إسمي ديفيد ،عندي 16 سنة ، أنا قتلت والدي !!
مش عارف إزاي هشرحلكُم اللي حصل من البداية لحَد اللحظة اللي إحنا فيها دلوقتي
حياتي كانت طبيعية جدًا لحَد ما بقي عندي 10 سنين ، كُنت عايش في بيت حلو مع بابا و ماما في منطقة ريفية ، البيت قديم شوية و في منطقة مهجورة شوية بعيد عن بقية الناس لكن بيت لطيف جدًا ، كُنت مبسوط جدًا ، قُريّب من البيت فيه غابات كتير مُمكن ألعب فيها براحتي ، بعد كده ماما ماتت ، كانت مريضة و حاولت تقاوم مرضها لسنين طويلة لكنه كان أقوي منها للأسف ، المرض مقتلش ماما بس لكنه كسَر بابا كمان ، حوله لإنسان ضعيف مُستسلم لحزنه ، بدأ يهرب من حزنه و أدمن الخمور ، بدأ يبقي عنيف و شرس و كتير كان بيطردني من البيت و يسيبني أنام في الغابات بالليل ، كان بيغضب مني و بيطردني بسبب حاجات بسيطة أوي ، زي مثلًا لو حطيت طبق أكل في غير مكانه ، و طبعًا لك أن تتخيّل لو عملت حاجة أكبر أد إيه بيكون العقاب أقسي ، جسمي كُله مليان كدمات و جروح من ... من مناقشاتي الأخيرة مع بابا !من بعد وفاة ماما و أنا مش بحس بالراحة غير في الغابة و بين أحضان الشجر ، وجودي في الغابة لوحدي وسط الهدوء بتاع الليل بيمنحني فرصة أفكر في الحاجات المُهمة بالنسبة ليّا ، فجأة بدأت ألاحظ تغيّر حاجات بسيطة في الغابة مُمكن متكونش ملحوظة زي مثلًا الشجرة اللي مكانها إتغيّر شوية سنتيمترات أو سكون الحيوانات لمُدة دقيقة كُل يوم في نفس الميعاد بدون سبب مفهوم ، من حوالي إسبوعين كنت مطرود من البيت كالعادة ، ماشي في نفس طريقي اللي بمشي فيه كُل مرة ، بدايات فصل الخريف دايمًا بتكون مُبهرة ، شكل أوراق الشجر المُتساقطة بيكون جميل جدًا
فجأة ..
سمعت صوت حركة سريعة ، صوت حاجة شقت الهوا بسُرعة لدرجة إني شهقت من المُفاجأة ، تلفَت حواليّا بخوف بحاول أفهم إيه اللي بيحصل ، مفيش حاجة إتغيرت ، مش شايف أي حركة أو أي تغيير ، فجأة سمعت صوت عميق بيكلمني ، صوت الحصي و هوّ بيتحرك كأن حد ماشي عليه ، بصيت ناحية مصدر الصوت في الظلام و قلبي بيدُق بخوف ، الصوت سألني : " بتدوّر علي إيه ؟ "
من ورا شجرة بلوط عجوزة ظهر ، كُنت قادر أحدد مكانه في الظلام بسهولة ، لونه كان أغمق من الأسود فكان واضح وسط الظلام ، علي الرغم من الخوف اللي كُنت حاسس بيه لكن حسيت إني لازم أهدي و أرد عليه ، إحساس بالراحة بدأ يغمرني رغم خوفي ، قلتله : " بحاول أبعد عن بابا .. بابا راجل سكير و مدمن و بيضربني و يعاقبني علي أتفه الحاجات ، أنا مش قادر أتحمّل أكتر من كدا .. عاوز أهرب بعيد عنه ، مش قادر أتحمله "
عيّطت و أنا بكلمه من غير ما أحس بنفسي ، كُنت محتاج أتكلم مع أي مخلوق ، محتاج أفضفض و أحكي ، لكن علي عكس ما كُنت متوقع ، الكلام مريحنيش ، الكلام حسسني أد إيه أنا ضعيف ، الكلام وجعني فعلًا ، الأغرب إني كُنت بحكي لظل مش لمخلوق ، بحكي لكائن مش بشري و أنا مش عارف هوّ إيه ؟ ، لكن حاجة غريبة كانت بتطمني من ناحيته ، مش خايف منه زي ما المفروض أكون خايف ، مشيت ناحيته بخطوات بطيئة ، كان بيتأملني بالراحة ، حاسّه بيدخل جوا روحي عشان يعرف كُل حاجة عني ، يعرف أسراري و أحلامي و رغباتي ، لأول مرة في حياتي أحس إني ليّا صديق !