١١٨

1.7K 140 4
                                    

كُل صيف، وبدون ما نفوِّت مرة، ماما كانت بتاخدني أنا وإخواتي البنات عشان نزور جدتنا وخالتنا، المكان هناك لطيف وأنا بحب أروح بصراحة، دا بالإضافة لإن ليَّا هناك أصدقاء كتير وبحس معاهم بحُرية أكتر من اللي بحس بيها في أمريكا
أنا وإخواتي وأصدقائي بنحب نتجوَّل في أنحاء المدينة، ساعات بنتسابق في الطُرق الفاضية بالعجل بتاعنا، عشان أكون صريح معاكم أنا مُفتقِد الأيام دي
بس أحيانًا كان المرح بيقف بسبب حظر التجوُّل، مما يعني إني لازم ألاقي طريق مُختصر وبسُرعة عشان أقدر أرجع البيت، وعشان تفهموا اللي حصل لازم أقولكم إن البيت اللي عايشة فيه جدتي فيه طريقين عشان أوصله بسهولة، الطريق الآمن هو الطريق الأطول وهو عبارة عن طريق مُتفرِّع من الطريق الرئيسي، ودا غالبًا بيكون طريق مُزدحم ومليان ناس ومفيش أي حاجة وحشة مُمكِن تحصَل فيه
وفيه طريق مُختصر وهو طريق المقابر، ولازم تعرفوا إن المقابر اليابانية مُختلفة، المقابر اليابانية مساحتها أصغر بكتير من أي مقابر تانية، وتقريبًا مفيش أي مسافة بين شواهد القبور وبعضها، لأن وبمُنتهى البساطة الأجساد مش مدفونة تحتها، اليابانيين متعودين يحرقوا الجُثث ويجمعوا الرماد وبقايا العظام ويحطوها في عبوة ويحتفظوا بيها في بيوتهم
لكن جدتي رفضت تحتفظ بالعبوة اللي فيها بقايا جُثة جدي في البيت وقررت تسيبها هنا، مدفونة في حفرة في الأرض بتتفتح عن طريق تحريك حجر ضخم، تحته في مساحة كبيرة بيتحط فيها العبوات دي
.
اليابان زيها زي أي دولة، عندهم أساطيرهم الحضارية الشهيرة، وعندهم تُراث مُمتِع من قصص الرعب اللي بتعتمد على المقابر، وزيي زي أي طفل وقتها كان ليَّا أصدقاء، عارفين القصص دي كويس، المُهم ... الطريق المُختصر هو طريق المقابر زي ما قُلتلكم، فكرة دخول المقابر والمشي فيها بالليل وفي الظلام كانت فكرة مرفوضة تمامًا سواء من إخواتي أو من أصدقائي، كانوا مُصممين يمشوا من الطريق الطويل الآمن، لكن أنا لو إتأخرت عن ميعاد حظر التجول، ماما هتغضب مني بشدة
قُلتلهم وأنا بحاول أقنعهم ييجوا معايا: " تعالوا، متبقوش خوافين، أمهاتنا هتغضب مننا جدًا لو إتأخرنا "
كُنت بحاول أهزر معاهم عشان ميخافوش، لكنهم كانوا مرعوبين وخايفين بسبب القصص المُخيفة والأساطير اليابانية
كان لازم أسمع كلامهم، كان لازم أعرف إنهم عافين وفاهمين أكتر مني، كان لازم أعرف إن القصص المُخيفة المُتعلقة بالمقابر دي لها سبب، لكني وقتها كُنت متهوِّر، قُلت عليهم جبناء، وقررت أدخُل المقابر، وهُمَّا قرروا يروحوا للطريق الطويل الآمن
في البداية كُل حاجة كانت ماشية كويس، لكن بعض شواهد القبور القديمة واللي شكلها غريب بدأت تحسسني بالخوف، دا طبعًا غير إن مفيش أي ضوء في المقابر كلها غير الضوء الصادر من العجلة بتاعتي، ولازم عشان تنوَّر أكون راكلها وببدِّل، والأرضية جوا المقابر مش مستوية فمكُنتش عارف أسوقها، عشان كدا كُنت ماشي وأنا ماسك العجلة وسط المقبرة المُظلمة
.
عارفين الشعور دا، لمَّا تكون لوحدك تمامًا، وفجأة تبدأ تفكَّر في قصة رعب سمعتها قبل كدا، الشعور المُخيف المُفزع اللي بيبدأ يسيطر عليك ويحتل جسمك كُله، الناس بتقول إن دا بيبقي وسيلة تحذير لإنك مش لوحدك في المكان دا، وناس تانية بتقول إن دا بيبقي مُجرَّد تفكير زايد
بس بالنسبة لي، كُنت حاسِس إن فيه حاجة سيئة هتحصل قريِّب، بس في نفس الوقت، كُنت خايف أجري وأهرب، لأي أيًا كان الشيء اللي حاسِس بوجوده وحضوره هنا في المقبرة، مُمكن يقتلني بوحشية وبمُنتهى السهولة، عشان كدا كُنت مضطر أمشي ببطء وسط المقبرة، وسط الظلام، ولوحدي
لمَّا شُفت باب المقبرة الخلفي بدأ أحس بارتياح، لكن للأسف دا فضل لوقت قصيَّر جدًا، بمُجرَّد ما قُلت خلاص هخرج من المقبرة سليم، سمعت صوت فروع شجر، صوت حاجة بتتجر، كان فيه حاجة ورايا، وقفت مكاني، الخوف شاللني تمامًا، مفيش أي شجر في المقبرة، ومفيش أي رياح، طب الصوت دا كان صوت إيه؟، كُنت حاسِس بقلبي بيدُق بسُرعة، كُنت خايف أتحرَّك، خايف أبُص ورايا
بعدها سمعت صوت الدوشة تاني، صوت حاجة تقيلة بتتجر على الأرض
" شباب، لو دا مقلب بطلوه، دي مش حاجة لطيفة، ريكا؟ ... هارونا؟ "
ناديت عليهم، فكرت إن أصدقائي قرروا يمشوا ورايا ويخوفوني كمقلب يعني، دا كان التفسير المنطقي الوحيد للي بيحصل، لكني مسمعتش أي صوت خطوات أو ضحكات من ورايا
ساعتها حسيت بيه، حسيت بحاجة باردة أوي على كعب رجلي، للحظة كدا مكُنتش عارف المفروض أحس بإيه، لكن الشيء دا كان بارد لدرجة إن بشرتي بدأت توجعني، حسيت بالدوار، الدنيا كانت بتلف بيَّا وأنا حاسس بالشيء دا بيتلف على كعبي كُله بالكامل
هي مش يد، هي قبضة، وأعتقد لها صوابع، بس دي نحيفة أوي وجافة، الأصابع النحيلة دي نهايتها فيه مخالب حادة، كُنت حاسس بكُل مخلب فيهم وهو يتغرس في كعبي، دمي الدافي بدأ يسيل على بشرتي الباردة بسبب قبضة الشيء دا، دفء دمي بدأ يفوقني من صدمتي
.
بصيت ورايا ببطء، مكُنتش عارف هشوف إيه، ولمَّا شُفته، مش عارف هقدر أوصفه إزاي، له تكوين جسدي شبه التكوين الجسدي للبشر، جسمه نحيل وطويل، نحيل كأنه مأكلش حاجة من شهور طويلة، شعره أسود طويل أوي، مُتشابك وأشعث بشكل مُرعب، شعره كان بيتطاير رغم إن مفيش أي رياح، لكنه المُخيف أكتر كان وجهه، دي كانت أسوأ حاجة شُفتها في حياتي، مازال لحَد النهاردة بيسببلي كوابيس
وجهه كان نحيف جدًا، وكان مُبتسم، ابتسامة مُخيفة وغريبة، كانت بتنتشر وبتتوسَّع علي ملامحه، فمه كان بيتفتح أكتر وأكتر، سنانه كانت مُتعفنة، لونها أصفر وبعضها أسود قبيح، الابتسامة كانت بتكبر وبتنتشر، كان باصصلي في عينيَّا، إيده التانية كانت بتتمد ببطء عشان يمسك كعبي التاني، صرخت، صرخت بشدة وبخوف، شديت كعبي بعيد وركبت عجلتي بسُرعة وجريت، خرجت من المقبرة بأسرع طريقة مُمكنة
موقفتش غير لمَّا وصلت البيت، طلعت السلم بسُرعة ودخلت الشقة زي المجنون، صرخت وأنا بنادي على والدتي، كُنت عايز أوريها كعبي المجروح وأحكيلها كُل حاجة، كُنت خايف أوي
لمَّا ماما جت وهدتني وقدرت تفهم مني إيه اللي حصل، بصت ناحية كعبي بيأس كدا وهي بتقول: " مفيش دم، وفين حذائك؟، متقوليش إنه ضاع ... دا كان غالي "
بصيت على رجلي، وأدركت إن حذائي مفقود فعلًا، كُنت في حالة رعب، لدرجة إني ما أخدتش بالي، وفين الدم اللي حسيت بيه هناك؟
لكن رغم كدا بشرتي كان باين عليها آثار صوابع نحيفة وطويلة جدًا
.
الموضوع عدى وإتنسى تمامًا
الأسبوع اللي فات رجعنا اليابان تاني عشان نحضر جنازة جدتي، أهلي طلبوا من الكاهن إنه يدفن العبوة اللي فيها الرماد في الحفرة اللي تحت الأرض، جنب العبوة اللي فيها رماد جدي، لمَّا الكاهن حرَّك الحجر الضخم لقي حاجة غريبة في الحفرة تحت
لقي فردة حذاء قديمة، صغيرة لأنها بتاعة طفل، فردة حذاء أنا عارفها كويس أوي
بس مش عارف وصلت لتحت الأرض إزاي
.
طالما وصلت لهنا يهمني اقولك ملحوظة مهمة: دي مش رواية ... دي قصة مترجمة من القصص الحقيقية اللي بترجمها بشكل يومي وبنزلهم علي الفيس بوك ... اخر رواية من تأليفي هي رواية باب اللعنات وآخر رواية من ترجمتي هي رواية لا مخرج
.
.شرح

.
#بتاع_الرعب
#حدث_بالفعل
#قصص_حقيقية_حول_العالم

قصص رعبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن