109

1.8K 184 2
                                    

الساعة 4 بعد مُنتصف الليل ، الجو حر و الملل مسيطر علي كُل حاجة ، النوم مخاصمني و مش قادرة أنام ، غالبًا مش هنام بقي عشان لو نمت دلوقت عشان لو نمت دلوقتي مش هقدر أصحي علي ميعاد الشُغل الصُبح ، كويس إني إشتريت كتاب جديدإمبارح عشان أقضي وقتي فيه و مزهقش
خلوني أكلمكم عن نفسي الأول شوية ، عندي 20 سنة و عايشة لوحدي في شقة صُغيّرة في مُجمع سكني كبير ، بدرس آخر سنة في الكُلية في جامعة محلية هنا ، دورت علي شُقق كتير هنا تكون قُريبة من الحرم الجامعي ، لكن للأسف كُل الشقق القريبة من الجامعة أسعارها عالية و مقدرش أتحملها ، إضطريت آخد شقة صُغيّرة في مُجمع كبير فقير شوية بس هيّ مش وحشة ، شقة لطيفة و صُغيّرة علي أدي ، صحيح فيها شوية مشاكل لأن العقار قديم لكن كُلها حاجات مقبولة ، الأهم عندي إن فيها بوابات حديد و جهاز إتصال داخلي ( إنتركوم ) عشان محدش غريب يدخُل المُجمّع ، عشان كده أنا متطمنة هنا و حاسّة بالأمان
اليومين دول الدراسة خفيفة و مفيش ضغط فبثضي وقتي و يومي في الراحة و الإسترخاء ، بتفرج علي أفلام و مسلسلات و بقضي أغلب وقتي علي مواقع التواصل الإجتماعي
الساعة 4:30 صباحًا بعد نُص الليل سمعت صوت الإنتركوم بيرن ، سمعته بيرن بشكل عشوائي في أكتر من شقة حواليا ، دا بيحصل بإستمرار لمّا حد يكون ناسي مفاتيحه أو بتاع ديليفري فبيضغط بشكل عشوائي علي شقق كتير و بيكون مراهن إن فيه واحد علي الأقل مستني حد من برا و هيفتحله بدون ما يسأل ، بس زي ما قُلتلكم أنا عايشة لوحدش و أكيد مش مستنية حد في ميعاد زي دا فتجاهلت الموضوع ، بس اللي مقدرتش أتجاهله إن الإنتركوم الخاص بشقتي يرن خمس مرات مُتتالية !
اللعنة !! ، مين الشخص السخيف ده ؟ ، قمت بغضب من علي السرير و مشيت ناحية الإنتركوم اللي جوا شقتي ، ضغطت علي الزرار و قلتله : " نعم ؟؟ ، أتمني يكون عندك سبب وجيه عشان تزعجني بالشكل ده في الميعاد ده ؟ "
صمت تام و بعد شوية بدأ شوشرة جامدة تقطع الصمت دا قبل ما أسمع صوت ضعيف لطفل خايف بيقول : " لو سمحتي ممكن تسمحيلنا ندخُل .. الجو برد جدًا برا و إحنا هنموت من البرد ! "
برد! .. في مُنتصف أغسطس !! .. يعني أنا مُمكن أصدق إن درجة الحرارة تقل شوية بالليل لكن مش لدرجة إن حد هيموت من البرد يعني ! ، واضح إن دا حد سخيف بيحاول يعمل مقلب أو يخوفني ، ضغطت علي الزرار و قلتله بغضب : " طب برافو أوي ، مُمكن بقي تروح زي الشاطر كده و تعمل المقلب السخيف بتاعك ده في حد تاني ؟ "
الإنتركوم خلال 10 دقايق رن أكتر من 20 مرة ، لحَد ما في الآخر رجع يرن علي شقق عشوائية مرة تانية علي أمل إن حد يفتحله
.
الصمت ساد شوية فإتنفست بإرتياح و أنا بقول : " أخيرًا "
مسكت الكتاب بتاعي و قعدت أكمِّل قراءة ، شخص سخيف و جاي في ميعاد أسخف يعمب مقلب أسخف منهم !!
كمِّلت قراءة و بدأت أنسي الموضوع لحَد ما سمعت حد بيخبّط علي بابي ببطء
طب بجد أنا كده بدأت أخاف ، أنا بنت عايشة لوحدي ، و حد بيخبط علي بابي في وقت زي ده و مفيش معايا أي سلاح أدافع بيه عن نفسي  ، صوت الخبط إتكرر تاني ببطء شديد ، إتلفت حواليا بخوف و قلبي بيدق ، دوّرت علي أي حاجة أدافع بيها عن نفسي ، مفيش غير سكينة صغيرة ، المطبخ مفيش فيه سكاكين كبيرة لأني مش بطبخ فمش بحتاجهم ، صوت الخبط إتكرر مرة تالتة ، مسكت السكينة كويس و مشيت ناحية الباب ، بصيت من العين السحرية
برا علي الباب كان واقف طفلين صُغيرين ، في ميعاد زي ده لوحدهم ، ولد و بنت ، الولد تقريبًا مُمكن يكون في سن الـ 12 سنة ، شعره أسود و الولد باين عليه شاحب و بشرته زرقا ، البنت واقفة جنبه ماسكة إيده ، عندها حوالي 8 أو 9 سنين ، باصّة هيّ كمان في الأرض ، قلبي دق بخوف ، و برغم إنهم باصين في الأرض إلا إن كان عندي إحساس إنهم مراقبيني .. عارفين إني شايفاهم من العين السحرية
في الأول و في الآخر هُمّا مُجرد أطفال ، أطفال صغيرين مش مؤذيين ، لكن أطفال في السن دا بيعملوا إيه في وقت زي ده لوحدهم ؟
حاولت أقاوم الخوف اللي كًنت حاسّة بيه لكن برضه كان خوفي بيزيد و جسمي بدأ يترعش طريقة مش مفهومة ، بمسك السكينة أكتر بس برضه بترعش من الخوف ، مش فاهمة مالي !!
كُنت ببص للولد و البنت بصمت و بخوف
الولد كان بيرفع إيده عشان يخبط علي الباب ببطء مرة تانية
فتحت الباب ببطء بس سبت السلسلة بتاعته مقفولة
الولد كان لسّه باصص في الأرض و بيقول بضعف و خوف : " ممكن تسمحيلنا نُدخُل .. إحنا بردانين أوي "
كُنت بترعش ، حاولت أتمالك نفسي و أنا بقولهم : " أنا آسفة بس مش هقدر أدخلكم .. أهلكم فين ؟ "
رفعوا وشهم لفوق ببطء شديد ، حسيت إن الدنيا كلها وقفت لمّا شُفت عينيهم
عينيهم سودا تمامًا .. السكينة وقعت من إيدي و أنا بشهق برعب
البنت قالتلي بصوت ضعيف : " أرجوكي .. لازم تسمحيلنا بالدخول "
حاسّة بالرعب بيتملك مني ، حاجة بتضغط علي قلبي و بتعصره ، حاسّة بحاجة غلط بتحصل جوايا
غمضت عينيا و أنا بهمس : " أنا آسفة .. أنا آسفة "
حاولت أقفل الباب و أنا بعيّط من كُتر الخوف ، الولد بيبصلي و عينيه لونها اسود مُخيف ، إترعشت أكتر و هو بيقولي بنبرة مُخيفة : " لازم ندخل ... لازم ! "
لا .. لا .. لا .. لا .. جسمي بيتنفض من الخوف و أنا بقفل الباب بسرعة قبل ما الخوف يتملك مني و مقدرش أعمل كده
صوت الخبط البطيء إستمر شوية ، مش هفتح الباب اللعين دا مهما حصل ، بعد شوية سابوني و مشوا ، سمعتهم بيخبطوا علي الباب اللي جنبي ، سمعت صوت الباب بيتفتح بعد شوية ، أنا ماليش دعوة .. مش قادرة أتحرك من الخوف
الصُبح صحيت علي صوت سارينة الشُرطة ، الشقة اللي جنبي بابها مفتوح و الناس اللي عايشين فيها إختفوا بدون أي أثر
معرفش راحوا فين .. بس عارفة مين اللي أخدهم !
.
.
.

قصص رعبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن