لمّا أُختي ماتت ، قدرت أفتَح حساب الفيس بوك بتاعها ...
بعد ما كَتَبت الجُملة دي إستوعبت أد إيه هيّ جُملة غريبة ، عشان أكون صريح معاكم كمان .. منطقيًا مش لازم أنا أكون الغنسان اللي لازم يفتح حساب الفيس بوك بتاعها بعد وفاتها ، لو فيه حَد هيكون مسموح له إنه يفتح الحساب هيكون جوزها تيد ... !
بس في ملحوظة مُهمة ...
محدش إطلاقًا يعرف إني أقدر أفتح حسابها !
هيّ إدتني كلمة السر بتاعتها من حوالي 6 سنين تقريبًا ، كانت برا البيت و عاوزة تتأكد من حاجة فكلمتني عشان أفتح حسابها و أقولها ، مش فاكر بصراحة إيه هيّ الحاجة اللي كانت طالباها مني ، ذكريات زي دي بتتنسي وسط مشاغل و هموم الحياة ، مليون ذكري ... مليون إبتسامة ... مليون موقف و كلهم بيتنسوا مع ضغط الحياة و بنندم علي كُل لحظة ضيعناها مع اللي بنحبهم لمّا بيروحوا مننا ...
أنا آسف ... أنا بخرُج عن الموضوع
علي أي حال ، بعد أسبوع تقريبًا من وفاتها و بسبب الحُزن و الملل قررت أجرّب أفتح الفيس بوك بتاعها ، مُجرد محاولة لأنها أكيد غيرت كلمة السر الخاصة بيها خلال الـ 6 سنين اللي فاتوا ، بس المُفاجأة كانت إن الحساب فتح معايا بشكل طبيعي ، بصراحة دا كان من حُسن حظي
عارف بتفكروا في إيه وت عاوزين تقولوا إيه ، إن مش من حقي أدخُل حسابها و إني كده بنتهك خصوصيتها ، بس أنا هتجاهل كُل كلامكم ، أنا في حالة حُزن و مش ههتم بكلام ناس مش حاسّة بيّا ، وقتها كُنت حاس إني بعمل حاجة طبيعية و كُنت لاقي لنفسي ألف مُبرر ، و بعدين بكُل بساطة لولا اللي حَصَل مكنش حَد فيكم عرف فبلاش تقولوا كلام مش هيفيد في المرحلة دي ، غيرت الوضع للأوفلاين عشان محدش ياخد باله إن الحساب مفتوح !
قضيت وقت طويل في البحث جوا الحساب بتاعها ، شُفت الجروبات اللي هي مُشتركة فيها واحد واحد و دوّرت جواهم كويس علي أي حاجة تخُصها ، شُفت الصفحات اللي هيّ عاملالها لايك و حاولت أدوّر علي أي كومنت ليها ، الموضوع بسُرعة تحوّل لإدمان غير صحي ، بقيت مهووس بفكرة البحث عن أي أثر ليها ، كُنت يائس و عاوز ألاقي أي حاجة من ناحيتها ، و الإنترنت النهاردة بقي بيستولي علي 80 % من وقتنا و حياتنا ....
و أنا آسف إني هقول حاجة زي كدا ... و حاسس بالخجل جدًا ... لكن أنا في النهاية فتحت الرسايل بتاعتها !
.
لو دا هيحسِّن صورتي أدامكم فأنا ملقيتش وسط الرسايل أي حاجة مُمكن تقلب موازين أو تكشف أسرار هيّ مكانتش عاوزاها تتكشف ، أختي كانت من النوع اللي بيفضل الكلام بشكل شخصي أو عن طريق التليفون أكتر بكتير من رسايل الفيس بوك لذلك رسايلها كانت قُليلة و مش مُفيدة ، أكتر حاجة غريبة لقيتها هوّ كلامها مع إبن عمنا سام و أنا كُنت مُعتقد إن علاقتها بيه متوترة شوية لكنهم كانوا بيتكلموا بمرح و بشكل عادي ، صديقتها إلكا بتعزمها علي حفلة هيتجمعوا فيها هيّ و أصحابها ، و إتفاق مع لقاء سريع و هام للضرورة مع أعز صديقاتها فريدا
تفاصيل الحفلة و اللقاء مع فريدا وجعولي قلبي و حسيت بإنقباض و أنا بقراهم ، من المُؤلم إنك تشوف تفاصيل لقاء متمش ، كانوا بيتكلموا و بيتفقوا علي ميعاد للأسف آنا ماتت قبل ما تروحه ، رسايلهم لبعض كان باين عليها التوتر ، كأن كُل واحدة فيهم داخلة صراع خفي مش قادر أحُط إيدي عليه ، أنا فاكر شكل فريدا في الجنازة ، كانت متوترة أوي و بتبكي بألم ، أعز صديقاتها ماتت و بينهم توتر و عدم رضا ، فكرة إن حد بتحبه يموت و إنت مقصَّر في حقه هتطاردك طول عمرك و مش هتحس بالراحة أبدًا ....
المُشكلة إنك دايمًا بتبقي فاكر إن لسّه أدامك وقت ، يوم وفاتها كُنت في الصيدلية بجيب لها دوا طلبته مني من فترة ، حبوب حديد لأنها بتعاني من حالة فقر دم بتخلي بُقع زرقا زي الكدمات بتظهر في إيديها و رجليها ، في الفترة الأخيرة الكدمات كان لونها أزرق داكن و كانت مؤلمة جدًا ليها ، جبت ليها الدوا و قررت أشتري لها شوكولاتة عشان أبسطها شوية ، قبل ما أشتريها جاتلي المُكالمة ....
أختي ...
أختي الجميلة الغبية ، وقعت من فوق السلم ... مش أول مرة تقع من علي السلم ، و قلتلها ألف مرة إنها لازم تاخد بالها من نفسها ، كانت دايمًا تضحك و تقولي إنها محظوظة ...
لكن المرة دي مكانتش محظوظة ، المرة دي وقعت و رقبتها إتكسرت ... و ماتت !
فاكر رد فعلي لمّا بلغوني ، وقفت في وسط محل الشوكولاتة مش مصدق اللي سمعته ، عينيا مليانة دموع و جسمي بيترعش ، قعدت علي الأرض و أنا بفتكر تفاصيل المُكالمة مرة ورا مرة ورا مرة ...
دا مش عدل .. مش عدل أبدًا ... آنا متستحقش الموت
مجرد إني تذكرت الموقف دا بدأت أبكي بحُزن و قلبي بيتملي ألم مرة تانية ، قاعد علي كُرسي المكتب و ببكي و قبل ما أقفل اللاب توب و أقوم أنام سمعت صوت رسالة جديدة بتوصل لآنا ..
عادةً البشر بيعملوا كدا و يبعتوا رسايل للناس اللي بتموت و بيبعتولهم طلبات صداقة ، مش فاهم الفكرة لكن بتخيّل إنهم دايمًا بيرفضوا تصديق الواقع و بيتمنوا لو إن اللي حصل دا مُجرد إشاعة أو كذب ، مكُنتش مُستعد أقرا أي رسالة في الحالة النفسية اللي كُنت فيها
حاولت أقفل الحساب بتاعها لكن في آخر لحظة عيني وقعت علي الرسالة ...
و هنا وقفت .. الأمر غريب شوية و مُختلف في الرسالة دي ...
الرسالة دي من تيد ... جوزها ، قبل ما أقفل لمحت السطر الأول من الرسالة باين من برا
( مكانش لازم الأمور تمشي بالطريقة دي ! )
علي طول إفتكرت شكل تيد في الجنازة ، وشه شاحب و بيترعش بقوة ، الحُزن مسيطر علي كُل ملامحه زي ما يكون هوّ اللي مات ، زي ما يكون في سر مش قادر يقوله للناس ، حاولنا كتير نتكلم معاه لكن كان رافض تمامًا
ضميري كان بيؤمرني إني لازم أقفل الرسايل و كفاية كدا
لكن فضولي كان أقوي مني و من ضميري
فتحت الرسالة !!
.
( مكانش لازم الأمور تمشي بالطريقة دي ! )
( اللي حَصَل دا مكانش لازم يحصَل ، المفروض دلوقتي متلوميش غير نفسِك ، أنا كمان بلومك علي كُل حاجة ، أنا متضايق منك جدًا جدًا ، كان مُمكن نلاقي ألف حل نحل بيه كُل حاجة ، أنا بحبِك ، حتي في أسوأ أوقاتك و حالاتك النفسية بحبك ، إنتي عارفة كدا كويس ، لازم تكوني عارفة ! ، أنا عملت كُل حاجة عشانك ... إديتك كُل حاجة .. و إنتي كُنتي ناكرة للجميل ! )
( إنتي عارفة إني مكُنتش أقصد ، إنتي اللي ضايقتيني بالشكل دا ، و اللي حَصَل دا آلمني أنا كمان ، مكُنتش عاوز أعمِل كدا ، إنتي معندكيش أي فكرة أنا حاسس بإيه ، متعرفيش أنا فكرت في إيه في الليلة اللي بعد كدا ، و غير دا و دا ، القتال دا تقريبًا كسَر إيدي ، مش إنتي لوحدك اللي تضررتي من القتال دا ، صحيح إنتي مُوتّي لكن أنا كمان إيدي إتكسرت ! )
( كان نفسي تسمعي الكلام ، كان نفسي متحاوليش تهربي ، كُنتي مُتخيلة إني مش هكتشف الخطة اللي حطيتيها مع فريدا ؟ ، فاكرة إنك كُنتي هتكوني بأمان معاها ؟ ، ضحكتيني و الله .. ! ، إنتي عارفة كويس أوي أوي إنك كُنتي في أمان معايا ، صحيح أنا بخرج عن شعوري ساعات .. بس مين فينا مبيخرجش عن شعوره ساعات ؟ ، كان لازم تحبيني أكتر من كدا .. كان لازم تعشقي كُل حاجة فيّا .. و لا نذور زواجنا كانت كدبة بالنسبة لكي ؟؟ )
( اللي حَصَل دا غلطتك ، محدش قالك تسيبي تليفونك مفتوح ! ، لمّا لقيته إضطريت أقرا الرسايل دي ! ، اللي حصل دا غلطتك ، إنتي عارفة إني بتألم ، اللي حصل دا غلطتك ، إنتي اللي أغضبتيني بالشكل دا ، إنتي اللي أجبرتيني أؤذيكي مرة تانية !! )
( لسّه مش فاهمة ؟؟ ، دي غلطتك ! .. و دلوقتي إنتي إتعاقبتي عليها ! )
.
كُل ما كُنت بقرا الرسايل كان شعوري بالمرض و الخوف بيزيد ، واحدة واحدة بدأت الصورة تترسم في خيالي بشكل كامل ، صورة كسرت قلبي و ملت عينيّا دموع
لا ..
لا ...
قبل ما أفكّر أو أتصرّف أكتر من كدا وصلت رسالة كمان
( إيه دا ... مين اللي بيقرا الرسايل دي ؟؟؟ )
اللعنة ! ، أنا نسيت إني لمّا هفتح الرسايل هيظهر عنده إنهم إتقروا ، حسيت بخوف .. قفلت اللاب توب بسُرعة .. و بعدت عنه و جسمي بيترعش
أخدت ساعات طويلة لحَد ما إستوعبت أنا قرأت إيه ؟ ، و ساعات أطوَل لحَد ما قررت هتصرّف إزاي ! ، ضيعت وقت طويل و أنا بحاوِّل أفهم لكن لما فهمت .. لمّا فهمت تيد عَمَل إيه في أختي .. عرفت لازم أتصرَّف إزاي !
أخدت سكرين شوت من كُل الرسايل اللي تيد بعتها ، رحت بيهم لقسم الشُرطة ، الساعة كانت تقريبًا ٣ بعد مُنتصف الليل ، لكن علي عكس العادة .. إهتموا جدًا بالصور و باللي حكيته !
بدأوا البحث عن تيد في الحال ، و طبعًا تيد مكانش في البيت ، كان هرب ، محفظته و فلوسه و بطاقته الإئتمانية معاه ، واجهوا فريدا اللي حَكَت ليهم كُل حاجة ، آنا كانت بتخطط إنها تهرب منه ، كانت هتروح تعيش معاها ، لحد ما تخلّص إجراءات الطلاق ، طلبت تتكلم معايا لكن أنا رفضت ، كان لازم تحكيلي من الأول !!
الشُرطة بتحقق في الموضوع ، مستنيين يظهر في مكان أو يستخدم واحدة من بطاقاته الإئتمانية عشان يحددوا مكانه
بالنسبة لي ...
بدعي ربنا من كُل قلبي إنهم ميلاقوهوش
لأن لو لقوه هيبقي تحت طائلة القانون ، و القانون ضعيف و خانع ، أقصي عقوبة هياخدها هيّ السجن و الحياة في السجن لشخص حقير مثله رحمة هوّ مايستحقهاش
و زي ما الشُرطة بدأت تحقيقها ، أنا كمان بدأت تحقيقي الخاص ، علي عكس الشُرطة أنا مش هتوقف إلا ما ألاقيه ، مش هتوقف إلا ما أحقق العدالة لآنا ، العدالة لأسرتي
خدوه مني وعد ...
مش هتوقف إلا ما أقتله زي ما قتلها !!
.
.زي ما شُفنا السوشيال ميديا و هيّ بتدمّر حيوات قبل كدا .. جه الوقت اللي نشوفها فيه بتكشف جريمة و بتكشف قاتل
و السوشيال ميديا زيها زي أي شيء آخر في الكون لها مُميزاتها و لها عيوبها و إن كانت عيوبها أكتر و أقبح
آنا كانت في صراع من جوزها اللي كان بيضربها ، الضرب ساب كدمات في جسمها بررتها لأخوها بنقص في الحديد عشان متقولوش إن تيد بيضربها ، في نفس الوقت كانت بتتفق مع فريدا إنها هتهرب من البيت و تقعد عندها لحَد ما تحصُل علي الطلاق
نقطة التحول كانت إن تيد شاف الرسايل ( sms ) و قرر يعاقبها علي إنها هتغدر بيه و هتسيبه بعد ما - من وجهة نظره - عمل عشانها و إداها كُل حاجة
و قد كان ...
دفعها من فوق السلم زي ما كان متعود يعمل لكن المرة دي كانت مُختلفة ، وقعت علي رقبتها و ماتت
لولا إحساس تيد بالذنب دفعه لإنه يعاتبها علي رسايل الفيس بوك كانت الجريمة مش هتتكشف
حتي الآن تيد هربان و مالوش أي أثر !
.
#بتاع_الرعب
#حدث_بالفعل
#قصص_حقيقية_حول_العالم