة النوم باينة عليها، كُنت عارف إن الصباح دا هيكون صعب وقاسي، بدون كلام مشت ناحية البوتاجاز، بدأت تجهِّز الفطار ليَّا قبل ما أمشي، طلبت منها متعملش فطار
تجاهلتني، حطت الطبق أدامي وخدت الطبق الفاضي اللي خلصته، وسألتني سؤال غريب أوي
" عُمرك سألت نفسك إيه اللي هيحصل لو مُت؟ "
أنا عارف إنها لمَّا بتكتئب بتفكَّر في والدها المتوفي، ومهما قُلت مفيش حاجة هتخليها تتحسِّن، عشان كدا قررت أسكُت
لكن هي كملت
" أعتقد الموضوع مؤلم، أو على الأقل هيكون مؤلم في البداية، بس بعد كدا هتعوِّد، عارف ... هيكون كأنك ماشي في نفق طويل، في آخره بيت مليان بأصدقائك وحبايبك القُدام، بس ساعتها إنت مش هتكون مُضطر تسيبهم مرة تانية، مش هتكون مُضطر تشتغل مرة تانية، هتفضل معاهم للأبد، دي مش حاجة وحشة، صح؟ "
ابتسمت وهي بتصُب فنجان قهوة، وقبل ما تديهولي بدأت تعيَّط
" جيمي، أرجوكي، أنا مش ناقص، بلاش النهاردة "
كُنت بكره طريقتها دي، بكره العدمية دي، يمكن بسبب تعبي، أو ضائقتنا المادية، يمكن بسبب شُغلي المُرهِق، يمكن بسبب الضغوط المُتزايدة، مش عارف إيه السبب، بس أنا قررت أتجاهلها، وبتمنى لو إني معملتش دا
" صدقيني معنديش وقت للكلام دا، كُل حاجة بتبوظ، إحنا بنغرق، إحنا بنموت هنا، بنشتغل عدد ساعات أكتر من اللازم، يمكن بسبب الفواتير الكتير اللي مش قادر أدفعها، يمكن بسبب مفيش بإيدي حاجة أعملها فير إني أموِّت نفسي في الشُغل، متوقعة إيه بقي؟، إحنا بنحارب عشان نقدر نعيش "
ابتسمت بحُزن وهي بتراقبني باكل فطاري
بدأت تعيَّط بحُزن وهي بتقول من بين دموعها: " ماما قالتلي في يوم من الأيام كلمات بابا الأخيرة قبل ما يموت، كان عايز يتكلِّم معاها عن خبر جه في نشرة الأخبار، بس هي مكانش عندها وقت "
خبطت الترابيزة بإيدي بقوة
كملت: " أزمته القلبية جت بعد ساعة، في مكتبه، في شُغله "
مسكت كوب القهوة الفارغ وحطته في الحوض، خرجت أخدت الجاكيت بتاعها وراحت على شُغلها
" دي الحاجة اللي إنت عاوزها تكون آخر حاجة تقولهالي، إنك مش فاضيلي؟ "
قفلت الباب بقوة وهي بتمشي بسُرعة
ندهتلها من الشباك: " جيمي، لا ... أرجوكي بلاش كدا "
لكن هي مردتش عليَّا، سابتني ومشت
.
حسيت بالذنب بمُجرَّد خروجها، أنا كُنت وغد، كُنت وما زلت بلوم نفسي، كُنت عارف إن تعبي خلاص أتصرف بطريقة مش منطقية، كان المفروض أجيب لها ورد، أو أعزمها على العشا، كان لازم أدوَّر على طريقة تريحها وتبسطها، كان لازم أتكلِّم معاه
اتصلت بيها
ردَّت على تليفونها بسُرعة، بدون تفكير قُلت أول 3 جٌمل جٌم في دماغي: " أنا بحبك، أنا آسف، من فضلك ارجعي البيت "
ضحكت، كان باين إنها حزينة ولسَّه بتعيَّط، بس ضحكت
قالتلي من وسط دموعها: " إوعدني إننا لمَّا نتخانق دايمًا تفضل كدا "
" كدا إزاي؟ "
" زي ما إنت كدا، تقولي بحبك ... آسف ... من فضلك ارجعي البيت "
سكتت للحظات
وقُلتلها: " طيب، أنا بحبك، أنا آسف، من فضلك ارجعي البيت "
وهي فعلًا عملت كدا
.
يومها اشتغلت طول اليوم، نسيت المُشكلة تمامًا، عمومًا إحنا مش بنختلف كتير، زينا زي أي إتنين بيحبوا بعض، أحيانًا، بتكون المشاكل دي شيء صحي، أحيانًا بتكون المشاكل هي الشيء الوحيد اللي بيخلي العلاقة تستمر
لكن مكُنتش أعرف إن جيمي مش هترجع بالليل
يومها كان فيه عاصفة ثلجية، خبراء الأرصاد والطقس قالوا إن الموضوع كان مُفاجئ ومحدش توقعه، شُغل جيمي كان قُريِّب من الشاطئ، كانت خايفة من العاصفة فقررت تمشي بعربيتها بسُرعة على الطريق عشان توصل أكتر، للأسف فقدت السيطرة على عربيتها، كانت حادثة ضخمة، جيمي ماتت، ماتت قبل ما المسعفين يوصلوا لمكان الحادث
أكتر تجربة مؤلمة في حياتي
كانت لمَّا طلبوا مني أتعرَّف على الجُثة بنفسي
.
مقدرتش أتجاوز الأزمة
يومها روحت ورجعت قعدت في بيتنا، قضيت ليالي طويلة أوي في البيت، مُنعزل، رغم إني عارف إن دا مش أمر صحي، أهلي قالولي دا أكتر من مرة، أصحابي كمان كانوا بيقولوا دا باستمرار، بس هُمَّا مكانوش فاهمين، مكانوش فاهمين إني عايز أكون لوحدي، كُنت عاوز أكون مع جيمي، مكانوش يعرفوا السبب
الساعة 10 مساءً بالظبط تليفوني رن، المُكالمة دي غيرت اللي باقي من حياتي
لسَّه قادر أسمع الانفعال في صوتها، لسَّه سامع خوفها، لسَّه سامع صوت تنهيداتها من خلال سماعة تليفوني القديم المُمِل، قالت الجُملتين اللي في الأول بسُرعة، كأنها كانت عارفة إن الجُملتين دول هُمَّا الأهم، أنا آسفة ... أنا بحبك، كانت عارفة إنها لازم تقول الجُملتين دول، بس بعد ما قالتهم سكتت، إتنفست بعُمق، مش عارف كانت بتعيَّط ولا إيه، بس من وقتها ولحَد دلوقتي، أنا لسَّه بعيَّط
" أنا بحبك، أنا آسف، من فضلك ارجعي البيت "
.
جيمي بتتصل بيَّا كُل أسبوع، كُل يوم جُمعة الساعة 10 مساءً بالظبط، بقالها أكتر من شهرين، بقولها أنا بحبك ... أنا آسف
بس الجُملة الأخيرة مش قادر أقولها
جيمي ماتت
مش عارف لو قُلتلها من فضلك ارجعي البيت
إيه اللي مُمكِن يرجع!
.
.القصة النهاردة مؤثرة شوية، معلش أنا عارف إن قلبكم رهيف،
جيمي ماتت، في حادثة بشعة جدًا، يوم الجمعة الساعة 10 مساءً، في نفس الميعاد كُل أسبوع روحها بتتصل بزوجها عن طريق تليفونه القديم، بتترجاه يقولها الـ 3 كلمات، أنا بحبك ... ودي بيقدَر يقولها عادي، أنا آسف ... ودي برضه بيقدر يقولها عادي، من فضلك ارجعي البيت ... ودي مش بيقدر يقولها، وأنا عارف وعاذره، إيه اللي هيرجع له البيت، روحها؟ ... قرينها؟ ... طب ودا شرير ولا طيب، وأضمن منين إنه مش بيضحك عليه عشان ياخد منه إذن بدخول البيت وينتقم منه
فمعلش هنيجي على نفسنا ثواني كدا وننسي إن حبيبته ماتت وكل الكلام الجميل دا
ونركز في غرض قصة الرعب
إيه أو مين اللي بتصل بيه كُل أسبوع بحثًا عن إذن صريح وواضح لدخول البيت، وليه الإصرار دا كُله؟
أو فيه نظرية تانية أنا فكرت فيها، إن مفيش مُكالمات ولا حاجة، هو حاسِس بالذنب بسبب إنه ملحقش يعوَّضها وماتت زعلانة منها
فبالتالي عقله بيصورله إنها بتتصل
.
.
#بتاع_الرعب
#حدث_بالفعل
#قصص_حقيقية_حول_العالم

قصص رعبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن