١٣٧

1.4K 144 6
                                    

الآباء  الأعزاء
في البداية خلوني اشكركُم علي إنكم أخدتوا جُزء من وقتكم عشان تقروا الجواب دا ، أنا عارف إن وقتكم ضيق ..  ما بين ضغوط الحياة و ضغوط الشُغل ، إنكم تلاقوا وقت لقراءة الجواب دا .. دي حاجة أنا شاكر ليها جدًا
السبب اللي مخليني اكتب لكُم الجواب دا دلوقتي هو إني أحكيلكُم إيه السبب اللي خلاني أعمِل كُل دا .. السبب هو إبني لوكاس
لوكاس كان ولد لطيف و جميل ، عيد ميلاده الخامس كان في نهاية الشهر ، أنا و زوجتي كُنّا مجهزين له حفلة عيد ميلاد مش هينساها
حجزنا له تورتة ضخمة ، بعتنا دعوات الحفل لكُل الناس قبلها بوقت طويل و كافي ، كُنا عاوزينه يكون عيد ميلاد مُميّز
لكن للأسف الشديد ... لوكاس مكنش له فرصة يحتفل بعيد ميلاده الخامس ، لأن يوم 23 فبراير 2018 حصلت حاجة غيرت كُل حياتنا
.
يومها جبته من الحضانة الساعة 3:15 بعد الظُهر ، كعادتي كُل يوم ، قعدته علي كرسي العربية ، ربطت حزام الأمان بتاعه ، شغلت الراديو علي القناة اللي بيحبها ، مسكت الشنطة بتاعته و بدأت أشوف الدروس اللي أخدها النهاردة
كان بيننا و بين بعض إتفاق ، لو أخد 3 نجوم ذهبية خلال أسبوع واحد ، هجيبله آيس كريم من اللي بيحبه كمكافأة ، و زي أي طفل صُغيّر كان بيحاوِل جاهدًا يحقق دا
و النهاردة حقق النجمة الذهبية الثالثة ، عشان كدا مشيت بالعربية ناحية محل الآيس كريم المُفضل بتاعه ، و في الطريق كُنا بنغني أغنيته المٌفضلة
أعتقد إن آخر حاجة هو فاكرها هي الأغنية دي ... أو علي الأقل أنا بعتقد دا
كُنا بنمُر بتقاطع في طريقنا للمحل لمّا خبطتنا عربية ضخمة بسُرعة جنونية من الكرسي المجاور للسائق
.
لمّا رجعت لوعيي ، أول حاجة سمعتها كان صوت جهاز ضربات القلب ، كُنت في مؤخرة سيارة إسعاف ، عظام كتير مكسورة في جسمي ، قادر أحس بالكسور و بالآلام ، دراعي مربوط عشان مقدرش أحركه ، و جسمي مليان دم
لكن أول حاجة فكرت فيها كانت لوكاس إبني ، سألت الطبيب اللي معايا فطمنّي إنه بخير و في سيارة إسعاف تانية ، و هيروح معايا نفس المُستشفى و هناك هقدر أشوفه
لكن في عقلي كان فيه أكتر من ألف سؤال ، بس ولا واحد منهم مُمكِن يجاوبني عليه طبيب شاب في مؤخرة سيارة إسعاف
لمّا وصلت قسم الطوارئ إكتشفت إن إصابات لوكاس كانت أكثر و أعنف من إصاباتي
الصدمة كانت من ناحيته و لولا الكرسي و حزام الأمان كان مات فورًا
بمُجرد ما دخل المُستشفى الأطباء نقلوه فورًا لغرفة العمليات و لمُدة ست ساعات كاملة فريق طبي كامل مكوّن من أكتر من 30 شخص كانوا بيستخرجوا قطع الزجاج من كُل مكان في جسمه ، و خصوصًا من بطنه و رئتيه
في نهاية اليوم قالولي إنه في العناية المركزة ، هيحتاج كلية جديدة عشان يقدر يعيش بشكل طبيعي و كمان مش هيمشي بشكل طبيعي الباقي من حياته
.
أصدقاء الأسرة إقترحوا عليّا أعمل موقع علي الإنترنت لجمع تبرعات للوكاس ، و الجمعيات الخيرية تعاطفوا مع حالتنا و عملوا كُل اللي يقدروا عليه ، بحثنا في كُل مكان عن متبرع بالأعضاء عنده نفس الصفات
يوم 5 مارس 2018 و تحديدًا الساعة 11:15 صباحًا ، الأطباء إستدعوني و قالولي إن بنسبة كبيرة جدًا لوكاس مش هيعيش لحَد الليل ، سمحولي أزروه ، قعدت جنبه علي السرير ، عيطت كتير و أنا بسرّح شعره و بلمس إيده ، و رغم إنه في غيبوبة تامة إلا إني كُنت عارف إنه سامعني و حاسِس بيّا ، إتكلمت معاه كتير و حكيتله حاجات كتير
و بمُجرد ما ودعته قلبه توقف تمامًا
لوكاس مات
.
عشت أصعب فترة في حياتي ، فقدت الإيمان في كُل حاجة ، أنا و زوجتي مكُناش قادرين نتعامل مع بعض من  بعد وفاة لوكاس ، جربنا طرق كتير و حاجات كتير أوي لكن النتيجة واحدة .. و مُحبِطة
الفرق بينا بيوسَع بشكل مش طبيعي
في النهاية الطلاق كان هو التصرف الصح و المنطقي ، قالتلي إنها مش قادرة تكمِّل ، لكن بعد ايام شُفتها مع راجل تاني ، ماسكة  إيده و بتضحك
الموضوع دا خلاني أحِس بالوحدة ، خلاني أفكّر في لوكاس ، لوكاس وحشني جدًا ، فرصة ان يكون عندك طفل زي لوكاس بتبقي مرة واحدة في العُمر
.
لمّا شُفت إبنكم بيلعب في الحديقة العامة ، فكرت في لوكاس ، كان بيفكرني بيه ، نفس طريقته و حركاته ، خلاني إبتسمت غصب عني ، إبتسمت لأول مرة من وقت طويل جدًا
أنا مش عاوزكم تزعلوا ، أنا مش هأؤذيه ، أنا أب جيد زيكُم و يمكن أكون أحسن منكُم كمان
عارفين ليه ؟
عشان إنتم كآباء سبتوا إبنكم و تجاهلتوه و ركزتوا أوي في الخطاب اللي إترمي عليكُم ، إنتم مُهملين
متحاولوش تدوروا عليه خلاص ، مش هتلاقوه ، أنا اخدته من أول فقرة في الخطاب
بس متخافوش
مفيش لوكاس و مفيش حاجة كدا ، أنا إخترعت القصة دي عشان اشغلكم عن إبنكم و عشان تنهمكوا في القراءة و تنسوا الولد
شكرًا إنكم مهملين و سمحتولي أخطف إبنكم بمنتهي السهولة
سلام

.أسرة آخدين إبنهم للحديقة العامة عشان يلعب و يفرح
حد رمى عليهم جواب ، الفضول كان أقوي منهم فبدأوا يقروا الجواب
و القصة اللي مكتوبة كانت مؤثرة لدرجة إإنهم إنهمكوا فيها و نسوا الولد
الخاطف أخد الولد و مشي
مفيش طفل إسمه لوكاس و لا فيه حادثة و لا أي حاجة
دا كله لعبة من الخاطف
الثانية الواحدة كفاية للخاطف عشان يخطف إبنك منك .. ركّز و اعرف إن إبنك أهم من أي حاجة .. متتشغلش عنه ..
.
.

قصص رعبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن