101

219 9 0
                                    

فجأة تلخبط لونها وهو التقط شحوبها : وش جاش ؟ كل ماقلت اكوي الثياب انقلب لونش ! ماقلت اكوي يدينش !
ارتدت للخلف بصورة صادمة ، دست وجهها خلف كفوفها الراجفة ، عصفت بها لحظات تذكرها جيداً بكل مرة تقف فيها أمام جهاز الكوي تستذكر مواقفها مع شريفة وصوتها الحاد وتهديداتها : نقي لش واحد من الفساتين بسرعة قبل اشوي وجهش واضيع ملامحش بذا المكوى تسمعين
شريفة سلبت منها طفولتها وصارت بوجه المدفع تتلقى قسوتها وتستقبلها بكل ألوانها نيابة عن الصغيرات ، بكل مرة ترتدي لون مغري لكن على جسدها الصغير تضيع معالم الفستان واسع على جسمها وطويلة تفاصيله لكن ترتديه قبل تضيع ملامحها الصغيرة وتغيب معالمها وبكل مرة تخرج بشكل مخزي بحق نفسها وبكل مرة ترجع شريفة من حفلة الإغراء خالية اليدين وحسناء هي من تدفع الثمن !
هذه المرة أدرك جابر انها أسيرة للحظة ، ما طفولتها المشوهه الخالية من ألوان الحياة صارت أمامه ظهرت بتجرد فاضح لكن حضر الكبرياء منع نفسه وتمنع من إحتضانها همس لها وعينه على كفوفها اللي أدمتها بحركتها اللي صارت تخدش قلبه قبل تخدشها : ارحمي نفسش ترفقي على ذا اليدين أذن المغرب ارتفع صوت الحق ماتسمعينه؟
ودها تضعف بهذه اللحظة ودها تتحرر من دموعها المحتبسة ، ودها تشهق وتنثر مابصدرها وتتخلص من غباره المتراكم ، ودها تسرد كل مايعكر صفوها ويزاور كل لحظاتها ، ماضيها المؤذي يفرض نفسه بكل مرة وتتبعثر هي لتنطق بإرهاق وصل قلبه الجامد : أذان العشا وهي جاهزه
صارت تردد مع الأذان وهو بداخله يدعي ينكشف سرها ويرتاح ضميره ...
.
.
موال الأمس وبالنسبه لغالب ترنيمته مزعجة ولا تروق له دخل للغرفة وبنفس وضعها تتأمل الستار والغرفة مكانها بارد بروب خفيف وبنفس عبوس الأمس تملّل من هذا الوضع كثير
عكف ذراعينه وهو ينتظر تحس عليه يبدو ان افكارها اليوم أعمق !
لوح بكفه ودنق برأسه بعد ما يأس اطلق صفارة اغنامه انتفضت بإنزعاج
نطق بصوت ساخر : ليه جالسة هنا ليه مانزلتي ؟
البتول : مو فايقة ومالي نفس لحاجة
صوتها الحزين لم يفرق معه مل من دلالها ومحاولاتها للفت الإنتباه :ماسألت عن مزاجش ولايهمني أعرف ابغى اعرف انتي وش براسش ولوين بتوصلينا ؟
فزت من السرير واقتربت منه : انت سألت سؤال وله وجه واحد مايحتاج اجاوب لك على اشياء ثانية ماقدرت تتقرب وتشوفها بنفسك !
لهجتها المبطنه وصلته ومقصدها وصله نطق ببساطة ساخرة : أنا وين وانتي وين رحتي ؟ كل اللي اقصده ليش مانزلتي تعاونين عمتي بالفطور ؟ بيجونها ضيوف اتركي الدلع وانزلي شوفي وش تبغى !
البتول وعلامات الإحباط بانت على فمها المتقوس وحزن نظرتها : وأنا كنت اقصد حاجة ثانية غالب انا ماطلبت شيء كل اللي ابغاه تحس وتهتم سؤال واحد يفرق يفرق وكثير حتى كيف حالك تفرق
غالب : خلصتي ؟
هزت رأسها
نطق ببرود : البسي لش شيء يسترش وانزلي
لمعت عيونها بقهر رفعت يدها وهي تضغطها وكلها استجداء يوصلهم لضفة سلام نطقت : خلصت اللي عندك ؟ مافي شيء ثاني ؟
بروده للهفة عيونها ولإستجداء قلبها كان مؤذي للغاية : ماعندي شيء بالوقت الحالي ولا أظن بعدين !
فجأة تسلق الإحمرار لوجهها وسرق خانة كبيره من عنقها ، منظرها المحترق أصاب قلبه بالفعل رفعت يدها ناحية وجهه ونطقت بصوت جريح حاولت تجمع فيه كرامتها المهدورة : انت اللي قررت واخترت لو شفتني مرة ثانية اعتبرني مو موجودة واعتبر سؤالي اللي كان طلب ومافهمته آخر سؤال وآخر طلب ولو شفت الدنيا كلها على راسي لاتجيني ولاتهتم !
تقدم ووده يحتضن هذيانها : البتول اهدي اهدي ، مسك يدها وهذا النزاع وصل لمنحى مغاير لم يتوقعه أبداً كانت تنتفض ودموعها تذرف بغزاره وضعها مهين بالنسبة لروحها التي تجردت من الكبرياء ووقفت أمامه ليقتل هذا الكبرياء بكلمات لاذعة بالنسبة لها، تأكدت من مكانتها وتأكدت انها مهرب فقط ، وصلها للسرير وأجلسها والبرود اختفى بحضرة هذا الحريق نزل للأسفل وتسلل للمطبخ وهو يدعي ماينكشف جمع ثلج بكيس وركض للغرفة ...

حضن وجهها بيده ومرر كيس الثلج على خدها المحترق ، لتنفض يده بقوة ، صرخت وهي تبكي : روح غالب لا تسوي شيء يناقض هروجك ولا حتى الأشياء اللي تخبيها بقلبك ..
رفع الكيس عن الأرض بعد مانفضته رفعه وهو متضايق من انهيارها يبدو انه كبت الأيام الماضية وضعه على السرير وضرب الباب وقلبه منقبض من صوتها الباكي ومنظر وجهها واحتراق جسدها كان بالنسبة له شي غير عادي غضب من نفسه ولأول مرة يغضب من جلافته وصلابته ..
.

ساري الجبل واخوان ساري حيث تعيش القصص. اكتشف الآن