174

1.1K 121 3
                                    

سمعت صوت اللاسلكي فجأة، رسالة الاستغاثة العاجلة صحتني من نوم عميق

" النجدة، النجدة، المركب بتاعتي حصل فيها تسريب! "

فتحت عينيَّا وأنا ببُص للاسلكي عشان أتأكِّد إني مكُنتش بحلَم

الصوت إتكرَّر تاني، قال كلمة واحدة بس قبل ما يسكُت نهائيًا

" النجدة! "

حاولت أعمل كُل اللي أقدر عليه عشان أقدر أرجَّع الاتصال بيني وبين المركب، لكن مفيش فايدة، خرجت من أوضتي وأنا ماسك المنظار المُقرِّب بتاعي، ووقفت على سطح مركبي

بسُرعة جدًا قدرت أشوف المركب في المنظار، كانت بعيدة شوية ومش قادر أركِّز في تفاصيلها، لكن مع شوية تركيز قدرت أشوفها بوضوح للمرة الأولى

مركب شراعي لطيف مصنوع من الخشب، من شكله هقدر أخمِّن إن تم صناعته من 100 سنة أو أكتر شوية، أنا بحب المراكب الشراعية الخشبية، السنة اللي فاتت لمَّا كُنت في الجامعة، زرت متحف لطيف أوي ليهم، المركب كان شكله حلو أوي، كان شكله حلو للدرجة اللي خلتني نسيت حالة الطوارئ اللي هو فيها أدام عظمة التصميم بتاعته

كان على بُعد 100 قدم مني تقريبًا، كُنت بتأمَّل تفاصيله بشغف، ونسيت كُل حاجة عن الاستغاثة واتصال الطوارئ والحاجات دي

كان بيقرَّب مني ببطء

الجو بدأ يبقى أبرد والسما كانت بتغيِّم أكتر مع كُل قدم بيقربه مني، بس دي أكيد خيالات أو تهيؤات

بمعنى أصح، هو كان ثابت وسط المية وأنا اللي بقرَّب منه بالمركب بتاعي

لمَّا وصلت له فوجئت إنه أكبر مما كُنت متوقِّع

نطيت على سطح المركب وبدأت أربط المركبين ببعض من مكانين مُختلفين

ناديت بصوت عالي: " هاي؟ إنت كويس؟ "

صمت تام..

فجأة.. سمعت صوت غريب أوي، الصوت كان خافت وظَهَر بشكل غريب

" ساعدني "

الصوت كان خافت لدرجة إني تخيَّلت إني سمعته، هو دا مُمكِن يكون تهيؤات زي الغيوم والبرد؟

صرخت بصوت عالي: " أنا جاي "

للحظة نسيت كُل حاجة عن سلامتي الشخصية، بدأت أنزل على السلم الخشبي، كُنت بغرق وسط الظلام، أول ما وصلت لتحت، أدركت سريعًا إن الظلام أكتر وأعمق مما كُنت أتصوَّر، جزء مني كان بيصرُخ فيَّا إني لازم أرجع تاني وأجيب كشَّاف، لكن الجُزء التاني كان قلقان على البحَّار اللي كان بيستغيث بيَّا، كُنت بقول لنفسي إنه طالما استغاث وقال إن فيه تسريب، يبقي من المُمكِن جدًا إن ميبقاش عنده وقت كفاية

بدأت أتحرَّك في المركب، حاسِس بالمية تحت رجليا، سندت بإيدي على جدار المركب الداخلي وحسيت بالبلل مغرقه هو كمان، المية كانت بتزيد مع كُل خطوة بمشيها لجوا

كان لازم أقف!

كان لازم أرجع!

لكن الصوت إتكرَّر تاني، كان أقرب وأقوى: " ساعدني "

الصوت كان كله شر وحقد، بس لا.. ليه حد بيستغيث بيَّا هيكون صوته شرير، دي أكيد تهيؤات، أنا لازم أركِّز شوية

سألت بتوتُّر: " إنت فين؟ أنا مش شايف حاجة؟ "

رد عليَّا: " أنا هنا "

عينيه لمعت وهو بينطق آخر جُملة، ظهرت وسط الظلام وهي بتلمع بطريقة غريبة، لونهم كان أصفر مُرعب، لمَّا شُفتهم أدركت حاجتين مُهمين أوي

الحاجة الأولى: إن الشبابيك كلها متغطية من جوا، عشان تمنع ضوء الشمس من الوصول للشيء اللي هنا دا، هو حابِب يكون في ظلام تام

الحاجة الثانية: إن السائل اللي مغطي الأرض والحوائط دا مش مية، مش مية أبدًا

سمكه وكثافته أتقل من إنه يكون مية

بدأت أحس بالخوف بيتملَّك مني، رجليَّا بتترعش بشكل غريب، مش قادر أقف، وقعت وسط البلل

وَقَف، وبدأ يقرَّب مني

كان بيضحك، ضحكة شريرة أوي، فجأة بَطَل ضحك وهو بيقول بقسوة: " صدقتني، في تسرُّب في مركبي "

كُنت حاسِس إني في كابوس، مش قادر أتحرَّك من شدة الخوف، براقب العينين الصُفر وهُمَّا بيقربوا مني، حاسِس إن هيغمى عليَّا، مش عارف المفروض أتصرَّف إزاي

فجأة.. جاتلي فكرة، وكان لازم أتحرَّك بسُرعة قبل فوات الأوان

مديت إيدي على الغطاء اللي مغطي الشباك القُريِّب مني، وشديته بقوة

ضوء الشمس دخل لبطن المركب، إتحركت بسُرعة عشان أقف وسط الضوء، اللي تقريبًا كان مشكِّل دايرة حماية حواليا

سمعت صوته بيزمجر بغضب وهو بيرجع لورا بعيد عن الضوء، وقف بعيد في الظلام، مش قادر ولا عارف أشوف ملامحه، شايف عينيه الصفرا وهي بتلمع وسط الظلام بس مش أكتر

قررت أستغل الفُرصة قبل فوات الأوان، نطيت بسُرعة من مكاني وطلعت لسطح المركب، وبحركات سريعة كُنت على سطح مركبي أنا وبفك العقد اللي ربطت بيها المركبين ببعض، كُنت متوقِّع إنه هيهاجمني في أي وقت

.

الكلام دا حصل من ساعات..

أنا دلوقتي بأمان وفي مكان بعيد عنه

أنا عارف إن مفيش طريقة مُمكِن الشيء دا يحدِّد بيها مكاني، ودا لأني بتحرَّك بعشوائية تامة

بس أنا شايف الشمس بتغرب، الليل هييجي، وأنا خايف الشيء دا ييجي مع الليل

إدعولي أبقى كويس

.

هو بخير.. الحمد لله محصلوش أي حاجة
هو بس مكانش يعرف إن فيه أسطورة حضرية في البحر بتقول إنك لو شُفت مركب خشبي قديم، عُمره تقريبًا 100 سنة بيستغيث بيك، ابعد عنه، لأن دا كيان من الكيانات الشريرة ودي طريقته في استدراج ضحاياه
والدم اللي مالي المركب كلها تحت دا دم ضحاياه
من حُسن حظ اللي بيحكي إنه كان ذكي وقدر يوصل لطريقة يهرب بيها منه
.
.

قصص رعبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن