كُنت آخر حفيد في الأسرتين ، آخر طفل صُغيّر و مش هتكسف لو قلت إني كُنت حمل غير مُخطط له ، يعني السبب في إني جيت كانت إزازة خمر من نوع كويس ، بابا و ماما عدوا الأربعين سنة
لمّا وصلت للدنيا كانوا الجدتين ماتوا لكن الجدين لسّه عايشين في ولايات تانية ، و لأن ميزانية أهلي كانت متسمحش بزيارات كتير و صحة أجدادي متسمحش برضه بزيارات كتير فالزيارات كانت قُليلة و مُتباعدة
لكن أهلي كانوا عاوزين يحافظوا علي الصلة و التواصل بيني و بين أجدادي فكانوا بيلجأوا للمُكالمات التليفونية عشان يخلوا آبائهم يسمعوا صوتي كرضيع ، كانوا بيكتبولي جوابات و بيكلموني و بيحكولي فيها علي كُل حاجة
لمّا بقي عندي 3 سنين بدأت صحتهم تضعف و تتراجع ، الموضوع بدأ بجدي لأمي و بعدها بجدي لأبويا ، فخوفًا من ترتيبات القدر المُفاجئة بابا قرر يشتري دُبين لعبة من اللي بيسمحوا بتسجيل الأصوات و بعتهم لهم ، كان حريص إن كُل واحد فيهم يسجّل رسالة بصوتة علي الدُب عشان لو ماتوا أقدر أسمع صوتهم و أحس بحُبهم ليّا
جدي لأمي مات الأول ، كان عندي وقتها 4 سنين ، بعد الجنازة مُباشرةً ماما قررت تديني الدُب بتاعه ، كان دُب لونه أبيض و عينيه لونها أزرق ، لمّا ضغطت علي بطنه سمعت صوت جدي بيقولي بحُب : " بحبك يا سايدي "
بعد سنتين تقريبًا جدي لأبويا مات ، بعد الجنازة أخدت الدُب بتاعه ، لونه رمادي و شكله غريب شوية ، لمّا ضغطت علي بطنه سمعت صوت جدي التاني بيقولي بعمق فيه لمسة حنان : " بحبك يا سايدي "
سميت الدُبين علي أسماء جدودي ، الأبيض إسمه فران و الرمادي إسمه جوك ، حطيتهم علي رف اللعب بتاعي فوق سريري ، بصراحة أثناء فترة طفولتي ملعبتش بيهم كتير ، مش إهمالًا و تجاهلًا مني لكن كُل واحد في أهلي كان بياخد الدُب بتاع أبوه و يفضل يسمع صوته و يفتكر ذكرياته ، غير كده أنا مكُنتش بلعب بيهم أصلًا
.
لمّا كُنت بنتقل للجامعة قررت أسيبهم في بيت أهلي ، علي أي حال علاقتي بأجدادي مكانتش قوية للدرجة دي ، قررت أسيبهم هنا ، حسيت إن أهلي خاب أملهم و حسوا إن فكرتهم بتضيع من غير ما أستفيد منها ، ماما سألتني بلطف لو هاخدهم معايا هناك لكن أنا قلتلها إني مش هستفيد منهم خالص بالعكس وجودهم في الشقة معاهم هيكون له فايدة عاطفية أكتر ، مهما كان هُمّا كانوا مرتبطين بيهم أكتر مني ، عينيها دمعّت و هي بتقولي : " طيب .. علي أي حال هُمّا هيكونوا هنا لو غيرت رأيك "
هزيت راسي بس كُنت مُتأكد إني مش هغيّر رأيي في يوم من الأيام
بعد فترة طويلة حوالي سنتين كلموني و طلبوا مني أرجع أقعد في البيت لأنه مأخدوا أجازة و مسافرين في رحلة قُصيّرة ، البيت فيه حاجات قيمة و غالية و هُمّا خايفين يسيبوه فاضي ، الموضوع كانش مُشكلة بالنسبة ليّا فوافقت فورًا
ماما بصتلي و سألتني : " عارف الفلوس فين ؟ ، عشان لو حصلنا حاجة ؟ "
إبتسمت و قلتلها : " تحت السرير في الخزنة السرية اللي في الأرض ، قلتيلي 6 مرات لحَد دلوقتي "
سألتني بتوتر : " و لو حَصَـ ...... "
بابا إبتسم و قاطعها : " خلاص يا حبيبتي .. أعتقد إن سايدي فاهم كُل حاجة "
ماما سكتت و بصتلي بشك و بعدين قالت : " إبقي إتصل بيّا لو حصل حاجة ... أو لو إحتجت حاجة "
ضحكت و قُلتلها : " ماما .. إنتم أجازتكم مجرد أسبوع .. متخافيش ، مش هيحصل حاجة "
راقبتهم بيمشوا بالعربية بعيد و تابعتهم لحَد ما إختفوا
.
دخلت البيت و قررت أرتاح شوية ، رميت شنطتي في الأوضة و قررت أروح المطبخ أعمل حاجة آكلها و أتفرج علي التليفزيون شوية ، أسبوع كامل أجازة و لازم أستغل كل دقيقة فيه في الراحة و الكَسَل ، فضلت أتفرج علي التليفزيون لغاية ما بدأت أحس بالنُعاس ، بصيت في الساعة ، كانت بعد 11 مساءً ، قفلت التليفزيون و قفلت كُل الأنوار ، و بالرغم من الظلام الدامس ده إلا إني كُنت عارف طريقي جوا البيت ، أنا إتربيت و قضيت جُزء كبير من عُمري جوا البيت ده ، مشيت ناحية أوضتي و أنا حاسس بكسل و بسترجع ذكرياتي في البيت ده ، بدأت أفضي شنطتي قبل ما أنام و بالصدفة عيني وقعت علي رف اللعب اللي فوق سريري ، فران و جوك كان موجودين علي الرف ، مش عارف إيه السبب بس حسيت إنهم واحشني ، مديت إيدي و مسكتهم ، ضغطت علي فران و سمعت صوت جدي بيقولي بحُب : " بحبك يا سايدي "
رجعته مكانه و أنا مُبتسم ، ضغط علي بطن جوك و سمعت صوت جدي التاني بيقولي بعمق فيه لمسة حنان : " بحبك يا سايدي "
كانوا واحشني جدًا و كُنت مبسوط أوي إنهم لسّه شغالين
خلصت تفريغ شنطتي و قررت آخد شاور دافي سريع ، و بعد دقايق من خروجي من الحمام كُنت نايم علي سريري بعُمق
.
مش عارف إيه اللي صحاني من النوم بس لمّا صحيت كُنت حاسس بخوف و قلبي بيدق بسرعة ، جسمي مليان عرق بارد ، حسيت بحاجة جنبي علي السرير ، قلبي كان هيقف من الخوف ، لمّا ركزت و تمالكت أعصابي لقيت الدُب فران جنبي علي السرير ، إتنفست بإرتياح و إبتسمت علي نفسي ، مسكته و أنا بقوله : " إنت وقعت من علي الرَف ؟ "
قررت أضغط علي بطنه عشان أسمع صوت جدي قبل ما أنام ، لكن المرة دي لمّا ضغطت عليه سمعت صوت جدي بيقولي بحَزم : " إطلع برا "
إتفاجئت !
معقول أنا مش مركز و بيتهيألي ؟ ، فران فعلًا قال حاجة غير المتسجلة عليه و بصوت جدي ؟
ضغطت عليه تاني عشان أتأكد ، صوت جدي كان بيؤمر بحَزم : " إطلع برا "
صوت جدي كان مليان صرامة و قوة ، بصيت ناحية جوك عشان أتأكد منه ، كان فوق الرف بس وشه باصص للباب ، أنا مش فاكر إني سبته بالشكل ده !
فران قال بصوت جدي لكن بنبرة فيها قوة أكتر و بصوت أعلي : " إطلع برا "
المرة دي جوك رد عليه ، صوت جدي التاني كان بيقول بغضب : " إطلع برا "
بدأوا يتهزوا بقوة و هًمّا بيصرخوا بغضب و قوة : " إطلع برا "
وقفت جنب السرير بترعش من شدة الخوف ، كان نفسي أصرُخ لكن الخوف خرسني تمامًا ، كُنت علي وشك أخرج من الأوضة و أنا مرعوب لمّا سمعت جدي بيقول بغضب : " أنا عارف إنك تحت "
تحت !! ، فيه حد تاني في البيت ؟ ، أنا لازم أخرج من الأوضة ... لازم أخرج من البيت ... لازم أهرب من هنا و بسرعة
فتحت الباب و خرجت من أوضتي و رجليّا بتترعش من الخوف ، سمعت صوت فران جاي من الأوضة بقوة و غضب : " أنا شايفك ! "
كنت في نُص الممر تقريبًا رايح ناحية السلم عشان أنزل الدور اللي تحت ، كُنت بترعش من الخوف ، خايف أكون إتجننت و بتوهم حاجات مش موجودة ، قبل ما أنزل السلم سمعت صوت جوك بيصرخ بجنون : " لأو أخدت خطوة كمان هقتلك "
فران أكد علي كلامه و قال بغضب : " إطلع برا بقولك "
من تحت سمعت صوت خطوة خافتة !!!
أنا دلوقتي إتأكدت إن فيه حد في البيت !!
صوت الخطوات بدأ يطلّع علي السلم ، ناحيتي !
سمعت صوتهم بيصرخوا بجنون و غضب و قوة : " إطلع برا ... اطلع برا "
صوت الخطوات نزل بسرعة علي السلم بتوتر ، سمعته بيخبط في حاجة وسط الظلام و سمعت صوت باب المنزل الخلفي بيتفتح بسرعة و حد بيخرج منه ، بعد ثواني سمعت صوت عربية بتبعد عن المكان
.
الهدوء سيطر علي المكان كله ، هدوء تام و صمت تقيل ، مشيت ناحية أوضتي تاني بخوات تقيلة ، كُنت خايف ، فران كان علي السرير زي ما هو و جوك فوق الرف باصص ناحية الباب ، مسكت فران و ضغطت علي بطنه ، سمعت صوت جدي بيقول بحُب أكتر من كل مرة : " بحبك يا سايدي "
مسكت و إيدي بتترعش و رجعته مكانه ، سمعت جوك بيقول من غير ما أضغط عليه :" بحبك يا سايدي "
سيبتهم و خرجت من الأوضة و نزلت ناحية الصالة
إتصلت بأهلي و قلتلهم إن حد إقتحم البيت بس أنا كويس و مفيش فيّا أي حاجة ، عرضوا إنهم يقطعوا أجازتهم و يرجعا فورًا لكن طمنتهم إنها عدّت علي خير و إن مفيش أي حاجة تدعو للقلق
بلغت الشُرطة و وعدوني إنهم هيحققوا في الموضوع ، طبعًا مجبتش سيرة الدُبين لحَد ، بعد أيام الشُرطة كلموني و قالولي إنهم قبضوا علي المٌقتحم ، زميل بابا في الشُغل و عارف إن بابا برا البيت في أجازة و قرر يسرق البيت خصوصًا و هو عارف إن بابا سايب فلوسه في البيت ، إعترف و قال إن إتنين عواجيز مجانين كانوا هيموتوه و هددوه و هو هرب خايف ، كان هيموت من الصدمة لمّا قالوله إني كنت لوحدي في البيت ، حضنت الدبين و قلتلهم إني بحبهم جدًا
و من غير ما اضغط عليهم ردوا عليا : " بحبك يا سايدي ".
.شرح القصةأغلب الظن إن ملاكه الحارس هو اللي عمل كده و إتكلم بصوت جدوده عشان يحيمه من المقتحم و يحرسه
كنت هقول إنه بيتخيل بس المقتحم كمان سمع الاصوات و ميزها ... فايه فرصة التهيؤات الجماعية لاتنين ميعرفوش بعض وكل واحد فيهم مكانش يعرف ان التاني موجود
.
#بتاع_الرعب
#حدث_بالفعل
#قصص_حقيقية_حول_العالم
معلش لو اتاخرت في الرد علي الكومنتات شوية النهاردة