155

1.2K 114 4
                                    

ماما قالتلي في مرة: " لو رُحت هناك.. هياكلك "

بتقول إنها شافته مرة، في الغابات، وإنه شافها زي ما شافته

طول عُمري ممنوع من دخول الغابات اللعينة، ومش أنا لوحدي، لأ.. مفيش راجل أو ست من السُكّان المحليين، مهما بلغت درجة غبائه هيدخُل الغابة الموجودة في آخر البلدة

على الأقل، بعد اللي حصل لطفل عائلة نولان

بيلي نولان كان طفل من صُلب الشيطان، الولد دا – الله يرحمه – كان شقي جدًا، كان أكبر طفل لآل نولان، والده ووالدته ناس لُطفاء ومُحترمين، نفس الشيء بالنسبة لإخواته الأربعة الباقيين

في صباح شتوي غائم، بيلي الصُغيَّر قرَّر يروح رحلة استكشافية مش هيرجع منها تاني، البلدة كُلها سمعت صوت صريخه، صريخه كان مليان ألم، مُعاناة، وضيق، نُص رجال البلدة جروا على هناك، دخلوا جوا الغابة وهُمّا بيجروا زي المجانين، بس ملقوش أي أثر لبيلي، لحَد ما والده اكتشف جُثة بيلي، أو بمعنى أصح.. اكتشف اللي تبقى منه بجوار البحيرة

لسّه بنسمع صوت صرخات بيلي من الغابة في أوقات متأخرة من الليل كُل يوم تقريبًا

اللعنة، صراخه بينشِّف الدم في عروقي لحَد النهاردة

بالنسبة لبلدة صغيرة زي بلدتنا، دي كانت مأساة ضخمة، أنا لسّه فاكر رد فعل السيدة نولان لمّا بلغوها، انهارت وهي بتعيّط، وبدأت تخربش وشها بضوافرها الطويلة، كان في نظرة جنون بتلمع في عينيها

البلدة كُلها حضرت جنازة بيلي

دي كانت آخر مرة حد مننا – السُكَّان المحليين – يجرؤ يدخُل الغابة اللعينة دي

لكن السُيَّاح.. يا الله، السُيَّاح الأغبياء مش بيهتموا بكُل الكلام دا، لا يتصرفوا وكأن قلبهم ميت ومش بيخافوا من حاجة، سواء كانوا عارفين أو مش عارفين مكانوش بيهتموا بكلامنا ولا بتحذيراتنا، اللعنة على الأجانب دول، دايمًا بيتجرؤوا على تدنيس حُرمة الغابة الملعونة، لمَّا بنقولهم وبنحذرهم، بيقولوا إن الكلام دا مُجرَّد أسطورة مش أكتر، بيقولوا إن اللي بنقوله كلام تخريف، وبيقولوا إن كلامنا مالوش معنى

بس مفيش أسطورة وكلام تخريف مش معقول هيخلينا نسمع صراخهم الشنيع بعد دخولهم الغابات بدقايق، كُل البلدة بتكون قادرة تسمع صوت الصراخ المليان ألم، صوت تكسير العظام، صوت النهش والمضغ، صوت البُكاء والأنين، بس إحنا منقدرش نعمل حاجة، بنبُص لبعض في حُزن وخلاص

بس دي مش غلطتنا، هُمّا اللي مش بيسمعوا الكلام

لكن خلوني أقولكم إن فيه بعض السُيَّاح كان حظهم حلو وخرجوا من الغابة أحياء، الموضوع مش صعب ولا مُستحيل، الموضوع بسيط وأي حد مُمكِن يعمله بمُنتهى السهولة

صحيح إنك لو حاولت تدخُل الغابة لازم نحذرك ونحاول نقنعك تغيَّر رأيك، لكن لو إنت مُصمِّم، خليك فاكر إن البلدة دي بلدتنا وإحنا أدرى بيها، هنديك شوية نصايح لازم تمشي عليهم وتسمعهم كويس أوي

لو حسيت فجأة برغبة مُلِحَّة في إنك تبُص وراك، أرجوك.. بلاش

لمَّا تلف وتبُص وراك مش هتشوف حاجة، عُمرهم ما هيسمحوا ليك تشوفهم، بس بمُجرَّد ما عملت كدا، إحساسك بالخوف هيفضل يزيد ويكبر، ومش هيتوقَّف أبدًا لحَد ما هتقع فريسة ليهم، عشان كدا أرجوك.. بُص أدامك

لو سمعت حد بينادي عليك، أرجوك.. متردش عليه

حتى لو الصوت اللي بينادي عليك كان صوت والدتك، والدك، أو أي حد من أصدقائك، إوعي ترُد عليه، مهما حاول أو أصر.. تجاهله

لو حسيت بالخوف أو بالرُعب، أرجوك.. بلاش تستسلم للشعور دا

أكيد هتحس إنك خايف، في النهاية إنت شخص وحيد في غابة ميعرفهاش، وسُمعتها سيئة، بس خليك عارف إنك مهما حسيت بالخوف.. بلاش تستسلم ليه

أرجوك.. ثق في غريزتك، لو حسيت إنك خايف من طريق أو ممر، بلاش تدخله، امشي ورا إحساسك وغريزتك للنهاية

حاول تستخدم حواسك كُلها، خلي عينيك مفتوحة على آخرها، شم كويس، اسمع بحِرص، خليك مركّز عشان تسمع صوت أوراق الشجر وهو بيتطحَن تحت رجليهم، صوت الأغصان وهي بتتكسَّر وهُمَّا بيعدوا من خلالها، لو سمعت أي صوت مش طبيعي.. أقف مكانك ثابت، اوعى تتحرَّك.. أبدًا

آخر حاجة، تأكَّد إنك حافظ الطريق كويس، لأنك هتتوه في وقت من الأوقات، إنت بالنسبة ليهم مُجرَّد وجبة غدا، ومحدش مننا هيدخل ينقذك منهم مهما حَصَل

أتمنى إنك تكون من اللي بيسمعوا الكلام

أرجوكم..

إحنا مش قادرين نسمع صراخ تاني، تعبنا من صوت الصراخ
.أهل مكة أدرى بشعابها
وأهل البلدة دي أدرى بغاباتها
هُمّا على ما يبدو عارفين إيه اللي عايش في الغابات دي، وعارفين إزاي يتفادوه ويخرجوا من الغابة دي سُلام
أول نصيحة لازم أي حد بيسافر لمكان جديد لازم يطبقها من وجهة نظري الشخصية هي إنه يسمع كلام أهل المكان دا بدون أسئلة أو نقاش
.

قصص رعبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن