156

1.2K 129 4
                                    

إزيكم..
أنا هنا عشان أحكيلكم شوية قصص وحاجات حصلتلي على مدار شُغلي كسائق شاحنة خلال الـ 15 سنة اللي فاتوا، حاليًا أنا عايش وبشتغل في الولايات المُتحدة الأمريكية، لكن أنا عشت واشتغلت مُعظم فترات حياتي في قارة أوروبا، بدأت شُغلي كسائق شاحنة لمّا كان عندي 18 سنة، يعني بمُجرَّد ما خلصت دراستي الثانوية
كُنت ناوي أخليها مهنة جانبية مش أساسية، لكن مش دا اللي حصل.. خلال أقل من سنة كُنت وقعت في حُب شُغلي، وفضلت أشتغل فعلًا في المهنة دي وتجاهلت خططي للدراسة الجامعية، لحَد ما لقيت فُرصة إني أروح أشتغل في الولايات المُتحدة الأمريكية، وطبعًا مكُنتش هضيَّع الفُرصة دي..
خلال الفترة اللي فاتت شُفت وخُضت مُغامرات مُخيفة جدًا.. وأنا هنا عشان أحكيلكم عليها
اسمعوني كويس..
.

القصة اللي جاي أحكيهالكُم النهاردة حصلت من سنة أو إتنين، مش فاكر بالظبط، كُنا في الصيف، والجو كان حر أوي، بس إسمحولي أقولكم.. مهما كان الجو حر فمش هيكون حر زي ولاية أريزونا

الجو فعلًا كان حر، حر كأننا في الجحيم حرفيًا

لكن على الرغم من الحر وارتفاع درجة الحرارة، أنا بحب أسوق الشاحنة بتاعتي في ولاية أريزونا، الطرق الفاضية والصحار المُمتدة على مرمى البصر طول الوقت من الحاجات اللي بحبها

كُنت سايق طول اليوم على الطريق رقم 85 بعد فترة استراحة طويلة شوية أخدتها الصُبح، الشمس كانت طالعة ومنوّرة السما، والسما كان شكلها جميل جدًا، فتحت الشباك بتاعي عشان أحس بحرارة الهوا، لو حد فيكم بيسوق شاحنة هيفهم أنا بقول إيه

فالوضع دلوقتي إني سايق الشاحنة بتاعتي، ولوحدي على الطريق بستمتع بالطبيعة، والصحرا ممدودة أدامي إلى ما لا نهاية

لمّا الليل جه مكانش عندي أي مانع أكمّل قيادة، سبق وقُلتلكم إني بحب أسوق الشاحنة بتاعتي بالليل، المُهم.. كُنا في مُنتصف الليل تقريبًا وأنا لوحدي تمامًا على الطريق، الظلام مخلي الصحرا مُرعبة جدًا

عقلي بدأ يتملى بالأفكار، بدأت أفكَّر في حياتي، بدأت أفكَّر في حُب عمري اللي سابتني، وبدأت أفكَّر في الموت، الموت بيكون لطيف أوي لمَّا بتفكروا فيه بالليل.. صح؟

شُفت حاجة من بعيد، بصيت في الساعة بتاعتي ولقيت الوقت قُرب مُنتصف الليل، على بُعد ميل تقريبًا، شُفت ضوء أحمر خافت، ضوء فوانيس عربية، وفورًا افترضت إن فيه حد عطلان على الطريق ومحتاج مُساعدة، قرَّرت أتوقَّف وأحاول أساعده، خصوصًا إني بدأت أحِس بالزهق وهيبقي لطيف أوي لو لقيت حد أتكلِّم معاه

قربت من العربية اللي واقفة على جانب الطريق، عربية من طراز قديم مش قادر أحدِّده بسبب الظلام، بس العربية شكلها لطيف جدًا ولونها أخضر

كان فيه زوجين واقفين جنب العربية بيشاوروا بإيديهم طلبًا للمُساعدة، وقفت الشاحنة بتاعتي وراهم، والغريبة إني حسيت بالجو بقي برد بشكل مش طبيعي، بدأت أحِس بالقلق لكني تجاهلت الشعور دا

قربت منهم ولاحظت حاجة خوفتني شوية، هدومهم كانت.. قديمة جدًا، من الخمسينات مثلًا، وكمان لاحظت وجود ريحة كريهة، شبه ريحة السمك لمَّا يعفِّن، لكن قرَّرت أتجاهل كُل دا وأنا بقرَّب منهم وبسألهم إيه اللي بيحصل؟ الزوج كان طويل وضخم، بدأ يشرحلي إنهم كانوا ماشيين في طريقهم وفجأة المُحرِّك بدأ يطلَّع دُخان والعربية عطلت تمامًا

بعد ما خلَّص شرح فتحت كبوت العربية وفوجئت إن فيه دخان كتير أوي طلع منه، بدأت أبعد الدخان عن وشي بإيديا، وبمُجرَّد ما انتهى الدخان وقدرت أحدِّد المُشكلة، حسيت بحاجة صلبية قوية بتضربني على راسي من ورا، وقعت على الأرض مُغمى عليَّا بدون أي مقاومة

لمَّا بدأت أفوق كانت الرؤية لسَّه ضبابية، لكني عرفت إني في مؤخرة الشاحنة بتاعتي، حاولت أتحرَّك لكني كُنت مربوط بقوة، الثنائي كانوا واقفين أدامي مُبتسمين ومش بيتحركوا

قبل ما أقدر أنطق بكلمة، الوغد طلع سكينة وبدأ يقطع قطعة من لحم ذراعي، كانوا مُبتسمين وهو بيعمل كدا، كانوا بيتصرفوا ببطء وعلى مهلهم أوي وكأنهم بيمتلكوا الوقت اللي في الدنيا كلها، الدم كان في كُل مكان، والألم كان أقوى مني لدرجة إني حسيت إني بيغمى عليَّا تاني، لكن قبل ما أفقد الوعي بلحظات سمعت صوت كلاكس شاحنة تانية شق صمت الليل بقوة، الصوت كان بيقرَّب، الثنائي بصوا من باب الشاحنة المفتوح واختفوا

لأ.. أنا مش بهزَّر أو ببالغ، هُمَّا اختفوا حرفيًا، زي ما يكونوا سحابة أو دخان أو حاجة زي كدا، زي ما قُلتلكم أنا رؤيتي كانت ضبابية بسبب الألم والضربة اللي على راسي، بس كُنت شايف سائق شاحنة تاني مربي شنبه بينزل من شاحنته وبيقرَّب مني، بمُجرَّد ما فك الحبل اللي كُنت مربوط بيه، فقدت الوعي مرة تانية

صحيت في المُستشفى وشُفت إيدي مربوطة، الراجل اللي أنقذ حياتي كان قاعد جنب سريري، اسمه آدم، ومن يومها وإحنا أصحاب جدًا

وبرضه كُنت مُصمِّم أدوَّر وأفهم إيه اللي حَصَل..

اتضح إن فيه أسطورة قديمة عن ثنائي ماتوا على الطريق رقم 85 زمان في الخمسينات، فضلوا يطلبوا المُساعدة من العربيات اللي معدية لكن محدش وقف ليهم لحَد ما ماتوا، من يومها وهُمّا بيظهروا وبينتقموا من أي حد يتوقَّف لمُساعدتهم، كان مُمكِن أكون واحد من ضحاياهم لولا آدم ظهر في الوقت المُناسِب

أنا حبيت سائق الشاحنة لأنه بيعرفني على أساطير مش مشهورة ومكُنتش أعرف عنها حاجة، زي أسطورة النهاردة اللي بتتكلم عن زوجين ماتوا على الطريق لأن محدش ساعدهن ومن وقتها وهُمّا بينتقموا من السائقين من يومها
لولا وصول آدم في القوت المُناسب أعتقد إن صاحبنا دا كان هيموت بطريقة غامضة
بخصوص المُناقشات بتاعة هل الروح بتظل عالقة ولا بتقدر تقتل ولا أي حاجة من الكلام دا
خليني أقولكم هُمّا برا مُقتنعين بدا، وأنا بترجم القصة وبحللها تبعًا لثقافتهم ومُعتقداتهم
.

قصص رعبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن