في البلدة اللي أنا كبرت فيها، كان فيه قصة مُخيفة كُل أطفال البلدة عارفينها وبيرددوها، القصة دي عن بيت الأمهق، والأمهق دا هو عدو الشمس زي ما الناس بتقول عليه، طبعًا التفاصيل كانت بتختلف من شخص لشخص، حسب اللي بيحكي القصة، وعلى مرور السنوات كانت التفاصيل بتتغيَّر أكتر، بس أنا فاكر القصة دي كويس، وهحكيها لكُم زي ما أنا فاكرها
.
كان فيه أسرة مكوّنة من خمس أفراد وكلهم بيعانوا من مرض المهق أو البرص زي ما بيتقال عنه، كُلهم كانوا عايشين في البيت دا، الكلام دا مثلًا كان سنة 1950، كانوا قافلين بابهم على نفسهم ومش بيخرجوا من بيتهم خلال النهار أبدًا، ولأن الجهل كان شيء أساسي ومُنتشِر في الفترة دي، فالناس كانت بتضايقهم طوال الوقت، بيجروا في حديقتهم طول اليوم وهُمّا بيشتموهم، بيرموا حجارة على شبابيك بيتهم، كُل دا عشان يخرجوهم من البيت ويجروا وراهم، لكنهم مكانوش بيخرجوا من بيتهم خلال النهار مهما حَصَل، في بعض الليالي الناس كانت بتشوفهم وهُمّا بيبصوا من ورا ستاير بيتهم عشان يتأكدوا إن محدش مستنيهم برا قبل ما يخرجوا من البيت بسُرعة ويركبوا الشاحنة بتاعتهم، والشاحنة دي كان تكوينها غريب شوية ...
هي شاحنة آيس كريم عادية بس في الجزء الخلفي منها متركّب كُرسي خاص بأطباء الأسنان، وأنا طبعًا عارف إن أكيد أغلبكم مستغرب اللي أنا بقوله دا، بيسوقوا العربية بسُرعة عشان محدش يلحَق يتتبعهم ويجري وراهم، ومكانوش بيرجعوا البيت إلا بعد ساعات طويلة، محدش كان عارف أبدًا هُمّا بيروحوا فين
في ليلة من الليالي، مجموعة من سُكّان البلدة وتحديدًا كانوا 3 رجال سكرانين قرروا إنهم يقتحموا البيت بتاعهم، ولمّا معرفوش يدخلوا من الشبابيك، قرروا يكسروا باب البيت الأمامي، لكن من سوء حظهم إن الأسرة كانت في انتظارهم، وقدروا يقتلوا 2 من الـ 3 رجال دول، أما الثالث اللي قدر يهرب فكان لسانه مقطوع وبيعاني من إصابات خطيرة في جسمه وفي وجهه، وكان في حالة من الخوف والصدمة منعته إنه يقدر يكتب أو يشاور حتى عشان يقول هو شاف إيه جوا
محدش عارف حتى الآن إيه اللي حَصَل جوا البيت دا لحَد النهاردة ...
لكن يومها بعد هروب الرجل الثالث، وقبل وصول الشُرطة، الأسرة دي لمّت حاجتها بسُرعة وهربوا من المكان، محدش عارف مكانهم ولا حد عارف هُمّا راحوا فين، لكن بيتهم لسّه مهجور وشاحنة الآيس كريم واقفة أدامه لحَد النهاردة
النهاردة البيت دا مهجور وفي حالة فوضى، الشبابيك مكسورة وبعض أجزاء من البيت مُهدّمة، القبو حرفيًا غرقان مية، بالكامل لحَد سقفه، شاحنة الآيس كريم مصديّة ومفتوحة، وعلى فكرة ... الشائعات طلعت حقيقية جدًا، الكُرسي بتاع أطباء الأسنان فعلًا متركّب في الجزء الخلفي منها، وجنبه بعض الأنابيب الغريبة وأدوات شبه أدوات الجراحة بس مصديّة