دخل المطبخ بعد ماحس ان موضوع عودتهم لساري كدر خاطرها بيدها فوطة نظيفة وتنشف الصحون حسناء الآن خرجت من هنا ركضت بها الذاكرة للحظة من المستحيل نسيانها وهي إبنة الثامنة وهي أمام صحون مرصوصة بتعمد انقضت ليلة كاملة وهي تغسلها وتنشفها كانت المسافة بينها وبين المغسلة بالنسبة لطولها شاهقة جداً كانت واقفة على خشبة ولكن زلقت الخشبة عن مكانها وسقطت وسقط معها صحن ثقيل تناثر الزجاج على يدها وسال الدم بقيت ممدة لدقائق طويلة هنا حضرت شريفة وحملتها لتصفعها من جديد لتسقط على الصحن المكسور وتنجرح من جديد هنا الحاضر هنا حسناء ابنة ٣٠عام واقفة امام المغسلة تتنفس بقوة وعينها شاخصة بمكان واحد سمعت صوت من بعيد لكن الصوت كان بلحظتها هذه مخيف جداً سقط الصحن منها واستيقظت على صوت الحطام انحنت على الأرض وصارت تجمعه وجابر عند الباب مصدوم من حالتها هذه اقترب وانحنى ناحيتها نفض يدها لكن زحفت للخلف كردة فعل كانت بالنسبة له وبسبب جهله مبالغ فيها لكن هي الآن تعيش حالة ذعر مدمرة جداً احتضنت نفسها وهي تقول بصوت واهن : زلق من يدي والله ماحسيت بنفسي والله ماكان قصدي كنت سرحانة بشيله الحين الحين بشيله
جابر : ام ماجد
ام ماجد
كان يناديها ووده تفوق من غبائها والدراما المفتعلة بالنسبة له وكان يظنها متعمدة مسك يدها وقربها من الزجاج ضغط بيده والآن الغضب هو اللي يحركه بصوت زاد من خوفها : ولدش يطاولش لا اطول منش و تسوين حركات لفت انتباه مالها لزمة شلي اللي كسرتيه واتركي الخبال
قام ونفض يدينه وتركيزه على انقلابها للبرود المعتاد بعد ما اختفت حالتها الغريبة عاد لها جمودها وتبلدها صارت تجمع الحطام بيدها أمنية صغيرة قفزت لقلبها ليتها بهذه اللحظة تملك القوة وتجمع حطام روحها ليتها بالأصل تملك روح ليتها تلحق حتى ولو على الفُتات لكن يبدو انها منذ مدة حسناء بجسد صغير اما داخلها فمحطم تماماً ..
.
.
البتول واقفة بالمحل تنسق طلب زبونة بإنسجام وحب لهوايتها المفضلة انتهت منه ووضعت كرت تنتظر المندوب يستلمه ويسلمه لزبونتها الشيء الغريب انها من الأمس وهي تفكر غالب او شجاع مثل ما أسمته هي ، كيف ترك مكانه وحياته الخالية من الصخب كيف انسلخ عن الشدة والرصانة وثوب الحدة اللي لابسته لبس كيف لان لا كيف قرر يخترق أسوار سهمها ويتقرب منه اسئلة كثير تدور بخاطرها عن هذا الشجاع شكلة الخارجي يوحي بأشياء كثيرة وابرزها قسوته رفعة حاجبه نظرة الازدراء اللي تغلب تفاعلاته حدة تحركاته وجلافة صوته كل هذه الأشياء تتضاد مع شخصية سهم بعيدة كل البعد عن تركيبتهسهم : البتول صار لي ساعة اناديك
بتول : ما انتبهت عليك حبيبي
سهم عند البراد الخاص بالورد كان يتفقد طلبيات اليوم
بتول : وين ضيفك غريبة ماشفته معاك اليوم ؟
رد سهم بعد ما رن جواله : الطيب عند ذكره اتركينا من الضيف ذا وروحي اشربي لك قهوة بمكان رايق ماعرف ليه احسك متلخبطة
زفرت وهي تجلس على كرسي قريب منه : يعني في شيء ثاني غير خالة راوية شاغل بالي؟
سهم : ايوه في ، خالة راوية مو كل الموضوع وتطمني ماراح اضغط عليك روحي فري بالسيارة واتركي شغل اليوم عندي
صغرت عيونها وهي تضحك : شجاع غاسل لك مخك قاعد تصرفني عشان تعزمه على المحل تحسبني هبلة مثل هتون مدري كيف صارت معلمة
انفجرت ضحكته وقال بشفافية : ايوه عازمه هنا ماعندي مكان ثاني اعزمه فيه غير البيت والبيت أكيد بيرفض يجيه ثاني يحسها مو حلوة وبيثقل علينا
حملت الحقيبة وعدلت نقابها : بس بس خلاص فهمت رايحة اعزم نفسي على قهوة وبعزمك انت وصاحبك عليها وكيكة عسل يحبها قلبك اصلاً انا من عندي غيرك ادلعه واهتم فيه ؟
ضحك وهو عارف مقدمتها : خذي البطاقة ولا يكثر
بحلاوة تقدمت منه واحتضنته : والله مافي منك اثنين اموت فيك
خرجت لسيارتها وهي تتمنى ما تصادف غالب من بعد موقف الهبوط وهي متوترة وخايفة تلتقي فيه لكن صار الشيء اللي تهرب منه وصار غالب قدامها كان واقف عند الباب وسمع كل شيء بدون لا ترفع عينها تحركت من عنده بسرعة داهمته رائحة لطيفة تجاهلها ودخل للمحل رمى السلام وجلس على الكرسي : ليه اخترت الورد بالذات ؟
لم يسأله عن احواله ولا حتى نصف ابتسامة ظهرت عشان تلطف الجو سهم بدأ يألف شخصيته ورد بسهولة : هذي رغبات البتول او تقدر تقول هوايتها
غالب : يعني المحل مشترك ؟
سهم منشغل بطلب جديد : البتول من كثر ماهي رقيقة قررت تفتح محل وتوزع رقتها على الناس
غالب : بس مو مجاناً! (رقّتها تنشرى )
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...