أفضل صديق ليَّا مالوش اسم..
بيقعد كُل يوم في ركن أوضة النوم بتاعتي، بيتفرَّج عليَّا بصمت، أو بمعنى أصح.. أنا أعتقد إنه بيتفرَّج عليَّا، صعب جدًا أقدر أشوف وشه، الأوضة ضلمة وهو قاعد في الظلام
أنا فاكرة أول مرة شُفته، كُنت مرعوبة، عيطت وصرخت وأنا بنادي ماما، طلبت منها وأنا بترعش من الخوف تطرد الوحش دا برا أوضتي
سألتني بدهشة وهي بتبُص على الأوضة كلها: " وحش إيه؟ "
مكانتش قادرة تشوفه، بس حضنتني وطمنتني إن مفيش وحوش في أوضتي، وقالتلي كمان إن مفيش حاجة اسمها وحش أصلًا
يومها مقدرتش أنام تقريبًا، فضلت متكومة في ركن سريري، ببُص ناحيته، قعدنا نبُص لبعض لساعات طويلة، لكن في النهاية قررت أستجمِع شجاعتي وأسأله
" هو إنت.. هو إنت مُمكِن تؤذيني؟ "
ساعتها كان القمر في نُص السما، ومنوَّر الدنيا شوية، كُنت قادرة أشوفه بوضوح أكتر من الأول، لكن لسَّه مش قادرة أشوف وشه، كان قاعد في ركن الأوضة المُظلِم، مُختبئ وسط الظلال، فضل ثابت شوية قبل ما يهز راسه بالنفي
" هو ليه ماما مش بتشوفك؟ "
مردش عليَّا، فضلت قاعدة في ركن سريري ببصله شوية، في النهاية التعب غلبني، نمت مكاني وأنا قاعدة، لمَّا صحيت الصُبح كان اختفى، بس كُنت حاسَّة بوجوده، يمكن أكون مش بقدر أشوفه الصُبح، بس قادرة أحِس بيه، قضيت اليوم كله بلعب وبمرور الوقت كُنت نسيت كُل حاجة عن الوحش الليلي اللي بيقعد في ركن أوضتي المُظلِم
ظهر تاني في الليلة اللي بعدها، والليلة اللي بعدها، والليلة اللي بعدها، وفي كُل مرة كان بيختفي بالنهار، بس كُنت لسَّه بفضَل حاسَّة بوجوده وحضوره حتى لو مش شايفاه، وبمرور الوقت.. بدأت أتعوِّد على وجوده في أوضتي، لمَّا بيظهر الجو بيبقي برد شوية، لكن لو اتغطيت بالبطانية بتاعتي، كُل حاجة بتبقي تمام، بدأت أحكيله كُل حاجة، أحكيله كُل تفاصيل يومي، وأحكيله حاجات مش بحكيها حتى لماما
في يوم قُلتله: " جوني زقني النهاردة، جوني دايمًا بيعاملني وحش "
وفي يوم تاني عيطت وأنا بقوله: " ماري النهاردة شدَّتني من شعري، قالت إني قبيحة وإني مش كويسة، وقالت كمان إن ماما وحشة، عشان كدا بابا سابنا ومشي "
كان بيفضل قاعد في الركن المُظلم وبيسمعني وأنا بتكلِّم، بس مكانش بيرُد عليَّا، كان بيهز راسه في أحيان قُليلة أوي إما بالموافقة أو بالرفض، لكن عُمره ما اتكلِّم أو نصحني بحاجة، ولا عمري حسيت إنه متضايق من المُتنمرين اللي بيضايقوني في المدرسة، لكن على أي حال.. كُنت برتاح لمَّا بتكلِّم معاه وبحكيله
لكن كُل حاجة إتغيَّرت في يوم من الأيام..
صحيت في يوم من الأيام على صرخة، ماما بتصرُخ!!
كانت بتترجى حد وهي بتعيَّط: " أر.. أرجوك، لا! سيبها في حالها! أرجوك "
سمعت صوت ضربة قوية، على ما يبدو حد ضرب ماما بالقلم على وشها
سمعت صوت قاسي، صوت راجل بيقول بغضب: " دي بنتي يا كلبة، وأنا هاخدها معايا! "
قُمت من سريري وأنا بترعش من الخوف، جريت ناحية الباب، لكنه إتحرَّك بسُرعة، منعني بإيده الطويلة النحيلة، باين عليه إنه نحيف جدًا، إيده تقريبًا كانت عبارة عن عضم على جلد، وضوافره طويلة وحادة، بس السُرعة اللي إتحرَّك بيها مكانتش طبيعية أبدًا، وقف بيني وبين الباب..
كان فيه صوت عالي برا، صوت غريب، زي ما يكون حد بيتحرَّك بخطوات بطيئة وتقيلة في الممر اللي بين الأوض، وقف ورا الباب وهو مُستعِد ومُتحفِز
أول ما الباب إتفتح كُل حاجة حصلت بسُرعة جدًا
لمحت بابا على الباب
ولمحت صديقي المُفضَّل وهو بيمِد إيده جوا صدر بابا وبيقفلها بقوة
وسمعت صوت صريخ بابا
وصوت جسمه وهو بيُقع على الأرض
صمت..
من يومها مشُفتش بابا تاني، ماما قالت إن بابا يومها كان عايز ياخدني منها، لكنه مات فجأة على باب أوضتي بأزمة قلبية
بس ماما متعرفش اللي حَصَل..
ماما متعرفش إن صديقي المُفضَّل أنقذ حياتي
.تعمل إيه لو ملاكك الحارس قتل والدك؟
وتعمل إيه لو عرفت إنه عمل كدا عشان والدك كان عايز يؤذيك؟
البنت لسّه صُغيّرة وفرحانة إن ملاكها الحارس أنقذها وأنقذ حياتها من والدها الشرير اللي كلن عايز يؤذيها
محدش قادر يشوفه أو يسمعه غيرها
ولمّا إحتك بوالدها مد إيده في صدره وعصر قلبه فموته بسكتة قلبية - حسب كلامها -
لكن لمّا تكبر وتفهم وتدرك دا.. هتعمل إيه في كُل مرة تشوف ملاكها الحارس فيها
.
.