محدش بيعرف يكدب علي أُختي كاسيدي أبدًا ، مُمكن تخبي عليها حاجات صُغيّرة .. لكن لو حاولت تكدب عليها في حاجة كبيرة هتعرف و أقصد هنا بالحاجة الكبيرة السر اللي مُمكن يؤرقك .. الذنب !
كاسيدي عندها هبة مُميزة .. بتقدَر تشوف إحساس الناس بالذنب
مقصدش هنا إنها بتقرا تعبيرات الوجه و بتقرا لغة الجسد فتستنتج منهم شعور اللي أدامها بالذنب .. لا .. هيّ حرفيًا بتشوف إحساس الناس بالذنب مُتمثل في شكل بيمشي وراهم
أول مرة لاحظنا الموضوع ده لمّا كانت صُغيرة ، كان عندنا قُط إسمه ويسكي ، القُط ده فجأة إختفي و ماما قالت لنا إنها مشته من البيت لأنه بقي عجوز و من حقه يستمتع بالباقي من حياته
لكن كاسيدي برغم صُغر سنها كانت بتشوفه قاعد تحت رجلين ماما و مش بيتحرك ، سألت ماما علي الموضوع ده كتير و مع تكرار الأسئلة و إلحاح كاسيدي علي الفهم .. ماما إنهارت
من وسط دموعها قالت لنا إن ويسكي كان مريض و الدكتور قالها إنه لازم يموت ، ماما كانت حاسّة بالذنب إنها بتكذب علينا بخصوص موته ... و كاسيدي قدرت تشوفه لأن ماما حاسّة بالذنب بسببه
بعدها بأيام ..
بابا ساب شُغله و قالنا إنه إستقال و معروض عليه شُغل أحسن لكن كاسيدي كانت بتبعد عنه و شكلها خايفة ، لمّا سألناها قالت إنها خايفة لأن فيه راجل شبه بابا بالظبط بس هدومه مقطعة و باين عليه سوء التعذية و الفقر ماشي ورا بابا ، لمّا قالت لبابا الموضوع ده و سألته أكتر من مرة
إنهار ..
بابا إتطرد من شُغله و كان مرعوب إنه يبقي مُشرد و ميقدرش يصرف علينا و يضطر للشحاتة ، كاسيدي قدرت تشوف إحساسه بالذنب علي هيئته و هوّ مُشرَد
ساعتها بدأو يلاحظوا ..
سألوها عرفت الحاجات دي منين ، بس مع صُغر سنها اللي كان تقريبًا 4 سنين وقتها و خوها منهم مقدرتش تقول إلا إنها متعرفش
مع تكرار المواقف بابا و ماما خدوها للأطباء اللي فحصوها فحوص شاملة أكتر من مرة و كُل مرة قالوا إنها طبيعية جدًا جسديًا و عقليًا و مفيش أي حاجة تدعو للقلق ، ماما و بابا قرروا يتجاهلوا الموضوع طالما مش مُسبب أي ضرر لأي حد
.
بدأنا مع مرور الوقت نفهم قُدرتها أكتر ، كاسيدي بتشوف بس الحاجات الكبيرة اللي الواحد حاسس بذنب رهيب تجاهها ، و طبعًا كانوا مفهمين كاسيدي كويس متتناقش في أي حاجة تخُص قدرتها الغريبة خارج نطاق الأسرة و إلا الناس هيهاجموها و يقولوا عليها مجنونة و يسببوا ليها متاعب
الميزة الوحيدة للهبة الغريبة دي هيّ إنها فرضت الصدق و الصراحة بينا و بين بعض و إلا أي حد هيخبي سر حاسس بالذنب بسببه كاسيدي هتعرف و هتقول للباقيين
في يوم و إحنا بنتعشي بابا قالنا إن البيت اللي جنبنا إتباع و صاحبه القديم مشي و الساكن الجديد هيوصل الصُبح ، طلب من ماما تخبز كوكيز كترحيب بالساكن الجديد
الصُبح كُنا رايحين سوا و في إيدينا طبق كوكيز سُخن ريحته شهية جدًا ناحية البيت اللي جنبنا عشان نرحب بجارنا الجديد ، بابا خبط علي الباب و بعد لحظات فتح لنا الباب شخص كبير في السن و وشه مدوّر و بيبتسم بلُطف ، عرفناه علي نفسنا و إديناه طبق الكوكيز ، أخده بإبتسامة و هوّ بيقول : " أنا آرني "
كاسيدي كانت بتترعش من الخوف و هيّ بتحاول تختبئ ورايا ، لمّا آرني أخد باله و بصلها عينيها دمعت بخوف و هيّ بتقول بإرتباك : " أنا .. أنا لازم أمشي عشان .. عشان عندي مُذاكرة كتير "
حسينا بالإحراج و ودعنا آرني بسُرعة و لمّا دخلنا البيت كانت بتنتظرنا في غرفة المعيشة و هيّ بتترعش و بتصرخ : " كان فيه ناس وراه .. كان فيه ناس كتير .. أنا شُفت طفل و ست و رجالة كتير "
ماما حاولت تهديها عشان تفهم منها هيّ شافت إيه ورا آرني أو بمعني أصح إيه ذنب آرني !
كاسيدي قالت بخوف : " كان فيه ناس ورا آرني .. ناس كتير أوي .. كلهم مجروحين و هدومهم مقطوعة و مليانين دم .. الناس دول كانوا أموات "
بدأنا نفهم ، الناس الميتين دول هُمّا ذنب آرني اللي بيطارده و كاسيدي قدرت تشوفه ، بابا حاول يتأكد منها من اللي شافته و لمّا هيّ أكدت له ، بص لماما و قالها : " إحنا مش هناخد أي خطوات لكن لحين ما نتأكد من الشخص ده .. مش عاوزه يقرّب من البنات أبدًا .. مفهوم ؟ "
حاولنا مع الوقت نتجنب آرني لكن مش حاجة سهلة أبدًا إنك تتجنب جار بينك و بينه سور خشبي قديم ..
بعد أسبوع سمعنا خبط علي الباب و لمّا كاسيدي راحت عشان تفتح فوجئت بآرني واقف مُبتسم و في إيده الطبق الفاضي بتاع الكوكيز جاي يرجعه لماما ، كاسيدي صرخت بخوف و قفلت الباب في وشه ، لمّا بابا نزل لقي الطبق و لقي ورقة صٌغيرة كاتبها آرني بيعتذر فيها لو كان سبب أي خوف لكاسيدي و بيقول إن مكانش قصده و كمان بيشكر ماما علي الكوكيز اللذيذة
.
حاولنا كلنا نشجع كاسيدي علي تجاهل اللي شايفاه لحَد ما نعرف أكتر عن تاريخ و ماضي الشخص ده لكن في كُل مرة كانت بتبص برا البيت من الشباك ناحية بيته كان وشها بيتملي خوف و رعب و كانت بتترعش ، في يوم همستلي : " 12 .. 12 شخص ميت ماشيين وراه "
بصيت لها بصمت و هيّ بتبص علي آرني اللي واقف بيشتغل في الحديقة بتاعته و بتقول : " أنا شايفة ولد صُغيّر وشه مليان دم و قميصه مقطوع و لونه شاحب .. كمان فيه واحدة ست جامل بس وشها مجروح جروح كتير وحشية لدرجة إن ملامحها مش باينة .. فيه 10 أشخاص كمان بس كلهم ميتين و في حالات سيئة "
سكتت شوية و بدأت تكمّل : " فيه راجل بطنه مقطوعة و أمعائه خارجة برا .. فتاة مراهقة شعرها أحمر جسمها فيه جروح قاسية .. فيه كمان راجل جمجمته مكسورة بشكل قاسي "
فجأة قطعت كلامها و صرخت بخوف و هيّ بترمي نفسها علي الأرض ، قبل ما أفهم إيه اللي حصل بصتلي بخوف و هيّ بتهمس : " بص عليّا و شافني .. و لمّا بص عليّا كُلهم كانوا بيبصوا معاه ! "
حاولت أهديها لكن كانت خايفة و بتترعش و هيّ بتهمس : " دا وحش .. دا وحش .. قتلهم كُلهم .. كُلهم .. دا الذنب اللي بيطارده "
تاني يوم قلت لباب و ماما إنها علي وشك الإنهيار من كُتر الخوف ، لكن مكانش بإيديهم حاجة يعملوها ، ميزانيتنا لا تسمح إننا ننتقل لمكان تاني و مش هينفع نروح نسأله لو كان قاتل و لا لأ ، بابا حاول يسأل عنه لكن محدش كان عارفه ، يبدو إنه مُنتقل من ولاية بعيدة ..
كان لازم نتصرف لكن مكُناش عارفين إه هوّ التصرف الصحيح
لحَد ما كاسيدي إتصرفت هيّ ..!!
.
كُنا بنلعب كرة سلة أنا و كاسيدي في الحديقة الأمامية لمّا آرني ظهر بعربيته ، عرفت فورًا إن فيه مُشكلة هتحصل ، جسم كاسيدي كان بيترعش و لمّا آرني كان أدامنا و بصلها من العربية رمت عليه كرة السلة بكُل قوتها و هيّ بتصرُخ فيه : " إنت قاتل ! "
آرني وقف العربية و هوّ بينزل و بيصرخ فيها بغضب : " إنتي بتعملي إيه ؟ .. إيه اللي بتقوليه ده ! "
كاسيدي صرخت فيه بخوف : " إنت قاتل .. أنا عارفة .. إنت قتلتهم كلهم و أنا عارفة .. عارفة إنك قتلت الولد الصُغير اللي وشه مليان دم .. الست الحامل إنت شوهت وشها بالطريقة دي إزاي ؟ "
بان عليه الخوف و الغضب و هوّ بيقول : " أنا .. أنا مش عارف بتتكلمي عن إيه ؟! "
كملت صراخها بغضب : " أنا عارفة إنك طعنت البنت اللي شعرها أحمر في بطنها "
آرني وقف مكانه و وشه كُله تحوّل للون الأحمر لمّا ذكرت البنت دي ..
وقف مكانه و هوّ بيقولها بخوف : " إنتي عرفتي إزاي عن الموضوع ده ؟ "
كاسيدي صرخت فيه بغضب : " عشان إنت قاتل ! "
شديتها من إيدها و جرينا دخلنا البيت ، قفلنا الباب علي نفسنا كويس و إختبئنا لحَد ما بابا يرجع من شُغله ، لمّا رجع البيت جرينا عليه و فهمناه كُل حاجة ، كان هادي بشكل غريب و هوّ بيدخُل المكتب بتاعه ، خرج ماسك مُسدسه ، ماما صرخت فيه بخوف و إحنا إختبئنا وراها ، خرج مشي لحَد ما وصل لباب آرني ، خبط علي الباب بهدوء و لمّا آرني فتح الباب فوجئ بفوهة مسدس في وجهه ..
بكل هدوء بابا سأله : " إنت إتعرضت لبناتي ؟ "
كان خايف من المُسدس و هوّ بيقسم لبابا إنه معملش حاجة ، بابا صرخ فيه إنه حاول يتهجم علينا لمّا كاسيدي واجهته بالحقيقة ، عينيه وسعت بخوف و هوّ بيقول لبابا : " لا .. إنت فاهم غلط .. إديني فرصة أشرح لكم ! "
بدأ يرتبك و هوّ بيدوّر علي طريقة يبدأ بيها كلامه عشان يشرح اللي حصل و يدافع عن نفسه لحَد ما عينيه جت في عينين كاسيدي ، قال لبابا وسط إرتباكه و خوفه من المسدس : " بنتك الصُغيرة عرفت حاجات فاجئتني .. كُنت بس عاوز أعرف عرفت الحاجات دي إزاي ؟ "
كاسيدي صرخت فيه من ورا ماما : " إنت قاتل .. و قتلت الناس دول كلهم "
آرني بص لكاسيدي بحُزن و هوّ بيعيّط و بيقع علي ركبه علي الأرض ، دفن وشه بين إيديه و هوّ بيقول : " لا .. أنا مقتلتهمش .. أنا حاولت أنقذهم "
و بدأت كُل حاجة تتضح ..
.
آرني كان طبيب جراح لمدة 40 سنة في ولاية بعيدة ، كان مُتخصص في الحالات الخطيرة و الحرجة و كان جراح شاطر و مُخلص لشغله ، بس الجراح مهما كان شاطر و مُجتهد مبيقدرش ينقذ كُل الأرواح ..
زي الولد الصُغير اللي أبوه ضربه بالرصاص في وشه بالخطأ و هوّ بينضف البندقية بتاعته ..
زي الست الحامل اللي عربيتها إتقلبت بيها و مكانتش رابطة الحزام فخرجت من الزجاج الأمامي و شوه وشها ..
زي الجزار اللي السكينة فلتت من إيده فجرح نفسه في بطنه جرح عميق ..
زي البنت المراهقة اللي واحد سكران هاجمها بسكينة و قطعها ..
أو زي الراجل اللي وقع علي راسه طوبة من سطح مبني و كسرت جمجمته ..
كُل دول ماتوا علي سرير العمليات برغم إنه بذل كُل جهده عشان ينقذهم لكن حالاتهم كانت مُتأخرة و ماتوا بين إيديه !
شعوره بالذنب إنه مبذلش كُل جهده و إنه كان مُمكن يحاول أكتر و هيقدر ينقذ أرواحهم كان بيطارده رغم تقاعده و إنتقاله لولاية تانية ، لمّا خلص كلام بص لكاسيدي و قالها : " أنا مش هسألك عرفتي كُل ده إزاي .. أنا عارف كويس أوي شعور اللي عنده سر ضخم بيحاول يحافظ عليه "
.
.شرح القصة
.آرني مازال جارهم و عايش جنبهم و الموقف ده قربهم منه أوي و بقوا أصحاب .. طبعًا ده بعد ما إتأكدوا من كلامه كله عن طريق المستشفي اللي بيشتغل فيها ..
كاسيدي عندها هبة مميزة أوي و هيّ إنها بتشوف الأسرار اللي الناس بتحاول تخفيها و بتحس بالذنب بسببها لكن فيها عيب و هيّ التسرع في الحُكم علي الأشخاص و ده اللي خلاها تحكم علي آرني إنه قاتل قبل ما تتأكد من حكمها و لولا أبوها متعقل شوية كان مُمكن يقتله بدون ما يسمعه
أحسنوا الظن بالناس فساعات الحكم المبدئي الخاطئ ممكن يتسبب في موت شخص برئ !
#بتاع_الرعب
#حدث_بالفعل
#قصص_حقيقية_حول_العالم