إبني روبي ( طبعًا دا مش إسمه الحقيقي ) سألني من شوية ليه شعري كُله أبيض بالشكل دا ، أنا عندي دلوقت 45 سنة ، لكن هوّ بيسأل لأن شعري كُله أبيض من لمّا كان عندي 27 سنة ، إبني دلوقتي عنده 24 سنة و هو سعيد في حياته ، بيسألني عن السبب اللي خلى شعري كُله أبيض بالشكل دا لأنه مش فاكر ، مش فاكر اليوم اللي شعري تحوّل فيه كُله من اللون الأسود للون الأبيض ، الحمد لله إنه ناسي و مش فاكر حاجة ...
بس أنا مش ناسية .. و فاكرة كُل حاجة !
إبني من يوم ما إتولد و هو أسعد طفل علي وجه الأرض ، علي طول بيضحك و مٌبتسم ، كٌل ما كان بيكبر أكتر أدام عينيّا كُل ما كانت شخصيته بتتضح و بتتكون ، كان عنيد لكنه إجتماعي ، بيقدر يكوِّن صداقات بمُنتهي السهولة ، لمّا كان عنده سنتين كُنت حامل في أخته لكن علي الرغم من سنة الصُغيّر إلا إنه كان سعيد و مش حاسس بالغيرة منها ، ساعات كُنت بحِس إنه مُتحمس ليها أكتر مننا ، كان أسعد طفل في العالم لحَد ما بقي عنده 6 سنين .. ساعتها بدأت الأمور تتغيّر ..
في يوم كُنت داخلة أوضته عشان أكلمه ، مش فاكرة الموضوع اللي كُنت هكلمه فيهلكن فاكرة كويس شكله ، كان قاعد علي الأرض و مش بيتحرك ، مغمض نص عينيه و كأنه مركز في حاجة ، مثبت نظراته علي نقطة مُعينة في السقف ، في البداية فكرت إنه بيتصرف عادي زيه زي أي طفل صغير بيلعب ، سألته بإبتسامة : " إنت بتعمل إيه ؟ "
مردش عليّا و كأنه مش سامعني ، سألته مرة تانية : " روبي .. إنت بتعمل إيه ؟ "
للمرة التانية ميردش عليّا ، بدأت أتضايق منه و سألته للمرة التالتة بصوت أعلي : " روبي .. أنا بسألك .. بتعمل إيه ؟ "
قاوم وقف كأنه سمعني فجأة ، سد ودانه بإيديه و كأنه سامع صوت عالي !
سألته إذا كان بخير أو فيه حاجة مضايقاه ؟ ، قالي إن الأصوات عالية جدًا و مضايقاه ، هديته و قلتله إن مفيش أصوات ، طبعًا بالليل بلغت جوزي إن روبي بيجيله تهيوؤات و إننا لازم ناخد بالنا منه أكتر من كدا شوية
.
بعد حوالي إسبوعين بدأنا نلاحظ شوية تغييرات علي روبي ، يعني مثلًا مُعدل نومه بقي أقل من الطبيعي ، بينام نص ساعة كُل شوية لكن مش بينام نوم متواصل أبدًا ، و لأن أوضته تحت أوضتنا فأغلب الوقت بنسمعه و هو بيتكلم بالليل ، في البداية إعتقدنا إنه بيغني لنفسه أو بيحكي لنفسه حدوتة عشان ينام لكن أحيانًا كان الكلام بيطول و بياخد شكل مُحادثة من طرف واحد ، انا فاكرة في يوم فضل 3 ساعات يتكلم !
اليوم دا أخته طلعت الأوضة بتاعتنا و إشتكت إن أخوها بيتكلم في أوضته بقاله 3 ساعات متواصلة و إن صوته مخليها مش عارفة تنام ، سألناها طبعًا لو تعرف هو بيتكلم مع مين أو بيقول إيه ، قالت إن بقاله 3 ساعات بيردد نفس الجُملة : " أرجوك .. سيبني أنام ، أرجوك .. سيبني أنام ، أرجوك .. سيبني أنام "
طبعًا قلة النوم كانت بتؤثر علي نشاطه أثناء النهار ، كان بيحاول يتظاهر بالسعادة كعادته لكن التعب و الإرهاق كانوا باينين عليه ، لكن مع مرور الوقت بقي مش مركز طول الوقت ، ظهرت هالات سوداء تحت عينيه ، و بشرته بقت شاحبة و بقي بيقعد أغلب الوقت في أوضته لوحده زي أول مرة بدأ يتغير ، قاعد علي الأرض و مش بيتحرك ، مغمض نص عينيه و كأنه مركز في حاجة ، مثبت نظراته علي نقطة مُعينة في السقف
لمّا سألناه ماله ، بدأ يتكلم عن ( الأصوات ) اللي بيسمعها ، مكانش بيحكي أي تفاصيل ، بيقول بس إنه بيسمع أصوات عالية و بتروح أحيانًا لكنها موجودة أغلب الوقت ، طبعًا سألنا أخته و قالت إنها مش بتسمع أي أصوات خالص ، بدأنا نوديه لدكاترة يفحصوه ، لدرجة إننا حتي لجأنا لطبيب نفسي ، وصفوله أدوية مهدئة و منومة عشان يقدر ينام بالليل بشكل كويس لكن محدش فيهم قد يعرف هو عنده إيه ، واحد من الدكاترة قال إنه ممكن يكون عنده ورم في المخ هو اللي مسبب الهلاوس السمعية دي ، قالنا إنه هيجهز مجموعة إختبارات لروبي خلال أسابيع عشان نتطمن علي كُل حاجة ، بس المشكلة إن روبي مكانش بيشتكي من أي أمراض أو حتي أي ألم فمش معقول في يوم و ليلة جاله ورم في المخ بدون مقدمات كدا ، قررنا نتنظر و نعمل الفحوصات
.
بمرور الأيام بدأت حالته تزداد سوءًا ، كلامه بقي قليل جدًا أثناء النهار ، بقي بينعزل في أماكن بعيدة عننا و أماكن هادئة تمامًا ، بيفضل باصص للحائط و بيعيّط أغلب الوقت بألم ، لما حد فينا بيكلمه أو بيلمسه بيرجع لطبيعته مرة تانية كأن مفيش حاجة حصلت
لحد ما في يوم كالعادة نيمناه في سريره و طلعنا ننام ، زي كُل ليلة بدأ يتكلم بصوت عالي ، لكن فجأة الكلام تحول لكاء ، كان بيعيّط بألم مش طبيعي ، جرينا علي أوضته و فتحنا الباب بسرعة
كان واقف علي سريره و رافع الغطا و مغطي بيه ودانه ، وشه شاحب و الدموع مالية عينيه ، الهالات السوداء زادت و الألم باين علي ملامحه ، كان باصص ناحية باب الأوضة لكنه مش شايفنا ، محدق في الفراغ كأن محدش معاه ، شكله كان مخيف ..
مشيت ناحيته و حضنته ، و زي ما قلتلكم قبل كدا ، لمّا حد فينا بيلمسه كان بيرجع لطبيعته ، بصلي و عينيه مليانة ألم و قال كلمة واحدة بس : " الأصــوات .. "
أخدناه أوضتنا و نام بيننا ، حضناه كويس و طمناه ، أعتقد إن دي كانت أحسن ليلة هو نام فيها من شهور طويلة
طبيعة شغل جوزي بتخليه ينزل من البيت الساعة 5 قبل ما حد فينا يصحي بكتير ، عشان كدا أنا متعودة أصحي ملاقيهوش في البيت ، بس لمّا صحيت و ملقيتوش مكانتش دي الحاجة اللي خوفتني ، اللي خوفني كان إبني ..!!
.
كان نايم علي ضهره كأنه متثب في السرير ، عينيه مفتوحة علي آخرها و فمه مفتوح كله بطريقة مش طبيعية ، مكانش يتحرك .. مكانش بيتنفس .. الحاجة الوحيدة اللي خلتني أتأكد إنه عايش هي عينيه ، عينيه اللي بيراقبني بيها أثناء حركتي ، لكن راسه ثابتة مش بتتحرك
عينيه فيها نظرة وحشية ، نظرة شرسة و شريرة ، كنت حاسة بخوف مش طبيعي ، دي مش نظرة إبني خالص ، إستجمعت شجاعتي و ندهتله بصوت واطي : " روبي ؟ "
لكنه مردش عليّا ، الصوت اللي طلع من فمه مش صوته ، صوت صرخات وحشية ، صرخات ألم ، الصوت اللي طلع منه و سمعته كان صوت الجحيم ، صرخات رجالة .. صرخات شباب .. صرخات نساء .. صرخات أطفال .. صرخات شياطين بتتعذب
الصوت كان بشع ، مؤلم و مخيف ، حطيت إيدي علي وداني عشان أمنع الصوت دا ، رجعت لورا بسرعة و أنا قافلة وداني ، رجعت لورا لحد ما ضهري خبط في الحائط بتاع الأوضة ، سبت جسمي ينزل لحد ما وقعت علي الأرض و أنا قافلة وداني ، صوته كان مخيف ، قلبي كان هيقف من الخوف ، بدأت أصرخ عشان أحاول أمنع الصوت من إنه يدخل وداني
صرخت .. فضلت أصرخ أكتر من ساعة لحد ما حسيت إن الصوت وقف ، كنت بعيط من الخوف ، لمّا فتحت عينيّا ، روبي كان قاعد علي طرف السرير ، مبتسم زي زمان ، الشحوب و علامات الألم فارقته و وشه كان سعيد ، عينيه .. عينيه كان عينين إبني
بصلي بهدوء قبل ما يقول بصوت واطي : " سمعتيهم .. صح ؟ "
دا اليوم اللي شعري تحوّل فيه من اللون الأسود للون الأبيض و من بعدها و روبي كويس و بخير و المواقف دي و الأصوات اللي بيسمعها ما إتكررتش تاني
.
.شرحأغلب الظن إن دي و بنسبة 90 % حالة إستحواذ شيطاني ، غالبًا الشيطان طارد الولد طول الفترة دي عن طريق الأصوات اللي الأم وصفتها و اللي كان الولد هو الوحيد اللي بيسمعها ، تخيل لو إنت بتسمع الأصوات دي طول الوقت
لكن فيه حلقة مفقودة في القصة دي ، ليه الشيطان خلي الأم تسمع الأصوات اللي بتطارد إبنها و بعدها خلص الإبن من حالة الإستحواذ الشيطاني دي ، أغلب الظن و هو مجرد تخمين مني يحتمل الخطأ أو الصواب إن الشيطان دا بيتغذي علي الخوف و إكتفي بخوف الأم منه و سابهم و مشي
بس برضه أنا مصمم إن فيه حلقة مفقودة و غالبًا حلها عند الولد اللي ناسي كُل حاجة عن الموضوع دا ..
.#حدث_بالفعل
#قصص_حقيقية_حول_العالم