الجنوب ..بين الجبال الشاهقة وفوق هامات القمم حيث الضباب والنسيم والجو العليل وأحضان السحاب
قرية ساري ..
هتاف ..
تصرخ بذعر تتملص من الأحضان بحدة تهرب للزوايا المظلمة حافية القدمين أنفاسها مضطربه تصرخ بهذيان ورعب نور البرق يعكس ملامحها المكسورة ودمعات الأم البائسة لحالها وأخرى تقف كالتمفرج لا تقدر على شيء ليست الأولى ولا الرابعة صرخت بما ملأ فمها والمطر غرق جبينها واختلط بدموعها ..
توقفت الصرخات وهدأت انفاسها ، طوقها بذراعيه وهمس بإذنها بسور قصيرة طول وهو يرقيها لكن نطقت بصوت متقطع : ع ع بس جيت جيت أشعل ضوء الكشاف وجّهه لملامحه والتي تستكن لرؤيتها
عتيييق
هنا جيت لا تخافين
لييه ظلمة ليه الجو يخوف والوجيه تخوف ذي رحمة الله تغسل القلوب وتنقيها الوجيه تخوف لانش خايفة والظلام لأن الكهرباء مقطوعة عن القرية كلها ..
مسح خصلاتها المبللة واستكانت
سبحان من سبح الرعد بحمده ،والملائكة من خفيته
طالعي وجهي الخوف راح صح ؟
هزت رأسها بهدوء غريب
رفعت عينيها تستقبل حبات المطر وعتيق يراقب حالاتها الغامضة و بداخله يدعي تمر ولا تضر ...
.
.
سبحان من سبح الرعد بحمده ،والملائكة من خفيته
جبل ساري وساري الوحيد ..
ساري
خمس سنوات مرت ولازال المنظر عالق بذاكرته لن يُمْحى ، منظر الدخان وأصوات الناس وهي تركض لتنقذ ماتبقى من المكان أثر الحريق ترك ندبات ثابت وجعها بداخله ، ثلاث ضحايا غابت ملامحهم مع أنفاس الدخان اللي أخذت معها أرواح لن تعود
نورة والدته
وحيد شقيقهم الأكبر
سارة زوجة جابر شقيقهم الكبير بعد وحيد ..
كان يرجف من أثر الذكرى اللي عصفت ولأول مرة بعد سنوات منظر ناره اللي يشعلها أمامه تستفز روحه سكب دلته ونثر قهوته صوت انطفاء النار اخمد بعض الشعور لكن لن يفي بالغرض
خلع عصبة رأسه بعد ماخرج من الخيمة رفع ثوبه بعد ما لامست اطرافه الطين المبتل رفع يده وهو يتحسس جبينه تأمل السما ونور البرق وده هالمطر يغسل كل ندباته ويمحيها وده يخمد النار المشتعلة بداخله وده يقضي على ذكرى الفقد قفزت أمنية مستحيلة لصدره تمنى لو كان هذا الجو قبل خمس سنين كانت أمه الآن تنتظره قدام بابهم العملاق متلحفه عبائتها تسأل كل من يمر ماشفتو ساري ماشفتو وحيد ماشفتو جابر ؟ كانت تتوسط البرد والعواصف الشديدة حتى الظلام بأوقات المطر ماكان يعيقها عن البحث كانت تخاف من الأوقات هذي تحبهم حولها بعد ماتغيب أضواء القرية بسبب أعطال الكهرباء تشعل فوانيس بزوايا البيت وتصنع خبزة يسمونها خبزة المطر اغمض عينه ومطر قريته دائم يحفز حنينه وده يهرب ويبعد عن كل ذكرى تلاحقه لكنه يغيب ويعود لمكان عزلته جبل ساري ...
.
.
أطراف قرية ساري
سبحان من سبح الرعد بحمده ،والملائكة من خفيته..
جابر الطبيب اللي وقف سيارته بسبب المطر الكثيف كان متوجه لمستوصف جديد بقرية أخرى تبعد عن هنا مسافة نصف يوم كان وده يكمل الطريق ويتجاهل عواصفه هو أيضاً يتقاسم مع ساري الشعور نفسه خسارته كانت مضاعفة والدته شقيقه زوجته وطفله الذي لم يرى النور بأحشاء أمه كلهم غابو بليلة واحدة ساري سلواه جبله وخيمته ودلته اما هو لم يجد سلواه بعد جرحه لازال طري لم يجف بالرغم من مرور سنوات لكن الوجع استحل خانه كبيرة من جوارحه وده يبكي و يتخلص من جرحه لكنه عاجز و شعوره يقف بالمنتصف دائماً ..سبحان من سبح الرعد بحمده ،والملائكة من خفيته
عمي وصلت والا باقي ؟
جابر وهو يسمع صوت غزل من سماعة هاتفه : لا وقفت المطر قوي قفلي قبل تشوفش ام عتيق ماكمل كلامه وصله صوتها حاول يضحك لكن فشل: قفلي قفلي إذا وصلت ارسلت
.
.
سطح بنات ابو سعيداححح الله لا يوفقش يالدبة فقعتي جبهتي
رقية وهي تضحك : من قال وقفي جهتي زيني العلبة وانتي ساكتة
حفصة وهي تمسح جبهتها : غش والله مازينها انتي دورش
ركضت بثقل والأخرى تضحك
منظر شحومش تحفة وهي تخض مع ثوبش المبلل اخ هههههههه الله لايوفقني كان لعبت معش فرحانة بعصاقيلش يالنتفة يارب تقومش امي قبل اذان الفجر نصر لي ولشحومي !بداية ماطرة وستزهر الأحداث تباعاً ...
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...