أنا عندي اعتراف، بحاوِل بقالي فترة طويلة أنسى اللي شُفته، بس خلاص الهالوين قرَّب، وكُل الذكريات بتهاجمني مرة تانية، مش عارف المفروض أتكلِّم ولا أفضل ساكِت، بس أنا خايفة أقول لجوزي اللي حَصَل لأنه بالتالي هيبلَّغ المسؤولين، فقرَّرت إني هعمل الأكونت الفيك دا عشان أقول اللي عايزاه بدون ما حد منكُم يعرفني، أنا محتاجة أحكي عشان أرتاح
ابني، اللي طبعًا مش هذكُر اسمه عشان محدش يعرفه، بيعشَق الهالوين، كُل سنة لازم يتنكَّر في زي زومبي، السنة اللي فاتت كان بيترجاني عشان يروحوا يجمعوا حلوى من البيوت هو وأصحابه، كُل سنة بيروحوا وأنا بروح معاهم، بس السنة بيترجوني أسمَح ليهم يروحوا لوحدهم، خلاص بقي عندهم عشر سنوات وكبروا
كُنت مُتردِّدة شوية في الأول بس فكرت في الموضوع شوية، وإديتهم الإذن، إحنا عايشين في حي لطيف وهادي مُحَاط بحقول ضخمة من الذرة، كُلنا هنا عارفين بعض كويس، عشان كدا مفيش أي مُشكلة، الأولاد في السن دا محتاجين شوية حُرية، دا غير إن أصدقاءه جايين، خصوصًا إيمي اللي عندها 12 سنة، بس هقولكم سر.. أنا قرَّرت أمشي وراهم من بعيد وأراقبهم من على بُعد من غير ما ياخدوا بالهم، عشان بس أتطمِّن إنهم بخير
ابني لبس اللبس بتاع الزومبي، ورش على هدومه دم مُزيَّف، بص في المراية وهو بيحُط اللمسات الأخيرة على التنكُّر بتاعه، حضني، وخرج برا، عادةً جوزي مبيبقاش في البيت بالليل، عشان كدا هستنى شوية، وهحط طبق حلوى على باب البيت وهخرُج وراهم
خرجت وشُفتهم بعيد شوية، وعرفتهم كُلهم، إيمي متنكَّرة في شكل ساحرة، مارك ابن الجيران متنكَّر في شكل مصَّاص دماء، وبليك أقرب أصدقاء ابني متنكَّر في شكل شبح، ابتسمت وأنا براقبهم
مشيت وراهم من بعيد، بحاول أختفى عشان محدش منهم يشوفني، بدأوا يخبطوا على الأبواب ويلموا حلويات، سعادتهم بتزيد مع كُل شوية حلويات بياخدوها، صوت ضحكاتهم عالية بشكل كبير
كانوا بيجروا ورا بعض وهُمَّا بيضحكوا، شكلهم لطيف أوي، لحَد ما وصلوا لنهاية الطريق الرئيسي، لسَّه بيجروا ورا بعض، لكن فجأة.. إيمي بدأت تجري جوا واحد من حقول الذرة اللي على جانب الطريق، ابني، مارك، وبليك جروا وراها وهُمَّا بيصرخوا وبيضحكوا، حقول الذرة واسعة وكبيرة بشكل مُخيف، وكُل السُكَّان هنا عارفين إن من الممنوعات إننا ندخُل الحقول دي، لأن من السهل جدًا إنك تتوه وتتنسى جوا الحقول دي ومحدش يعرف يوصل لك إلا ساعة الحصاد، وساعتها هتكون مُت واتحلِّلت
حسيت بالقلق، جريت وراهم بسُرعة، كُنت حاسَّة بالخوف، وواجهت صعوبة لحَد ما لقيتهم، كانوا واقفين سوا على جانب الحقل، إيمي واقفة في النُص وهي بتضحَك بشدة
كانت بتقول: " إدوني ثواني بس "
بليك قال بنفاذ صبر: " يلا بقي "
مارك قال بمرح: " لعبة الزومبي دي مُمتعة أوي "
ابني قال وهو بيضحك من قلبه: " يلا نكمِّل لعبة الزومبي من فضلكم "
إيمي قالت وهي لسَّه بتحاول تتنفس من بين ضحكاتها: " حاضر، حاضر.. إدوني ثواني بس "
الـ 3 ولاد قربوا من بعض وبدأوا يتفقوا على حاجة بصوت واطي، كانوا بيتفقوا على إيمي
البنت الصُغيرة بدأت تسأل بقلق: " إيه؟ بتتكلموا عن إيه؟ "
ابني قال بحماس: " المرة دي.. هنلعب لعبة الزومبي بجد "
مكُنتش فاهمة بيتكلموا عن إيه، كُنت لسَّه براقبهم من بعيد، شُفت بليك ومارك بيقربوا منها وبيمسكوا إيديها كأنهم بيكتفوها، حاولت أهدي نفسي وأقنع نفسي إنهم بيحاولوا يخوفوها بس مش أكتر، بس قلبي وقع في رجليا لمَّا ابني مسك طوبة كبيرة على الأرض، كانت تقيلة عليه لدرجة إنه رافعها بالعافية وإيديه بتترعش، وببطء بدأ يتحرَّك ناحية إيمي
كان المفروض أتدخَّل، كان المفروض أخرج من مخبئي، كان المفروض أعلِن عن وجودي، كُنت خايفة.. كُنت عايزة أصرُخ، بس الخوف كان شاللني، الدموع بدأت تنزل من عيني وفمي كان مفتوح على آخره، الخوف كان شاللني تمامًا، حاولت، صدقوني حاولت.. بس جسمي رفض يستجيب ليَّا
راقبتهم بخوف، ابني رفع الطوبة فوق راسه وضرب إيمي على راسي بكُل قوته، وقعت على الأرض بدون حركة، ضربها تاني، وتالت، ابني.. حبيبي.. كان بيحطَّم جُمجمة صاحبته وهو بيضحك بمُنتهى السعادة، الدم كان مالي المكان كُله، على وشه، على إيديه، على هدومه
عيطت وأنا شايفة ابني بيتحوَّل لقاتل، ضحكوا هو وأصحابه، استعدت السيطرة على جسمي، لفيت وشي وجريت، جريت لحَد ما وصلت للبيت، بعيَّط بخوف، جسمي بيترعش، لمَّا ابني رجع بعد شوية، مخرجتش أقابله أو أستقبله، مكُنتش عايزة أشوفه ولا أبُص في عينيه
مش قادرة أفهم، إيه اللي حوِّل ابني الصُغيَّر لقاتل بدم بارد؟ هي دي غلطتي أنا؟ صح؟ أنا اللي سبته بدون رقابة! تظاهرت إن كُل حاجة تمام، الموضوع دا حصل من سنة تقريبًا، في كُل مرة بشوف مارك أو بليك، وفي كُل مرة بجيب ابني من المدرسة، بتظاهَر إني لا شُفت ولا أعرف أي حاجة عن اللي حصل
لقوا جُثة إيمي بعد الهالوين بكام يوم، الشُرطة مقدرتش تعرف مين اللي عمل كدا، أنا بكتب لكم دا بعد سنة، ولحَد النهاردة مقبضوش على حد، طبعًا استجوبوا ابني وأصحابه، والـ 3 كذبوا بمُنتهى البساطة، أهل إيمي سابوا الحي وانتقلوا بعيد، مقدروش يعيشوا في البيت بعد وفاة بنتهم
عارفة إني كان لازم أبلَّغ الشُرطة، أنا بكره نفسي عشان ضعيفة ومقدرش أعمل الصح، أنا خايفة.. خايفة من ابني، خايفة أخسره، بكره نفسي عشان مساعدتش إيمي، لو بإيدي.. كُنت رجعت الزمن وأنقذتها، كان زمانها موجودة وسطنا دلوقتي، الهالوين اللي فات خلاني كاتمة سر مش قادرة أكتمه، خلاني أشوف ابني وهو قاتل
أنا مش عايزة الهالوين ييجي
خايفة مقدرش أستحمِل وأكشف السر
.
لطيف إننا نعطي الأطفال مساحة من الحُرية، بس الألطف إن عينينا تفضل عليهم، عشان هُمّا محتاجين دا جدًا خصوصًا في الزمن دا، بعد انتشار الإنترنت وأفلام الرعب، والفيديو جيمز اللي كلها دم وقتل، والناس اللي بتكتب قصص رعب كل يوم على الفيس بوك الساعة 10 (آه هو اللي في بالكم، منك لله يا Mohamed بوظت الأطفال)
فخلوا عينيكم على أولادكم.
..