إنتم عارفين الناس بيقولوا إيه علي الأطفال دايمًا ؟
بيقولوا إن خيالهم واسع ، بيقولوا كمان إنهم بيقدروا يشوفوا و يسمعوا و يحسُّوا حاجات البالغين ميقدروش يحسوها ، طيب .. خلوني أقولكم إن دا كُله كلام فاضي !!
اللي أنا هحكيله لكُم مش كلام فاضي .. علي العكس تمامًا .. دا حقيقي جدًا !
إسمي جيك ، لمّا كُنت صُغيّر كُنت بخاف بسهولة ، كنت بتلفت حواليّا عشان ميفاجئونيش ، كُنت بدوّر تحت سريري بإستمرار عشان مفيش حاجة تبقي نايمة تحتُه ، بدوّر جوا دولابي بحرص قبل ما أنام ، عندي إعتقاد دايمًا بإن الحاجات الحقيقية هيّ الحاجات اللي نقدر نشوفها أدام عينيا بس ، و حتي العقل قادر يضحك علي عينينا و يُهيئ لها حاجات مش موجودة !
كُل ليلة ماما بتقولي نفس الجُملة : " مفيش حاجة تحت سريرك و لا جوا دولابك يا حبيبي ... يلا عشان تنام .. تصبح علي خير "
بس أنا عارف إنها غلطانة ، دايمًا بحس بوجوده ، ساعات بلمحه بيتحرك بطرف عيني ، ضل خفيف شاحب ، بحس بيه بيراقبني ! .. بيتفرج عليّا و أنا نايم .. بيراقبني و أنا بذاكر .. موجود دايمًا في الزوايا المُظلمة من غُرفتي ، مُختبئ .. بعيد عن الأنظار .. و بيراقبني !
أنا مش مجنون علي فكرة ... أنا بس مُلاحظتي قوية
كُل الأطفال بيخافوا من الوحش اللي بينام تحت سريرهم ، بالنسبة لأهلي دا كلام فاضي مالوش أساس من الصحة ، كلمتهم .. ناقشتهم .. إترجيتهم كتير عشان يصدقوني بدون أي فايدة ، في النهاية خدوني لطبيبة نفسية ، وصفتلي دوا و طلبت مني آخده مرتين في اليوم ، وافقتها .. رغم إني عارف إن الدوا بتاعها مش هيخلي الضل يختفي ، ببساطة الضل ميهموش أنا باخد حبوب أد إيه .. هوّ موجود و دا كفاية !
عُمري ما عرفت أشوفه لفترة كافية عشان أعرف تفاصيله لكن من اللمحات اللي شُفتهاله قدرت أحدد شوية حاجات .. يعني هوّ مثلًا طويل ، عرفت إنه طويل لأن ساعات بيقف برا البيت يراقبني من شباك أوضتي ، و أوضتي في الدور التاني .. كمان هو نحيل و جسمه مرن جدًا لأني كتير لمّا ببُص عليه فجأة بيقدر يضغط جسمه في أماكن ضيقة و صُغيّرة ، دايمًا بيهرب مني
.
بابا و ماما بيشتغلوا طول النهار ، برجع من المدرسة للبيت الفارغ ، ساعتها بحس بيه بشكل أكبر ، بحس بوجوده ، بحس بنفسه الدافي ورايا علي مؤخرة رقبتي ، و بلف كُل مرة فجأة و بسرعة ، لكن ولا مرة قدرت أشوفه !
في يوم كُنت متضايق و حسيت بوجوده ، وقفت في وسط غُرفة المعيشة و تحديته
صرخت بجنون : " بكرهك .. أنا بكرهك .. بكرهك ، بطل تمشي ورايا .. بطل تراقبني .. سيبني في حالي ! "
و محصلش حاجة !
بالليل لمّا دخلت أنام ، كُنت خايف ... خايف يقرر يعمّل فيّا حاجة و أنا نايم ... قربت أتجنن ، مُمكن يقرر يخطفني ، يقتلني أو يؤذيني ، في النهاية نمت .. نومي كان مُضطرب و كُله كوابيس !
لمّا صحيت عرفت إني كُنت صح .. هوّ قرر يعمل حاجة و أنا نايم
لمّا صحيت لقيت قطعة ورق علي مكتبي ، مكتوب فيها كلمة واحدة بحروف رمادية سميكة : ( مرحبًا )
الخط اللي مكتوب بيه الكلمة قُريّب جدًا من خطي ، حسيت بفرح و فخر ، أخيرًا قدرت أتواصل معاه ، صحيح هيّ كلمة واحدة ... بس كفاية عليّا
فجأة حسيت إني في حيرة .. المفروض أعمل إيه دلوقتي ؟
أوريها لبابا و ماما ؟ ... مفيش حد منهم هيصدقني !
قررت أتصرف بشكل طبيعي ، لبست هدومي و فطرت و رحت المدرسة ، هناك حكيت لأصدقائي ، منهم جزء صدقني و جزء إتهمني بالكذب ، جمعت أصدقائي اللي صدقوني و بدأنا نتكلم عنه بإستفاضة ، قررنا نسميه ( المُراقِب )
.
بالطبع إحتفظت بالورقة ، في النهاية دا إثبات إني مش مجنون ، و برغم إن إحساس إني مُراقب دا كان إحساس سخيف إلا إني كُنت فرحان إني أثبت إن المٌراقِب موجود ، و قررت أتعوِّد علي وجوده خلاص ، لمّا ببقي لوحدي في البيت بكلمه بصوت عالي ، مبيردش عليّا ، مبيظهرليش ، لكن برغم كدا أنا عارف إنه موجود .. و بيسمعني
مع مرور الوقت بدأ يسيبلي ملاحظات و أوراق أكتر ، مكُنتش بفهم منها حاجة ، أغلبها دواير و رموز غريبة ، كان بيحاول يتواصل معايا بطريقة أنا مش فاهمها ، درست الورق كويس لكن مقدرتش أفهم هوّ عاوز مني إيه ، علي أي حال قررت هحتفظ بيهم ، كُنت بخبيهم في دُرج خاص بيّا محدش بيفتحه ، ماما شافتهم مرة و سألتني عليهم ، قلتلها مترميهمش ، بعد شوية إقتنعت بصعوبة و هيّ بتقولي إنها قلقانة عليّا
السنين اللي بعد كدا كان صعبة عليّا و عشان أقدر أعديهم قررت أتجاهل موضوع المُراقِب دا مؤقتًا ، أصحاي كلهم إتنقلوا مدارس تانية و سابوني لوحدي و رغم إني متراقب إلا إني كُنت حاسس إني وحيد
طبعًا زي أي طفل وحيد ظهرلي مُتنمر ، إسمه ؟ .. جوش ، ضخم و شعره أسود مُجعد ، طبعًا كان أقوي و أطوَل مني ، طبعًا لأني طفل وحيد كُنت فريسة سهلة ، محدش هيتصدي له .. محدش هيحميني و محدش هيهتم بيّا ، جوش حوِّل حياتي لجحيم هوّ و أصحابه ، ضربوني كُل يوم .. سخروا مني .. قالوا إني غريب الأطوار .. نشروا عني شائعات مُهينة ، حاولت أتجنبهم لكن الموضوع كان صعب ، كانوا بيمشوا ورايا في كُل مكان ، حتي المُدرسين ما إهتموش بشكل كافي و تجاهلوني تمامًا
في يوم رجعت البيت بعيّط ، فضلت أعيط بألم لحَد ما ماما دخلت البيت و حضنتني ، طلبت مني أتجنبهم و أتجاهلهم و بكده المُشكلة هتتحل ، كُنت عارف إن حلها للمُشكلة حل ساذج
تاني يوم و ماما بتوصلني للمدرسة الصُبح لقينا آرون في إستقبالنا علي باب المدرسة ، آرون زميلي في الفصل ، كان ساكن في نفس الشارع من جوش و هوّ واحد من ضحايا جوش ، قالي بحماس مالوش مثيل : " جيك .. مش هتصدق إيه اللي حصل إمبارح ! "
تجاهلته و دخلت المدرسة ، صرخ فيّا بنفس الحماس : " جوش إتقتل ! "
في البداية إعتقدت إنه بيهزأ بيّا أو بيهزر.. لكن الموضوع كان حقيقي !
كمِّل كلامه بنفس الحماس : " إتقتل بطريقة بشعة ... بطنه كانت مفتوحة و أعضائه الداخلية مفقودة "
بصيتله بدهشة و أنا بكرر الكلام وراه : " بطنه مفتوحه و أعضائه مفقودة .. إزاي ؟ "
رد بنفس الحماس : " بطنه مفتوحة كُلها و كُل أعضائه الداخلية مش موجودة .. الموضوع كان وحشي جدًا .. الدم في كُل مكان و الشُرطة كتير أوي عند بيته ! "
كلامه كان صح ، الموضوع إتقال في نشرات الأخبار و إتكلموا عنه في الجرايد ، لكن محدش إتكلم عن التفاصيل ، قالوا بس إنه مات بشكل وحشي جوا بيته ، إبتسمت و أنا بسمع نشرة الأخبار ، من جوايا كُنت عارف جوش مات ليه !
.
لمّا دخلت أوضي شكرت المُراقِب بصوت عالي ، كُنت حاسس بإرتياح و نمت نوم عميق ، و الصُبح لقيته سايبلي 3 مُلاحظات بخط ردئ :
( أنا من بعيد أوي )
( وظيفتي أراقبكم )
( إنت لطيف )
سألته إذا كان من مكان بعيد بس نقدر نروحه بوسيلة ما ، الصُبح لقيت ورقة مكتوب فيها ( لا ) ، بدأت أسأله أسئلة و هوّ يرُد عليها و إختصارًا للوقت هقولكم مُجمل اللي عرفته عنه
المُراقب جاي من مكان آمن كُله سلام ، مفيش فيه أي صراعات أو حروب ، لكن كذلك مفيش فن ، مفيش موسيقي أو أدب ، المُشكلة عندهم إنهم بائسين و ميعرفوش معني كلمة سعادة أو ترفيه
المُراقب كان موجود عشاني دايمًا طول الوقت ، في الخير أو في الأزمات كان هنا و مسابنيش لوحدي أبدًا
في يوم صحيت و محسيتش بوجوده لأول مرة في حياتي ، عرفت إن مُهمته خلصت و رجع مكانه مرة تانية ، علي المكتب كان سايبلي خطاب بيقول :
( عزيزي جيك ...
أنا كان لازم أمشي ، سامحني إني مقلتلكش لكن أنا مبحبش لحظات الوداع
عارف إن بيدور في ذهنك أهم سؤال .. ليه كُل ده ؟
عالمنا مبيختلفش عن عالمكم .. نفس الكائنات .. نفس الثقافة .. نفس طريقة الحياة .. نفس الأسماك و البحار .. كُل حاجة مٌتطابقة ، لكن عالمكم فيه جمال حقيقي من نوع خاص ، جمال يلمس القلب و الروح ، الفن و الموسيقي و الأدب ، مُهمتي كانت إني أتعلم كُل حاجة عنهم عشان أخلي مكاننا أو كوكبنا مكان صالح للمعيشة و نعرف في النهاية معني السعادة
جيك .. شكرًا إنك خليت فترة وجودي هنا لطيفة و مُمتعة
خد بالك من نفسك .. مع السلامة
المُراقِب )
قررت آخد كُل الملحوظات اللي كان بيسيبهالي لعالم فلك صاحب بابا و قُريب منه ، قدر بعد جهد يحل الشفرات و إتضح إن دا مكان كوكب ، العلماء بيجزموا إن مستحيل يكون عليه حياة
لكن في النهاية السؤال ..
هل العُلماء مُحقين ؟ .. و لا المُراقب هو المُحق ؟
.الإحتمالات هتنحصر في نظريتين من وجهة نظري
النظرية الأولي و هيّ المرض النفسي و هنا القصة هتتصنف داخل نطاق الرعب النفسي
النظرية دي بتقول إن الولد نتيجة الضغوط اللي عليه بسبب خوفه الشديد من الحاجات اللي مش موجودة زي الوحوش اللي في الخزانة و تحت السرير خلق لنفسه كيان يحيمه و قرر يسميه المُراقب
المراقب عشان معاه حياته كلها و محدش قادر يشوفه أو يسمعه غيره
مُمكن يكون بيعمل الأوراق لنفسه و لو هنعتمد النظرية دي هنقول إنه هو اللي قتل جوش و عقله نساه الموضوع و نسبه للمراقب
لكن من خلال النظرية دي بيظهرلنا سؤالين مُهمين أوي
إزاي طفل قدر يحدد مكان كوكب في الفضاء الخارجي بالتعقيد ده ؟
إزاي طفل قدر يتقل طفل تاني بالبشاعة و الوحشية دي و الشُرطة مقدرتش تلاقي عليه أي أثر ؟
أما النظرية التاني و هيّ إننا هنقرر نصدق الولد اللي بيحكي و إن دا مخلوق فضائي فعلًا و هنا القصة هتتصنف داخل نطاق رُعب العالم الآخر
النظرية دي هتؤكد صحة كلام المراقب إنهم كوكب مشابه لينا و عايش في سلام لكن ميعرفوش معني السعادة لمّا إكتشفوا كوكب شبههم عنده وسائل ترفيه قرروا يروحوا يراقبوهم و بما إنهم كوكب مُسالم قرروا المراقبة بصمت لكن الولد اللي عنده غالبًا نسبة شفافية عالية قدر يحس بوجوده و المراقب عشان يثبت للولد صحة كلامه حطله عنوان كوكبهم
لكن هنا هيظهر سؤال مهم جدًا
إزاي الكائن دا من كوكب مسالم و مفيهوش عنف و رغم كدا قتل جوش بالقسوة و الوحشية دي ؟
الإجابة علي الأسئلة دي و إختيار نظرية لتصديقها مهمة حضراتكم ...
تفتكروا أي نظرية هي الأصح ؟؟
.
.
#بتاع_الرعب
#حدث_بالفعل
#قصص_حقيقية_حول_العالم