السيد جونسون بيستقبلني كُل يوم بابتسامة لمَّا بخرُج الصُبح، كان بيتعمَّد يبيِّن سنانه البيضا اللي بتلمع بشكل مش طبيعي من تحت شنبه عجيب الشكل (الشنب اللي هو كثيف ومنكوش وشكله غريب دا، اللي بيبقى محدش مُقتنع بيه غير صاحبه بس)، بيفضل يشاورلي بحماس وأنا ماشي ناحية صندوق البريد الخاص بيَّا، برفع إيدي بكسل وملل وبشاور له، لكني مش بتكلِّم ولا ببُص ناحيته تاني عشان أتفادى أتورَّط في أي مُحادثة من أي نوع معاه، بصراحة هو لطيف جدًا، بس هو من الناس السخيفة اللي بتهتم بنفسها ولبسها زيادة عن اللزوم، دا غير إنه إنسان مُمِل جدًا، لو حظك وحش وتورطت معاه في مُحادثة هتفضل لساعات طويلة بتسمع كلام فارغ عن حالة الطقس مثلًا
السيد جونسون انتقل عشان يعيش في البيت اللي جنبي من حوالي شهر تقريبًا، البيت دا فضل فاضي أكتر من سنة، من ساعة ما السيد جوردن مات، مكانش له قرايب أو أصحاب كتير، وفي الحقيقة خدنا شوية وقت على ما استوعبنا اللي حَصَل، البيت بعدها انتقلت ملكيته لابن أخوه اللي حاول يبيع المكان لكن بسبب اللي حَصَل الموضوع كان صعب شوية (بما إننا لقينا السيد جوردن ميت ومُتعفِّن في القبو الخاص بيه بعد موته بشهور)، عشان كدا مفيش ناس كتير كانت مُهتمة بالبيت
لحَد ما السيد جونسون ظَهَر ...
.
مكانش عنده أي مُشكلة مع اللي حَصَل في المكان، في الحقيقة، كان بيتباهى باللي حَصَل باستمرار، وكان سايب المكان اللي السيد جوردن مات فيه والعفن باين على أرضية القبو الخرسانية كتذكار، الموضوع في البداية مكانش بيضايقني، قصة اكتشاف جُثة في البيت المجاور ليك دايمًا بتكون قصة مُمتعة، لكن لمَّا بيحكيهالك جار مُمِل بشنب قبيح، الموضوع بيكون مُرهِق وسخيف
بس بعد كدا أنا لاحظت إنه دايمًا هدومه بيبقى عليها دم طول الوقت ...
مش عارف الموضوع بدأ إمتى، بس بمُجرَّد ما لاحظت الموضوع، مبقيتش قادر أتجاهله، الموضوع كان واضح جدًا، لكن لازم تبقى عارفه كويس عشان تلاحظه، بس كان بيحصَل كُل يوم: هدوم نضيفة، وبقعة دم جديدة، مرة على كُمه، مرة على رجل بنطلونه، مرة على ياقة قميصه، مرة على طرف الحذاء بتاعه، بتبقي مُجرَّد نقطة، بقعة صُغيَّرة من اللون الأحمر
ومن يوم ما الدم بدأ يظهر، ابتسامته بدأت تختفي، بدأ يبقى كئيب، بدأ يبقي مُمِل أكتر، مُخيف أكتر، لحَد ما ابتسامته اختفت في النهاية
كُنت عاوز أسأله عن الدم ساعات، عشان بس ... انتم عارفين، الفضول أقوى مني، وخصوصًا لما كُنت بشوف بقعة الدم بشكل يومي، أنا كُنت محتاج إجابات، دي طبيعة بشرية
سألته في يوم: " هو ... إيه موضوع الدم دا؟ "
قال وهو مُرتبِك وبيتفادى يبُص في عينيَّا: " دا مُجرَّد دهان، أنا كُنت بجدِّد القبو بس "