كان يوم سبت الصُبح، ركبت عربيتي وانطلقت ناحية بيت صديقتي في ريف ولاية ماين
بنتقابل بقالنا حوالي سنة دلوقتي، وخلال الأسابيع القليلة اللي فاتت بدأت تلح عليَّا إني أروح أقابل أهلها اللي ساكنين في منطقة ريفية بشمال ماين، وبما إننا في أجازة الصيف، وإحنا في أجازة من الجامعة، فميش حجة تخليني أعتذر عن الذهاب يعني، قرَّرت آخد عربيتي وأروح لحَد هناك، هقضي هناك عُطلة نهاية الأسبوع، وبعدها هاخدها ونرجع مرة تانية لبوسطون عشان نلحق بداية الدراسة
الرحلة دي هتستغرق حوالي خمس ساعات بالعربية، كُنت قُريِّب من حديقة باكستر العامة، ودي منطقة كُلها غابات وبحيرات ومناظر طبيعية خلَّابة، منطقة كلها جمال، لكنها للأسف معزولة لحدٍ ما، بقالي فترة سايق لوحدي ومشُفتش أي مخلوق لحَد دلوقتي
بعد شوية حسيت إني محتاج ألبي نداء الطبيعة، وقفت على جنب وبدأت أدوَّر على مكان أقدر أقضي فيه حاجتي
الأشجار مكانتش كثيفة في الناحية دي من الطريق، قرَّرت أدخُل جوا الغابة شوية وأدوَّر على مكان ينفع، وفعلًا بسُرعة جدًا لقيت مكان مُمتاز، قضيت حاجتي، لفيت وشي وبدأت أرجع لعربيتي مرة تانية، لكن فجأة.. لمحت حركة خافتة وسط الأشجار، يبدو إن فيه.. يبدو إن فيه ناس هنا غيري، أصوات لخطوات أقدام بتقرَّب مني من كُل مكان، سامع ورق الشجر الجاف وهو بيتكسَّر تحت رجليهم وهُمَّا بيتحركوا ببطء
بدأت أتلفت حواليا بسُرعة، قلبي بيدُق بعُنف وأنا بدوَّر على مكان أختبئ فيه، لكن الغابة والأشجار حواليا في كُل مكان، فضلت أتلفت حواليا لحَد ما شُفتهم!
3 أو 4 رجالة واقفين أدامي، لابسين هدوم قديمة مقطعة وأقنعة مُخيفة على وجوههم، كُل واحد فيهم ماسِك سلاح في إيده، وكُل سلاح فيهم مُختلف عن الباقيين، ماسكين منجل، سكاكين، خناجر، واحد منهم كان ماسك في إيده شومة خشب مليانة مسامير مصدية
واحد منهم سألني بسُخرية بصوت هامس مليان شر: " مالك يا حبيبي؟ القطة كلت لسانك ولا إيه؟ "
كان بيمرجح الشومة جنبه بوحشية، كان باين إن نيتهم ناحيتي مش نية كويسة أبدًا، بس مش دا اللي لفت نظري، اللي لفت نظري إن إيده مشوَّهة وناقصها صابعين وفيها حرق ضخم!
حسيت إنها.. حسيت إنها مخلَب أكتر منها إيد بشرية
وراهم كانت فيه جُثة ست حجمها صُغيَّر، هدومها مقطعة وجسمها مليان جروح وكدمات، كانت لسَّه حية، بس واضح من الصوت اللي طالع منها إنها خلاص.. بتحتضر، عُمري ما سمعت حد بيأن بخوف ورعب زي الست دي، صوت أنينها كان مُرعِي
في النهاية بصيت ليهم مرة تانية، ويبدو إن نظرتي للست لفتت انتباههم ليها، لأن الراجل اللي ماسِك الشومة وطى عليها وبصلها من ورا قناعه وهو بيرفع صباعه أدام شفايفه، كان عايزها تسكُت
" هششششششششش "
بقية اللي حَصَل مش فاكره كويس!
فاكر إني جريت بسُرعة ناحية عربيتي، بدأوا يجروا ورايا ويصرخوا وهُمَّا بيحاولوا يصطادوني بأسلحتهم، كُنت بجري بشكل عشوائي بين الأشجار، ركبت عربيتي وانطلقت بسُرعة وأنا شايفهم في المراية الأمامية بيحاولوا يلحقوا العربية
فاكر إني وقفت جوا أقرب محطة بنزين قابلتها، واتصلت بالشُرطة بسُرعة
وقفت فترة في محطة البنزين لحَد ما قدرت أستجمِع شجاعتي، حد من الشُرطة جالي وسمع أقوالي وسألني هقعد لحَد إمتى في ولاية ماين، قُلتله إني قاعد فترة، طلب مني عنوان المكان اللي هقعد فيه، وإديته عنوان بيت أهل صديقتي وقُلتله إني هقيم عندهم شوية
لمَّا خلصت مع الشُرطة كُنت متوتِّر وخايف، رغم كدا قررت أشرب كوبايتين قهوة وأكمِّل رحلتي، لازم أقابل أهل صديقتي النهاردة لأنهم في انتظاري
وقفت عربيتي جنب البيت، بيت كبير وضخم ولطيف، الوقت متأخَّر شوية بس دي مش مُشكلة يعني، أنا كان عندي ظرف مفيهوش نقاش
لكن على ما يبدو إنهم مكانوش مُهتمين أبدًا بالتأخير، كانوا سُعداء بوجودي معاهم ووسطهم، والدتها كمان كانت فرحانة إنها قابلتني أخيرًا بعد كلام بنتها عني، أنا فرحان إني سمعت كلامها وقرَّرت أزورهم، واضح إنهم لطفاء جدًا
لمَّا قابلت والدها لأول مرة، كان قاعد على ترابيزة المطبخ، قابلني بابتسامة لطيفة وهو بيُقف عشان يسلم عليَّا، كان مُحترم وودود جدًا
قال وهو بيسلِّم عليَّا بحرارة: " فرحان إني بقابلك أخيرًا "
لكن أنا حسيت بحاجة غريبة وهو بيسلِّم عليَّا، بصيت تحت ببطء وقلبي وقف من الخوف لمَّا شُفتها
إيده مشوَّهة وناقصها صابعين وفيها حرق ضخم!
لاحظ نظراتي اللي كُلها خوف فقالي: " متقلقش، دي إصابة عمل قديمة، من أكتر من 20 سنة تقريبًا "
لكن أنا كُنت خايف، بدأت أرجع لورا ببطء لحَد ما خبطت في حد واقف ورايا، لفيت عشان أشوف واحد واقف مُبتسِم
سألني بسُخرية بصوت هامس مليان شر: " مالك يا حبيبي؟ القطة كلت لسانك ولا إيه؟ "
....
الحمد لله إن ربنا كان كريم بيه وقدر يهرب منهم وبلّغ الشُرطة بكُل حاجة وتم القبض عليهم
لكن اتضح بعد كدا إن الأسرة دي بتخلي بنتهم تستدرج الشباب والبنات لمكانهم وهناك بيتغلبوا علي ضحيتهم ويروحوا يدفنوها وسط الغابات
صديقنا شافهم في الغابات لما كان بيقضي حاجته
لكنه هرب منهم وراح لأهل حبيبته من غير ما يعرف ان هما هما نفس القتلة
ومن حسن حظه إنه شاف إيد الراجل المشوهة وعرف إن هو دا القاتل اللي شافه في الغابة
.
.