يوم الجُمعة اللي فات كُنت سايق عربيتي في طريق مسدود من الطُرق اللي وسط جبال ريف ولاية يوتاه، كان بيني وبين أقرب قرية فيها عُمران حوالي 10 أميال لمَّا عربيتي عطلت
فتحت تليفوني، كُنت عايز أبُص على الخرايط، لكن للأسف مفيش شبكة هنا، بس أنا كُنت عامل حسابي ومنزَّل خريطة للمنطقة عشان أكون في أمان، بصيت للخريطة ودرستها شوية، طيب.. طبقًا للخريطة يعني، فالمفروض أمشي على رجليا العشر أميال دول في طرق مُظلمة وسط الجبال، ودا مش حل أنا شخصيًا بفضله بصراحة
بس اللي لاحظته كمان، إن القرية دي على بُعد حوالي ميلين بس مني لو مشيت في طريق مُستقيم، المفروض أتسلَّق تلة صغيَّرة عشان أوصل، يصيت على الجبل اللي أدامي، وكتبت ملحوظة صغيرة إن العربية عطلانة وأنا بدوَّر على حد يصلحها، وانطلقت ناحية التلة
الجزء دا من ريف ولاية يوتاه مفيهوش أشجار وشجيرات كتير، شوية شجر ناشف وجذوع شجر عارية وتربة جافة، كُنت ماشي بسُرعة وبقضي وقت لطيف، بعد شوية حسيت بالظلام بيزيد، فطلعت تليفوني وفتحت الكشَّاف بتاعه عشان أشوف الطريق أحسن شوية، لمَّا عينيَّا تأقلمت مع الظلام، بدأت أحس إني مش محتاج الكشَّاف، وبعدها بشوية القمر خرج من مخبأه ونوَّر المكان كويس جدًا، الطريق واسع ومُمتد أدامي، الجو برد شوية بس مُحتمَل لحد دلوقتي
بس ساعتها.. سمعت طفل رضيع بيعيَّط، صوته واطي وبعيد، جاي مع الرياح، كان عن المكان اللي أنا فيه، والصوت كان جاي من ناحية الشمال، من فوق تلة قريبة، وقفت مكاني، بسمع كويس، الصوت إتكرّر تاني، المرة دي أنا مُتأكّد من اللي سمعته، دا صوت طفل رضيع بيعيَّط فعلًا
وقفت دقيقة تقريبًا لحَد ما حدِّدت مكان الصوت بالظبط، المكان فاضي تمامًا، مفيش أي أثر لأي مخلوق، طب الصوت دا جه منين؟
بعد دقايق من المشي، وصلت لحاجة غريبة أوي، مقبرة قديمة جدًا، الغريب إن مفيش شواهد قبور، مُجرَّد صخور في الأماكن اللي المفروض الماي مدفونين فيها، والأغرب إن لمَّا وصلت هنا الصوت توقَّف تمامًا
بعد شوية الصوت رجع تاني، حطيت تليفوني في جيبي وبدأت أسمع كويس، دا مُمكن يكون صوت حيوان؟ سمعت مرة إن فيه حيوانات صوتها شبه صوت بكاء الطفل الرضيع
حسيت بإحساس غريب، حسيت إني محتاج أبُص ناحية القمر، القمر اللي كان مُختبئ دلوقتي ورا سُحب وغيوم كثيفة، المكان بدأ يضلِّم أكتر وأكتر، وفي أقل من خمس ثواني، المقبرة اللي كانت منورة بنور القمر، بقت بتعوم في ظلام دامس
يبدو إن الغيوم كثيفة النهاردة لدرجة إنها حجبت أي فرصة لضوء القمر، الظلام كان تام ومسيطر على كُل حاجة، المكان كان مُظلِم لدرجة إني مكُنتش شايف إيدي، كُنت حاسِس إني بغرق وسط الظلام
فجأة.. صوت عياط الطفل الرضيع جه من جنبي، من على شمالي، الصوت كان عالي ومُزعِج
خُفت ورجعت لورا بسُرعة، رجلي خبطت في طوبة محطوطة على الأرض، وقعت ناحية واحد من سياج المقابر، صوت بكاء الطفل الرضيع كان بيزيد، بيقرَّب، بيعلى، كان على بُعد أمتار مني، على بُعد خطوات مني، زحفت على الأرض لورا، حطيت إيدي في جيبي، بدوَّر على تليفوني، أنا محتاج النور عشان أشوف إيه اللي بيحصَل
ساعتها حسيت بيه، إيد طويلة ونحيلة وضوافرها كبيرة وخشنة مسكتني من رقبتي، ضوافره بدأت تغرس في رقبتي، سمعت صوت ضحكة شريرة كلها حقد من ورايا، فجأة.. بدأ يخنقني ويضغط على رقبتي بقوة أكبر
فتحت تليفوني بصعوبة، وفتحت الكشَّاف، ولفيت بسُرعة
لكن مكانش فيه حاجة ورايا!
جريت، جريت زي ما عمري ما جريت قبل كدا، بعدت عن المقبرة بأسرع طريقة مُمكنة، جريت زي المجنون لحَد ما وصلت للمدينة، وهناك حطيت إيدي على رقبتي، حسيت بالخدوش وبالدم اللي بينزف منها
قابلت ميكانيكي قديم هناك، وطلبت منه ييجي يساعدني في تصليح عربيتي، وإحنا في الطريق هناك، سألته عن المقبرة القديمة اللي فوق التل، جسمه إترعش وهو بيبص ناحية التل وبيقول
" إحنا ما بنطلعش هناك، عشان إحنا عارفين كويس إيه اللي هناك، إنت محظوظ جدًا لأنك نجيت منهم، بس هتكون محظوظ أكتر لو سابوك في حالك "
.في مثل قديم بيقول: أهل مكة أدرى بشعابها، يعني أهل أي مكان أدرى باللي فيه
فيه سبب لإن الناس دي مدفونة في المكان دا، ناس؟ هل هُمّا فعلا ناس؟ الله أعلم..
لكن المواصفات اللي حكاها تخليني أشك في إن اللي فوق دا وينديجو 0كتبت عنه أكتر من مرة، وممكن تدوَّر على معلومات أكتر على جوجل)
تقليد صوت بكاء الطفل الرضيع عشان يستدرجه، الحركة السريعة - لمَّا لف بالكشَّاف ملقاش له أثر -، القوة الغريبة
هو كان محظوظ وهرب
لكن أنا مُتأكِّد إن فيه حاجة غريبة، وهنوصل لها لو جاوبنا على 3 أسئلة
إيه الشيء اللي هايش في المقبرة دي؟
وليه المقبرة دي في المكان النائي دا تحديدًا وبدون شواهد قبور؟
وإيه المدفون جواها؟
.
.