الجُثث كُلها شبه بعض، ومن زمان أوي مخُفتش من شكل جُثة منهُم، الحرب الكورية نَتَج عنها رعب، وجُثث كتير أوي، السفينة الغارقة هناك.. تحت المية على بُعد حوالي ميل من الشاطئ، واحد من الطاقم بتاعها بيبُصلي من ورا شباك جانبي، عينيه فيها نظرة غريبة، جلده مُنتفخ وبدأ يتحوَّل للون الأبيض، أظن إن دا بسبب بقائه تحت المية لعدة أيام
جيت هنا في قارب صيد صُغيَّر، بتحرَّك في قاع المية ببطء، القارب دا اصطدم بمجموعة صخور أثناء عاصفة شرسة، بعض الرُكَّاب قدروا يهربوا، لكن للأسف.. الباقيين راحوا فريسة للبحر، أنا تحت هنا عشان أقيِّم الضرر عشان يقدروا يبدأوا عملية الاسترجاع
المية من حواليا غامضة ومش صافية بشكل غريب، قاع البحر المليان بالصخور المتعلَّق فيها نباتات بحرية وطحالب بتتراقص أدام عينيَّا ومخلياني شايف أدامي بصعوبة، العالم تحت مُختلف تمامًا، كُل اللي سامع صوت فقاعات الهوا اللي بتهرب من الخوذة بتاعتي وأنا بتنفس عن طريق الأوكسجين الممدود ليَّا من القارب اللي مستنيني فوق، مش حاسِس بأي حاجة غير البدلة اللي أنا لابسها عشان تحميني، العالم تحت بطيء، وصامت!
حطيت إيدي على الهيكل، وبدأت أمشي بإيدي فوق الخشب المُتضرِّر، التيَّار سَحَب القارب في المية فوق بعض الصخور، الأضرار كانت كتير، محتويات القارب بدأت تقع من قاع المركب المتحطَّم تمامًا بسبب سَحب التيار للقارب في قاع البحر، قربت من فتحة في جانب القارب، فتحت الكشَّاف بتاعي وبصيت جوا، شُت كتاب قديم وشوية ورق بيعوموا وسط المية، شوية مُعلبات واقعة على الأرض جنب رف مكسور، دوَّرت كويس لحَد ما لقيته.. هناك أهو، واحد من الطاقم اللي كان بيقود القارب، كان باصص الناحية التانية، متعلَّق بين الأرضية والسقف، سمكة صغيرة بتستكشفه بفضول
إتأكدت من كُل حاجة مرة تانية قبل ما أبلَّغ الموجودين فوق الجُثث فين وإزاي يوصلوا ليها، بكُل تأكيد جنازة المساكين دول مش هتكون بتابوت مفتوح، بصيت ورايا مرة تانية وأنا بتأمَّل الفراغ، العالم من ورايا عايم في فراغ أسود مالوش حدود، خلصت دوري وإديت إشارة للموجودين في القارب فوق إنهم يطلعوني، بصيت للحُطام مرة تانية وشُفت بعض النباتات البحرية بترقص أدامي في مشهد جميل، وغريب!
غريب ليه؟ لأن القارب من غرقان فترة بسيطة أوي، إمتى لحق كُل دا يكبر ويلف حواليه!
قربت شوية من النبات البحري اللي بيتحرَّك مع المية، و.. لأ.. إيه دا؟ دا مش نبات، دا..
دا شعر!
شهقت من الصدمة وأنا برفع الكشَّاف بتاعي عشان أشوف بوضوح، وكان أدامي جُثة متعلقة في المية، جُثة ست، بالنسبة لي ومن زاوية الرؤية دي مش شايف غير وشها وشعرها وإيديها بس، كان باين عليها علامات الدهشة والفضول، باصالي بدهشة وهي عايمة جنب سطح القارب، القارب كان كُله رجالة، وكُل الناجين قالوا إن مفيش ستات على سطح المركب، ليه هي موجودة هنا؟ دا كمان كلهم كانوا متجوزين، لو معاهم ست على سطح القارب كانوا قالوا، بلغتهم بالموضوع، لكني كُنت مُندهش بسبب الصدمة اللي باينة على وش الجُثة، حسيت بالخوف.. وبدأت أرجع لورا ببطء، خطوة.. ورا خطوة.. ورا خطوة، سامع صوت الأوكسجين وهو بيدخل الخوذة بتاعتي بس