170

1.1K 135 0
                                    

كان أول يوم ليَّا في المدرسة الجديدة بعد الانتقال لولاية جديدة، المدرسة كانت واسعة جدًا، المدرسة فيها حوالي 400 طالب، والمدرسة في وسط مدينة متوسطة الحجم، وأنا كُنت في الصف العاشر

في أول يوم ليَّا هناك، أخدت الجدوَل بتاعي من الأخصائي الاجتماعي، النص الأول من الجدوَل كان طبيعي لحَدٍ كبير جدًا، رياضيات، لغة إنجليزية، تاريخ، فترة الغداء

أنا التحقت بيهم متأخَّر شوية، فللأسف كانوا بدأوا في المنهج

بعد فترة الغداء، المفروض أبدأ الحصة الخامسة، ومكانها في الغُرفة رقم 307

معنديش أي فكرة عن إزاي أوصل للغرفة رقم 307، أو ليه المُدرس بتاع المادة اختار يدي المادة بتاعته هناك، الغُرفة دي في الدور الثالث، وأنا كُل حصصي في الدورين الأول والثاني، لكن على ما يبدو إن الدور الثالث دا للمُدرسين القُدامى هنا

في فترة الغداء لقيت طفل قاعد لوحده بيتغدى، رُحت قعدت معاه وإتكلمنا مع بعض شوية، رغم كدا الولد دا كان لطيف، سألته إزاي أوصل للغُرفة رقم 307، وبمُنتهى البساطة قالي أوصَل لها إزاي، هطلع على السلم لحَد ما أوصل للدور الثالث، أدخل يمين، وبعدين شمال، هلاقي الغرفة 307 تاني غرفة على إيدي الشمال

إداني الوصف بمُنتهى الهدوء، مسألنيش حتى أنا بسأل ليه أو رايح هناك أعمل إيه، خلَّص أكله قبلي فأستأذن وقام

لمَّا رن الجرس، كان لازم أتحرَّك عشان ألحَق حصة العلوم من أولها، ومش عايز أتأخَّر في أول يوم ليَّا هنا

دخلت الأوضة، كان فيها إتنين طلاب ومُدرسة، طبعًا مش عارفهم وأول مرة أشوفهم، ودا أمر طبيعي لأن دا يومي الأول هنا في المدرسة

أول ما دخلت شُفت المُدرِسة، كانت لطيفة ولابسة فستان شكله حلوة أوي، أول ما شافتني ندهت عليَّا

" شوفوا، الطالب الجديد اللي معانا، إزيَّك يا ديفيد؟ "

الولدين اللي في الفصل قالوا في صوت واحد: " إزيَّك يا ديفيد؟ "

هُمَّا عرفوا اسمي منين؟

المُدرِسة عرفتني على نفسها، قالت إن اسمها السيدة جونيبير، شاورتلي على المكان بتاعي في مُنتصف الفصل تقريبًا

الولد والبنت كانوا على يميني وشمالي، بدأوا يعرفوني على نفسهم، البنت اسمها ريبيكا والولد اسمه توماس، كانوا لُطاف واتكلموا معايا شوية بلُطف لحَد ما السيدة جونيبير تجهِّز نفسها عشان تبدأ الحصة

سألت الولد عن رقم تليفونه، تردَّد شوية قبل ما يقولي إن معندوش تليفون، طب بريد إليكتروني؟ لا، طب فيس بوك؟ لا، سألت البنت هي كمان، وجاوبتني نفس الإجابات

بدأنا الدرس، السيدة جونيبير كانت مُدرسة شاطرة وبتشرح بطريقة كويسة أوي، ومُهتمة بكُل التفاصيل

بعد حوالي عشرين دقيقة الضوء بدأ يترعش، حاجة غريبة، بس عادي يعني، ساعات بتحصَل، يمكن في مشكلة في الكهربا ولا حاجة

توماس وريبيكا كانوا هاديين أوي، بس كُنت شايف الخوف في عينيهم، قلبي بدأ يدُق بقوة وأنا شايف الرعب والفزع بيزيدوا على ملامحهم

السيدة جونيبير بصَّت للفصل بقلق

" من فضلكم اقلبوا المكاتب بتاعتكم واختبئوا وراها، وأنا هقفل الباب كويس "

وفورًا الولد والبنت سمعوا كلامها، وأنا كمان عملت زيهم، قلبت المكتب بتاعي واختبئت وراه

بصيت للبنت بخوف وأنا بسألها: " إيه اللي بيحصَل؟ "

ترددت للحظات قبل ما تقول: " السيدة جونيبير بتقول إنه بييجي كُل يوم، وإننا لازم نختبئ منه، أنا مش عارفة ليه بنعمل كدا، رغم إن مفيش حاجة بتحصَل "

السيدة جونيبير أمرتنا نسكُت تمامًا ونلتزم بالصمت

بعد حوالي عشر دقايق من الصمت والظلام، السيدة جونيبير فتحت النور وطلبت مننا نصلَّح وضع مكاتبنا ونقعد بشكل طبيعي مرة تانية، وكملت شرح الحصة مرة تانية

لمَّا الجرس رن والحصة خلصت، خرجت من الغرفة، لكن محدش تاني منهم خرج معايا

لمَّا لاحظت إنهم مش بيتحركوا من مكانهم، بصيت للغرفة تاني وفوجئت إنها فاضية تمامًا، مفيش أي حد جوا!

المُدير كان واقف في أول الممر، طلب يشوف الجدول بتاعي

بص فيه شوية قبل ما يقولي: " إنت كتبت الرقم غلط، الدرس بتاعك في الغرفة رقم 207 مش الغرفة 307، صلحها وخُد بالك بعد كدا "

هزيت راسي بإحراج وأنا بكمِّل مشي

في بنت قربت مني وسألتني بغضب: " إنت بتعمل إيه هنا؟ "

صوتها كان بيترعش من شدة الغضب، حسيت بالتوتُّر وبدأت أحاول أبرَّر موقفي، بصوت مُرتبِك بدأت أشرح لها: " أنا.. أنا عندي حصة.. أقصد.. كان عندي حصة هنا "

قالت بغضب: " لا، مفيش الكلام دا، وأنا بصراحة مش عارفة مين اللي فهمك إن اللي إنت بتعمله دا دمه خفيف، إنت أكيد مريض "

اعترضت عليها: " إيه؟ أنا جديد هنا، كان عندي درس في الغرفة رقم 307 مع السيدة جونيبير "

البنت بدأت تتعرش وعينيها إتملت دموع

" إنت كذَّاب، الغرفة دي ... "

سكتت شوية قبل ما تقول بصوت بيترعش: " الغرفة دي اللي حصل فيها إطلاق النار، اللي حصل من كام سنة، والمدرسة سايبة الغرفة دي فاضية كنوع من أنواع تخليد ذكراهم "

مسكت إيدي وشدتني بقوة ناحية الغرفة 307، شاورتلي على لوحة معدنية متعلقة جنب الباب، مكتوب فيها أسامي الضحايا

ريبيكا

توماس

السيدة جونيبير
.

أولًا خليني بس أشرحلكم النظام برا، كُل حصة بتكون في فصل شكل، مش زي عندنا كل الحصص في فصل واحد، ويمكن دا بتشوفوه في الأفلام أو المسلسلات الأجنبي
من كام سنة بقي حصل إطلاق نار في المدرسة دي وللأسف راح ضحيته مُدرسة واتنين طلاب وشوية إصابات عدت على خير
لكن المدرسة قررت تفضي الأوضة دي تخليدًا لذكرى الطلاب والمدرسة، ومن يومها وأي حد ميعرفش القصة بيشوفهم ويتكلم معاهم، لكن مُجرد ما بيعرف مبيقدرش يشوفهم مرة تانية
.

قصص رعبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن