المدينة اللي كُنت ساكن فيها طول عُمرها تُعتَبَر منطقة تعدين، فيه مناجم كتير في كُل مكان في المدينة تقريبًا، لكن مُعظمهم تقريبًا مناجم فاضية ومهجورة، الحاجة الوحيدة اللي لسَّه شغَّالة في المنطقة هو السكة الحديد، وهُمّا على وشك يهدوها عشان يبنوا جسر كبير
ولكُل مدينة أسطورتها الحضرية، بغض النظر عن منطقية الأسطورة أو جنونها، بس لازم يكون في كُل مدينة أسطورة يتكلِّم عنها أطفال وشباب القرية ويحكوا عنها القصص، إحنا هنا عندنا أسطورة حضارية نتكلِّم عنها، ونحكي قصصها، إحنا عنا عندنا أسطورة السيدة الشاحبة
في الأسبوع الأخير من سنتنا الدراسية التانية في المرحلة الثانوية، حوالي 15 واحد مننا قرروا يروحوا يشوفوا لو أسطورة السيدة الشاحبة دي حقيقية أو لأ، قررنا ندوَّر ورا الموضوع، الأسطورة بتقول إنها بتظهر في السكة الحديد عشان هي مدفونة في المقابر العامة القُريِّبة منها
وجهة نظري أنا الشخصية هي إن الموضوع كُله عبارة عن أسطورة مش أكتر، حاجة كدا الكُبَار بيخوفوا بيها الأطفال الصُغيرين، بس للأسف مش كُل وجهات نظرنا بتكون صح
المُهِم.. المنطقة دي جنب البلدة القديمة، تقريبًا في مُنتصف المدينة اللي إحنا عايشين فيها، خط السكة الحديد على مشارف البلدة القديمة وسهل جدًا نوصل له من هناك، وفيه طريق كبير ما بينها وبين المقابر القديمة
جمعنا بعض وانطلقنا لهناك، قررنا نتوجَّه ناحية السكة الحديد الأول، خايفين نروح المقابر بالليل على الرغم من عددنا الكبير
الساعة كانت تقريبًا 2:30 بعد مُنتصف الليل، وكُنا يوم سبت، كايل صاحبنا كان سارق بيرة من بيت والده، وكُنا حاسين إننا في رحلة ظريفة وقتها، كُل واحد فينا شرب شوية وإحنا ماشيين في الطريق، كُنا قريبين أوي من المكان، الجو هادي جدًا، مفيش غير صوت صراصير الحقل وصوت ضحكاتنا الخافتة
بمُجرَّد وصولنا لمنطقة السكة الحديد، حصل اللي كُنت متوقعه، الموضوع كان مُمِل جدًا، مفيش أي أثر للسيدة الشاحبة، الشباب بدأوا يضحكوا ويتريقوا
كان معانا شاب اسمه زاك، قلع الكوفية بتاعته ولبسها على وشه وهو بيتحرَّك بعشوائية وبيقلِّد أصوات شبح حزين وبيقول: " بصوا عليا.. أنا شبح السيدة الشاحبة "
بصراحة كُلنا كُنا بنضحك على اللي هو بيعمله، حد مننا نده عليه وقاله: " لا إنت مش شبح السيدة الشاحبة، إنت مُجرَّد مُغفّل مش أكتر "
زاك فضل يلف حواليا ويقلِد شبح السيدة الشاحبة شوية وإحنا ماشيين، بعد شوية لاحظنا إنه سكت، وبدأنا ندوَّر عليه، لكنه كان اختفى تمامًا
حصى صُغيَّر بدأ يترمى علينا، كان كتير وبيترمى بقوة غريبة، أكيد زاك اللعين هو اللي بيعمل كدا، بدأنا ننادي عليه: " زاك.. تعالي بقي.. اظهر يلَّا "