33

3.2K 232 3
                                    

ربيت أطفالي من أول يوم علي إنهم يقولوا الحقيقة ، الأطفال محتاجين دايمًا حاجة يمشوا عليها عشان يكونوا كويسين و أنا كُنت هرتاح أوي في حياتي لو عارف إن أطفالي مبيكذبوش
أثناء ولادة بناتي التوأم الأطباء خرجوا و قالولي أحلي خبر سمعته في حياتي و أسوأ خبر سمعته في حياتي ..
البنتين التوأم بخير و صحتهم كويسة لكن زوجتي نزفت كتير و مقدروش ينقذوها .. إيميليا مراتي ماتت ، عشت حياتي كلها بلوم الأطباء إنهم مقدروش ينقذوها بس عُمري ما لُمت بناتي و لا مرة لأنهم و بكُل صراحة عوضوني عن وفاتها و كانوا النور اللي ملا حياتي
ربيت بناتي زي ما مراتي كانت هتتمني ، ربيتهم علي إن الصدق و الوفاء و الأمانة هُمّا أهم حاجة في الدُنيا كُلها ، علمتهم كمان يتمسكوا بالقيم و الأخلاق قبل أي حاجة و أعتقد إن إيميليا هتكون راضية عني
لمّا كانوا بيكبروا و بيحصلهم مُشكلة بيجروا عليّا و يحكولي كُل حاجة ، ساعتها كُنت بعرف إني نجحت في تربيتهم ، كانوا بيحكولي كُل تفاصيل حياتهم بصدق و بصراحة ، كانوا بيحكولي لو حصل عندهم مُشكلة في المدرسة و يشتكوا من زمايلهم لو واحدة فيهم غلطت أو كذبت أو إتصرفت غلط
فخور و أنا بقولكم إن بناتي عٌمرهم ما كذبوا أبدًا ، لمّا بيعملوا حاجة غلط بيعترفوا بغلطهم ، ربيتهم علي الصدق و قيمته
لازم إيميليا تكون فخورة بيهم و بيّا
.
و برغم صِغر سنهم إلا إنهم عارفين قيمة الصدق بالنسبة للمُجتمع ، راضيين عن نفسهم طالموا بيقولوا الحقيقة و مش بيكدبوا علي حد أو بيخبوا حاجة عن حد ، و مع مرور الوقت البلدة كُلها عرفت عنهم الصدق و أصبحت أمانتهم و نزاهتهم حاجة مؤكدة لا تقبل الشك
هُمّا نفسهم عقلهم تأقلم علي الصدق و أصبح ميعرفش يؤلف كذبة أو حاجة خيالية مهما حصل ، الموضوع كان بيسبب مشاكل بسيطة زي إنهم مثلًا أصبحوا ميعرفوش يكتموا سر ، و الناس بتستغل ده عشان يعرفوا تفاصيل مش من حقهم يعرفوها لكن عُمري ما حسست البنات إن الصدق حاجة وحشة أبدًا
مع كبرهم في السن أصبحوا مصدر إزعاج لأصدقائهم لأنهم بيحكولي أنا و أهل باقي الأولاد كُل حاجة ، و الأولاد في السن ده بيميلوا لإنهم يخبوا علي أهلهم حاجات ، أصدقائهم زعلوا منهم  و أهلهم قالولي إن مش دايمًا الصدق بيبقي صح ، لكن أنا وقفت في وش الجميع و عارضتهم ..
الصدق أهم شيء في الدنيا
الموضوع أخد شوية وقت لكن في النهاية البلدة كلها آمنت بصدق بناتي و عرفوا إنهم مُستحيل يكذبوا مهما حصل
.
في عيد ميلاد البنات الـ 13 بدأت كُل حاجة تتغيّر و بدأت تظهر المشاكل
قرروا يروحوا يقضوا الليلة بعد الحفلة مع بنات أصحابهم ، عاملين ماراثون أفلام و لمّا يخلصوه والد واحد من أصدقائهم هيرجعهم البيت ، وافقت عشان مينفعش أقول لهم لا يوم عيد ميلادهم
بعد ساعات لمّا رجعوا البيت كانوا خايفين ، إتضح إنه ماراثون لأفلام الرعب !
بناتي مش من هواة افلام الرعب لكن مقدروش يرفضوا طلب أصدقائهم و كانت النتيجة هي رجوعهم البيت و الخوف ماليهم ، طبعًا هُمّا شافوا أفلام رعب قبل كده و خافوا منها كده ، مشكلتهم إنهم فاهمين إن العالم كله صادق زيهم و مُعتقدين إن الأحداث دي مبنية علي وقائع حقيقية ، كُنت بحاول أقولهم إن ده كُله خيال و بنفضل أكتر من يوم بنعاني من كوابيس لكن في النهاية بقدر أخليهم يتغلبوا علي خوفهم
لكن المرة دي كانت مُختلفة ....
أكتر من أسبوع مش قادرين يتغلبوا علي خوفهم ، لحَد ما جولي في يوم و طلبوا مني توضيح ، واحد من الأفلام هوّ اللي مسبب لهم رعب أكتر من غيره ، فيلم بيتكلم عن راجل بيقدر يشوف ظلال سودا شاحبة ورا الناس ، بس معني إنه شاف الظل الأسود ده ورا شخص إن الشخص دا هيموت ، البنات دخلوا علي الإنترنت عشان يثبتوا لنفسهم إن القصة دي مش حقيقية لكن للأسف قابلتهم قصص حقيقية عن ناس عندها شفافية و بتشوف ظلال سودا زي كده قبل الموت ، لمّا جولي جولي يطلبوا مني توضيح، هل الفيلم ده مبني علي قصة حقيقية ، دخلت علي الإنترنت ، مفيش دليل مادي علي صدق القصص دي لكن برضه مفيش دليل مادي واحد علي كذبها ، مقدرش أقول إنها مش قصص حقيقية أو محصلتش لأن معنديش دليل علي ده ، ناس كتير بدأت تقول إن الراجل صاحب القصة هوّ اللي بيقتل الناس عشان يثبت صحة قصته ، و مع زيادة قرائتي و بحثي في الموضوع ده بقيت مهووس بيه أكتر ، الشخص ده مُختفي تمامًا ، ناس بيقولوا إنه هرب عشان لعنته و ناس بتقول إنه قاتل كان بيلجأ للقصة بتاعة الظلال دي عشان يقدر يخفي قتله لضحاياه و إضفاء قدسية علي نفسه
مقدرتش أنفي وجود الشخص ده و الظلال دي لبناتي و بالتالي بدأوا يقولوا لأصحابهم إن الشخص اللي بتدور عنه أحداث الفيلم شخص حقيقي و إنه فعلًا بيقتل الناس و بيقول إنه شاف ظلال سودا عشان يغطي علي نفسه ، بدأوا كمان يقولوا للناس إنهم قلقانين إن الراجل ده يظهر في البلدة و يبدأ يؤذي الناس
طبعًا توقعتوا اللي حصل ...
زمايلهم ضحكوا عليهم .. المسؤولين عن المدرسة قالوا إن خيالهم واسع و مُضطرب .. و بدأوا يحطوا نفسهم في ورطة
الناس هتبطل تقول عليهم صادقين و سجلهم الناصع البياض في الصدق بدأ يتلوث
كان لازم أتدخل عشان أصلّح كُل حاجة و أحافظ علي سُمعة بناتي
بناتي مبيكذبوش أبدًا
.
بعدها بشوية بدأ الكلام ياخد مجري مُختلف و مُثير للقلق ، بدأوا يشوفوا الراجل السفاح ده واقف في الظلام يراقبهم و هُمّا نايمين في أوضتهم ، مع مرور الوقت بدأ ياخد راحته أكتر و بدأ يتحرك في الأوضة و يقرب منهم ، بدأ يهمس لهم بصوت مخيف إنه جاي عشان ياخد أرواحهم
لمّا قالولي كده إضطريت أحُط جهاز تسجيل في أوضتهم و أسيبه يسجِّل طول الليل و فعلًا قدرت أسجل همسات بصوت شرير لشخص بيهمس لهم إنه جاي ياخد أرواحهم و إنهم لو صحوا هيقتلهم
سمحت للبنات ياخدوا التسجيل عشان يثبتوا للناس كلها و للبلدة كلها إنهم مبيكذبوش و مش بيقولوا غير الصدق و الحقيقة و وعدتهم إني هدوَّر أكتر عن الراجل ده
و برغم وجود الدليل مع بناتي لكن برضه سُكان البلدة و أصدقائهم تحديدًا رفضوا يصدقوهم أو حتي يعرضوا عليهم المُساعدة
وصفوهم إنهم بيكذبوا .. قالوا إنهم مفبركين التسجيل .. قالوا إنهم بيجذبوا الإهتمام .. قالوا إنهم بيتعمدوا يخوفوا الناس
و كان لازم أتصرف ...
لحّد إمبارح ، صحيت من النوم و رحت ناحية أوضتهم عشان أصحيهم ، لمّا فتحت أوضتهم شُفت أكتر مشهد مُرعب ممكن حد يتخيله ، دمهم مالي الأوضة كلها ، الحوائط .. السراير .. السقف كُلهم غرقانين في الدم ، بناتي الصُغيرين متقطعين بوحشية ، حد قتلهم و مزق أجسادهم بوحشية ، الملايكة بتوعي ماتوا
ماتوا عشان الناس رفضوا يصدقوهم أو يساعدوهم ، إتصلت بالشرطة و أنا حاسس بالنقم و الغضب علي كل شخص عايش في البلدة دي ، كل شخص اتهمهم بالكذب
حبي ليهم كان حب مجنون و من غير حدود ، كان عندي إستعداد أعمل أي حاجة عشان أحافظ عليهم ، عشان ميعيشوش حياة مش شريفة الناس بتتهمهم فيها بالكذب ، بناتي مكذبوش أبدًا
كانوا فعلًا بيشوفوا حد في أوضتهم ...
كانوا فعلًا بيسمعوه بيهمس لهم ...
كانوا صادقين لحَد ما صدقهم قتلهم ...
.
حاولت أساعدهم إن الناس تصدقهم ، لمّا بدأوا يتكلموا إضطريت ألبس قناع أسود و أقف في الظلام أراقبهم و أخوفهم ، إضطريت أختبئ تحت السرير و أهمس لهم بكلام مُرعب ، عملت كل حاجة مُمكن أعملها عشان أثبت للناس إن بناتي مش كذابين و بيقولوا الحقيقة ، بس غلطت غلطة واحدة بس
وقعت بلساني و أنا بجاوب علي سؤال من أسئلة الشُرطة أثناء ما كانوا بيسألوني عن اللي حصل !
دا غير التسجيل اللي نسيت أشيله فسجل صوتي و أنا بقتلهم و بعتذر ليهم إني بقتلهم عشان خاطر الناس تصدقهم و ميقولوش عنهم بيكذبوا
كان لازم أتأكد إن بناتي صادقات للأبد ..
مهما كان الثمن ...
.
.
.شرح القصة

شرح بسيط للقصة بسرعة كده .. البنات لما شافوا الفيلم خافوا و بدأ خوفهم يصورلهم إن الراجل بيظهر في أوضتهم .. الناس اتهموهم بالكذب .. الراجل كان مصمم يحمي سمعة صدق بناته فبدأ يلبس أسود و يظهر للبنات فعلا عشان ميبقوش بيكذبوا و بدأ يهمسلهم و يسجل همسه علي الكاسيت و إداهم التسجيل دليل و برضه الناس رفضوا يصدقوهم
فاضطر يقتلهم عشان يثبت للناس إنهم كانوا صادقين و بيشوفوا الراجل فعلا ( اللي هو أبوهم متنكر )
الفكرة بقي هنا إن المرعب حاجتين
أولا إصرار الأب علي صدق بناته حتي لو الأمر تكلف قتلهم .. هوسه و جنونه بفكرة الصدق دي مكانتش طبيعية و دليل علي إنه بيعاني من حاجة نفسية و مش مستقر و إلا مكانش هيقتل بناته عشان بس يثبت للناس صدقهم
ثانيا الناس اللي خلاص بقت زومبي و رفضوا يصدقوا البنات رغم إن معاهم دليل و ضحكوا عليهم و إتريقوا عليهم لحد ما دفعوا الأب دفع لقتل البنات و في رأيي هُمّا مُذنبين زيهم زي الأب
و للأسفف ظاهرة الزومبي دي إنتشرت عندنا و بقي كُل الناس بترفض تصديق بعض و بتتجه للإتهامات و رمي الناس بالباطل علي طول بدون النظر للي ممكن كلامهم يسببه
بنستهون اوي بالكلام إحنا
#بتاع_الرعب
#حدث_بالفعل
#قصص_حقيقية_حول_العالم

قصص رعبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن