غالبًا مُعظمكُم سمع عنهم، بدأت شهرتهم مع اعتبارهم وسائل لمُساعدة مرضى التوحُّد، القلق، والأرق على النوم الهادئ ومُحاربة الأرق، على مدار الكام سنة اللي فاتوا، تحولوا لحاجة أساسية في أغلب البيوت الأمريكية، ودا كان ليه سبب وجيه، إنهم مُريحين..
انتم مش ملاحظين إحنا بنصرف فلوس أد إيه عشان بس نكون مرتاحين، خصوصًا العُزَّاب مننا؟ بندوَّر على الراحة في كُل حاجة حوالينا
حياتي عمومًا مكانتش مُريحة خالص، خصوصًا دلوقتي، قدرت أتغلَّب على المصاعب اللي كانت بتواجهني وأرجع لعالم الواقع بتاعنا بعد اختفاء زوجتي وأولادي تمامًا من سنتين فاتوا، بعت بيتنا الصُغيَّر اللي كان في الريف، واشتريت شقة قُريِّبة من شُغلي، التزمت بكُل جلسات العلاج النفسي اللي الشُرطة حددتها ليَّا، وبعدها التزمت بكُل الجلسات اللي الشُغل اشترطهم عليَّا، في النهاية سمحولي أرجع شُغلي مرة تانية، لكن لسَّه بواجِه مشاكِل في النوم، ساعات مش بنام غير ساعة كُل ليلتين مثلًا، حتى مع الأدوية والمُهدئات والمنومات اللي باخدها، الجُزء الأسوأ في الموضوع دا كُله، إن ساعات الليل بيكون كُلها حُزن وصدمة
المُهم.. قرَّرت أشتري لحاف علاجي من على النت، ودا بيكون لحاف مليان من جوا بكور مصنوعة من الزجاج، البلاستيك، والبولي بروبيلين، وزنها بيكون من 10 لـ 30 كيلو، وبتستخدم لعلاج الأرق والقلق الليلي، جبت واحد حجمه كبير على الرغم من إني بقيت بنام في السرير لوحدي
وصلت متأخَّر جدًا عن الميعاد اللي قالولي عليه، لكن أنا كُنت مُحبَط من الدنيا كلها لدرجة إني قرَّرت إني مش هشتكيهم، كمان موصلتش ملفوفة بشكل كويس، كانت في صندوق ورق مقوى مقطَّع مرمي بإهمال على بُعد خطوات من باب بيتي، يُعتبَر في نُص الشارع تقريبًا، مربوطة بحبل قديم، غالبًا رموها من العربية ومحدش اهتم كفاية إنه ينزلها بالراحة
وعلى الرغم من الحالة السيئة للصندوق، إلا إن اللحاف كان بحالة جيدة، وزنها كان طبيعي ومُناسِب، المُشكلة الوحيدة كانت في الريحة الغريبة اللي جاية منها، زي ريحة كيماويات كدا
دوَّرت على الكتالوج اللي بييجي معاها عشان أعرف المفروض أغسلها ولا لأ، لكنه كان مكتوب بلُغة غريبة، مش هجازف وأغسلها من غير ما أفهم المكتوب يعني، عشان كدا قرَّرت أسيبها لحَد ميعاد النوم
قُرب مُنتصف الليل تقريبًا قرَّرت أجرَّب أنام، مش هخسر حاجة يعني، اتغطيت باللحاف العلاجي وأنا بحاول أنام، الوزن كان تقيل بس كان بيتوزَّع على جسمي بالتدريج، فجأة.. حسيت بالراحة
غمضت عينيَّا، وحلمت بأولادي، حلمت إنهم جنبي، بيلعبوا حواليَّا وهُمَّا كاتمين ضحكتهم خايفين يصحوني، مراتي كانت نايمة جنبي، بس لمَّا فتحت عينيَّا وأنا مُبتسِم ملقيتش حاجة، بس الساعة كانت 10 صباحًا.. أنا إتأخَّرت على الشُغل
الغريب إن الريحة الكيميائية دي مكانتش بتروح، كانت بتظهر أكتر وبتبقى ملحوظة أكتر، الأغرب إن بعد أسبوع تقريبًا كُنت قادر أشم الريحة دي على جلدي حتى بعد الاستحمام، بعد حوالي شهر.. الريحة بقت لا تُطَاق
خدتها للدراي كلين عشان تتنضَّف، كُنت مُحرَج يقولوا عليَّا قذر، وكُنت بفكَّر هبرَّر موقفي إزاي، لكن الست الكورية صاحبة المغسلة مشَّت جهاز فوقها قبل ما تقول: " متعبيَّة غلط، حاول ترُش معطِّر جو، بس دا هيكون حل مؤقَّت، رجعها أو بدلها من المكان اللي اشتريتها منه "
سألتها يعني إيه متعبيَّة غلط؟ مكتوب على الموقع إنها متعبيَّة زجاج، بلاستيك، بولي بروبيلين
قالت وهي بتشاورلي ناحية الباب: " جواها حاجة معدن "
خرجت من المغسلة وقرَّرت أرجَع البيت، وقدرت فعلًا أتحمِّل الريحة شهر كمان، لكن الموضوع كان لا يُطاق، ريحتي أنا شخصيًا بقت سيئة، لدرجة إن ميجان – مُديرتي - علقت عليَّا وقالتلي: " حاول تفك الغسالة وتشوف جواها إيه، يمكن يكون فار مات جواها وهو سبب الريحة دي "
ساعتها قرَّرت إن كدا كفاية، أنا هتخلَّص من اللحاف دا أو هشتري واحد جديد لو لزم الأمر، بس المُشكلة إنك لمَّا بتخسر أغلى حاجات في حياتك، بتتعلَّق بالحاجات الباقية كأنها كنوز، خصوصًا لو حاجة زي دي حسستك بالراحة بعد أرق وتعب دام لفترات طويلة
جربت أكتر من 6 مغاسل كمان، كلهم رفضوا وقالولي إن فيه معدن جواها ودا هيعملهم مشاكل، في النهاية واحد منهم قرَّر يشرحلي إن ساعات المكن اللي بيعبي اللحاف بيتفك منه مسمار أو حاجة ويُقع جوا اللحاف، وقالي إن كُل اللي لازم أعمله هو إني أقطع جُزء من البطانية جنب البانيو وأفضي اللي جواها لحَد ما ألاقي القطعة المعدنية، أشيلها وأعبيها تاني وأخيطها، بعد كدا هيكون سهل جدًا إنها تتغسَل
قطعت جزء من البطانية، توقعت إن الكور تنزل بسُرعة ورا بعض، بس اللي نزل كان حاجة معدن، خبطت في البانيو، بصيت عليها، كان خاتم دهب.. خاتم دهب أنا عارفه كويس أوي
فتحت البطانية زي المجنون وشُفت القطع اللي بتنزل منها، مكانتش كور زجاج، كانت قطع من العظام واللحم المتحنَّط، قطع من جُثث أنا عارفهم كويس، سنة فضة كانت لإبني، خاتم كيتي كان لبنتي
بقالي شهرين بنام تحت لحاف جواه بقايا متحنطة من جُثث زوجتي وأولادي المفقودين من غير ما أعرف!
الشُرطة مش قادرة توصل للشخص اللي باعلي اللحاف على الموقع، خصوصًا إنها مش شركة، الكاميرات جابت شاحنة قديمة بدون نمر بترمي اللحاف على باب بيتي بدون ما يقفوا
مفيش أي دليل نوصل منه للشخص اللي باعلي البطانية دي..
السؤال المُهم.. هو إزاي لقى الجُثث دي؟ أنا مُتأكِّد إن محدش شافني وأنا بدفنهم!
.
.
.صعب عليكم.. صح؟
لحَد آخر سطر كان صعبان عليكم، الشخص اللي فقد مراته وعياله الإتنين، بيخضَع لعلاج نفسي، متعلَّق ببطانية ريحتها وحشة عشان بتخليه يتخلَّص من القلق والأرق وينام، الشخص اللي بيكتشف إنه إتخدع، بقاله شهرين بينام تحت لحاف فيه بقايا متحنطة من جُثث مراته وعياله، المصدوم اللي مش عارف مين بعتله الحاجة دي
في آخر سطر بنكتشف الحقيقة، هو اللي قتلهم ودفنهم، ودلوقتي مستغرب إن حد لقى الجُثث ولعب معاه اللعبة المُهينة دي
ميصعبش عليكم غالي يا جماعة والله
صحيح.. اللي عايز يدوَّر أكتر على البطانيات دي ممكن يدوَّر بـ (weighted blanket)
.