الطبيب بعدم فهم مسك كتفه و أخرجه للممر يعز عليه اللي بيقوله يعز عليه يوقف بمثل هالموقف ويبوح بقهره والشيء اللي كسر ظهره : دكتور زوجتي لقيتها بالوضع ذا وبالجروح هذي خايف خايف من اللي بقوله
فهمه الطبيب ويا كثر مامرت عليه مواقف موجعة وقف فيها بشجاعة : نفحصها ونتأكد إذا صار شيء من اللي خايف منه تطمن بس اعطينا فرصة نقوم باللازم تطمن ..
.
.
غالب : سعيد لا أوصيك ترى البنات في ذمتك الين أعود
سعيد : لا توصيني وأزهلني ولا تطول تكفى ترى الملسونة بتجي الين عندي وتغثني مثل كل مرة
غالب وهو محرج من تصرفات تمارا الغبية :امسحها بوجهي طالبك
ربط عصبته وحمل دفعة العسل اللي ملزوم يوصلها
خرج من الطريق وسعيد بأطراف المكان مثل كل مرة يغيب فيها غالب يضطر يمسك مكانه من بعيد
مرت ساعات وطول غالب سعيد وأحياناً تغلبه رعونته فتش جيوبه الفارغة من سجايره هو يعيش عليها ولا يمكن يصبر قرر يترك البنات ويمشي للبقالة الموجودة بنهاية القرية واللي تبعد عن مكانهم ساعة تقريباً !
أما تمارا مثل العادة تحمل الماء لكن اليوم متعبة أكثر عن الأيام السابقة وآلام ظهرها صارت ملازمة لها من بعد ماصارت رهينة لعقاب غالب ، نزلت دلو الماء وهي تلهث ومقاومتها قربت تنتهي حملته من جديد وقبل تدخل الشبك تعثرت خطواتها سقطت على ظهرها سقطة مؤذية انحبست منها أنفاسها ..تمارا غارقة في ألم لاتحسد عليه ..
: غزل ظهري انقص ماقدر ماقدر تكفين
غزل وهي تبكي : حاولي ، أمسكي يديني
صرخت تمارا وهي تشعر بالبلل من تحتها لتشهق أختها من منظر الدم ، قرّبت تفقد وعيها
لتصفعها ، أقصى شيء ممكن تسويه لأن الإصابة بظهرها ولايمكن تحركها الحركة بهذا الوضع قاتلة
تمارا وهي تشعر أنها آخر انفاسها وجنينها بالداخل يستنجد والدم ملأ ثوبها : غزل روحي من هنا شوفي لأي مخلوق يمر ويسمع صوتنا تكفين عشان الروح اللي هنا أنا ماعليه حسوفه
كانت تزم بطنها بوجع مرير وكأنها توادع جنينها
غزل وهي تشد شعرها وتبكي بحرقة : لا تقولين شيء بحق نفسش
ركضت وهي يائسة ، لامكان للوجوه هنا وصوتهم صداه يرجع لهم بلا جدوى ، ركضت هباء وصرخت من بعيد لأختها : تصبري تمارا تصبري عشانش أنتي مو عشانه
ركضت ورجعت لنفس المكان ، محاولاتها بإنقاذ أختها وجنينها كانت بالركض فقط
مرت نصف ساعة وتمارا لاتملك طاقة حتى للتنفس أشارت بيدها وقربت غزل رأسها منها وهي متيقنة أنها النهاية : إذا خرجت من الدنيا وبقى هو قولي له كانت لك أم مجنونة ومع كذا ماتخيلت بيوم انها تتعلق بشيء ماشافته ، بس لأنه دق قلبه داخل روحها صار هو كل حياتها ..
غزل وهي مثلها انتهت طاقتها همست : لاتقولين شيء تكفين ، وفري هالنفس لش وله ، تمارا لاتنامين وتخليني ، تذكرين يوم كنت أقولها دايم يوم كانت تجمعنا غرفة واحدة كنت أخاف من اللحظة اللي تغمض فيها عيونش قبلي ،تمارا الخوف ذا رجع لي تمارا لاتنامين وتخليني ...
ابتسمت لها بذبول واستسلمت عيونها للهلاك بعد مقاومة استمرت ساعة كاملة ..صرخت غزل صرخت وتجرّح صوتها ، ركضت للمكان الخالي بنفس خطواتها العابثة بنفس الهباء ، ركضت وركضت وهي تنادي سعيد اللي بتهوره تسبب بخسائر فادحة للأرواح وللقلوب ..
.
.
مرت أربعين دقيقة وغزل تعبر المكان ذهاب وإياب وهي متيقنة أن اختها خلاص فارقت الدنيا لكن قلبها الصغير يستحثها تركض وتصرخ بأعلى صوت حضر سعيد والذعر إكتسى ملامحه من غزل الواقفة بنص الطريق كانت منهارة تماماً !: سعيد الحق الحق ، أختي راحت من الدنيا وخلتني الحق ياسعيد يمكن باقي نفس وننقذه تكفى تكفى
ركض سعيد مثل المجنون ناحية تمارا وبحيرة من الدماء تحاوط جسدها النحيل
حملها وركض من نفس الطريق اللي جابه وغزل خلفها تلاحق جسدها المرمي على كفوف سعيد اللي هو بعد انهار والسبب رعونته ..بعد ماقدر المستوصف الصغير ينقذها وترجع لوعيها صارت بسيارة عتيق وبطريقهم لمستشفى المدينة
سعيد بسيارته وبثوبه الملطخ بدماء ضحيته خلفهم !
وصل سعيد ركض في الممر مثل المجنون ركض وهو كان متأكد انها ودعت الدنيا ، لكن رحمة الله أنقذتها
مرّت ساعات وتمارا بغرفة وحولها الأطباء يتناوبون
وغزل تبكي بحضن عمها عتيق وسعيد بآخر الممر يدينه محتضنه وجهه يغطي فيها الدموع اللي تخضبت بها ملامحه !
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...