165

1.1K 116 7
                                    

القصة اللي هحكيها لحضراتكم دي حصلتلي أيام ما كُنت لسَّه بشتغل ظابط شُرطة، حكيتها أكتر من مرة في التجمعات العائلية أو في قعداتي الودية مع أصدقائي، حكاية مُسليّة وكُلهم بيتبسطوا منها، دايمًا بشوف في عينيهم خيبة الأمل لأني سبت الشُرطة بسبب حاجة زي اللي حصلتلي، أسرتي أنا شخصيًا مش مصدقين القصة، بس الموضوع كان لطيف.. في أي قعدة عائلية بيطلبوا مني أحكيها عشان يخافوا شوية

بس هُمّا واخدين الموضوع كأنه تسلية لأنهم ميعرفوش حجم الصدمة اللي كُنت حاسِس بيها وقتها، القصة دي بكُل تفاصيلها هتفضَل محفورة في عقلي، فيه تفصيلة صُغيَّرة محكيتهاش لأي حد، ومش هحكيها لأي حد من اللي حواليا، لو حكيت لهم هيقولوا عليّا مجنون، بس التفصيلة دي عُمري ما هنساها، خلوني أحكيلكم كُل اللي حصل، بالكامل.. يمكن أرتاح شوية

الكلام دا حصل في صيف 2009، وقتها كُنت بشتغل ظابط بقالي سنتين، وكُنت ظابط شاطر ومُجتهِد، حياتي العاطفية لطيفة، زوجتي كانت وقتها لسَّه خطيبتي

زي ما قُلتلكم، في نهاية شهر مايو 2009، كُنت في دورية روتينية بالعربية مع زميلي في الوقت دا، مش هقول اسمه الحقيقي، بس هسميه بوب، قالولنا إن حد بلَّغ عن حالة عُنف منزلي في مكان قُريِّب مننا، وبما إن إحنا أقرَب حد للمكان، انطلقنا على هناك

لمَّا قربنا من البيت، بدأت ألاحظ حاجة غريبة، المنطقة والبيوت والشوارع كلها هنا.. هادية.. زيادة عن اللزوم، تقريبًا مُعظم البيوت مهجورة، كأن مفيش حد عايش في المنطقة دي، بس الموضوع مش مُهم أوي يعني، ركنت العربية أدام البيت اللي جت منه الشكوى، بيت لطيف بسيط مكوَّن من دورين، نزلنا من العربية ومشينا لحَد ما وقفنا أدام باب البيت، طلعت سلاحي وشاورت لبوب يطلَّع سلاحه هو كمان

قررنا نقتحِم البيت من الباب الخلفي، مش من الباب الأمامي، البيت هادي تمامًا، مفيش أثر على وجود أي حد جواه

الباب كان مفتوح، دخلنا ووقفنا في الصالة، كانت بسيطة أوي، سجادة وكام كنبة، مفيش أي حاجة مُميَّزة، طلعت السلم ناحية الدور اللي فوق ببطء، وشُفت ممر طويل وفي آخره 3 أبواب لـ 3 أوض، باب منهم كان مفتوح، الأوضة من جوا كانت مُختلفة، الحيطان مليانة كلام ومتعلَّق عليها أوراق كتير، أفكار لقصص وروايات على ترابيزة صُغيَّرة في مُنتصف الأوضة، فغالبًا كدا بنسبة كبيرة جدًا البيت دا بتاع كاتب أو مؤلف، بوب بدأ يدوَّر على أي حاجة غريبة وأنا مسكت واحدة من الورق وبدأت أقرا، فكرة رواية بتتكلِّم عن ست.. من العصر الفيكتوري واتقتلت بوحشية، دا اللي كان مكتوب

بوب سابني وبدأ يمشي ناحية الأوضة التانية، جنب الأوضة دي على طول، سمعت باب الأوضة التانية بيتفتح، وبعدين سمعت صوت بوب بيندهلي، حطيت الورقة مكانها، وخرجت من الأوضة، وقفت على باب الأوضة التانية ثابت مكاني زي المشلول، الأوضة ديكورها قديم، ديكور من الطراز الفيكتوري، إيه دا؟ هو حاول يعمل ديكور مُطابق للقصة اللي بيكتبها، مش عارف! بس الموضوع غريب!

خرجت من الأوضة وتوجهت للأوضة التالتة، فتحتها ببطء، لازم نكون مُستعدين، لازم منسيبش أي حاجة للصُدفة، في الأول وفي الآخر إحنا في بيت مجهول منعرفش حاجة عنه، بس لمَّا الأوضة إتفتحت مشوفناش فيها غير.. ظلام دامس، الأوضة فيها شوية كراكيب ومصياح مكسور وكام علبة دهان مفتوحين، مفيش حاجة غريبة أو خارجة عن المألوف يعني

قفلنا الباب ورجعنا للأوضة الأولى مرة تانية، بس أول ما دخلناها جالي إحساس غريب إن فيه حاجة غلط، فيه حاجة متغيرة، آه.. الزجاج بتاع الشباك كان مقفول!

سألت بوب بدهشة: " هو الزجاج دا كان مقفول لمَّا دخلنا هنا أول مرة؟ "

هز راسه، ميعرفش، كالعادة يعني بوب مش بيركِّز في التفاصيل، قربت من الزجاج وبدأت أتأمله، أنا مُتأكِّد إنه كان مفتوح، سمعت صوت حركة من ورايا، لفيت بسُرعة ولمحت ورقة بتقع من على الحيطة، بس مفيش حد، بوب واقف بيقرا ورقة تانية ومركِّز، بصيت للشباك مرة تانية، لمحت حركة ورايا، ولمحت انعكاس وش بوب في الزجاج، كان خايف.. مرعوب، سألته ليه خايف أو مرعوب من إيه؟ وشاورلي بإيد بتترعش على الزجاج، وقفت جانبه عشان أشوف هو شايف إيه وساعتها.. الدم نشف في عروقي

كانت واقفة في ركن الأوضة البعيد، بتبُص علينا وهي بتضحك، حاولت أتماسك.. حاولت أسيطر على تنفسي.. بصيت لبوب مرة تانية، خوفه كان بيزيد، اختفت فجأة زي ما ظهرت فجأة

لمحتها تاني، في الركن المُقابل للركن اللي ظهرت فيه أول مرة، كانت.. كانت لابسة لبس من الطراز الفيكتوري، ووشها.. وشها عليه تعبير شيطاني، ابتسامة وحشية، نظرة مُرعبة، شديت بوب بسُرعة وخرجنا نجري زي المجانين، دي أسرع مرة جريت فيها في حياتي، ركبنا العربية بسُرعة جدًا وانطلقنا من المكان المُرعب دا

وصلنا القسم الساعة 11 بالليل تقريبًا، الست اللي شُفناها في البيت اللعين دا.. مش من العالم بتاعنا، شكلها، نظرتها، ابتسامتها، ومنظرها كُله بينشفوا الدم في عروقي لحَد النهاردة كُل ما بفتكرها، مقدرناش نحكي لهم حاجة، إيه الدليل على كلامنا؟

بعد شوية روحنا، كُنا خايفين، وبعدها استقلت من الشُرطة وسبت الخدمة نهائيًا

بس فيه حاجة هحكيها لكم لأول مرة.. لمَّا ركبنا العربية شُفتها، كانت بتتحرَّك بسُرعة، وكُنت طول الطريق شايفها في المراية بتاعة العربية، كانت معانا.. لامسة بوب، اللي على ما يبدو مكانش شايفها

عرفت ساعتها إنها اختارت ضحيتها، ودا كان من حُسن حظي
.
على ما يبدو إن دا مكانش بيت كاتب أو مؤلف زي ما هُمّا كانوا مُعتقدين، دا بيت حد مُتخصص في الأمور الروحانية وكان بيحضّر روح ست اتقتلت في العصر الفيكتوري
ويبدو كمان إن حضورها كان شرير ودا بقوله بسبب الوصف اللي هو وصفه لها
والطريقة أو السبيل الوحيد لرؤيتها هو عن طريق الانعكاسات سواء عن طريق الزجاج او المرايات
الروح اختارت فريستها وهو السيد بوب اللي مجابش عنه اي سيرة ومقالش مصيره كان ايه
هو استقال وهرب وهي الحمد لله توقفت عن مطاردته
هنا هيظهر سؤالين شاغليني بشكل شخصي.. مين اللي استدعى الشُرطة للبيت دا؟
وفين الشخص اللي استدعى الروح الشريرة دي للعالم بتاعنا؟

.
.

قصص رعبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن