29

239 9 0
                                    

أطراف قرية ساري المظلمة
سهم واقف على حافة الجبل ونور البرق يعكس إيقاعه على قسمات وجهه بين كل زفره وزفره يكره هذا المكان ويكره نفسه اللي بكل مرة يقاوم فيها بكل كبرياء ويخسر هو كان يظن ان الضيق بيتلاشى بمجرد مايختلي مع نفسه ويحاول يقنعها لكن بكل مرة توقف رجله بأرض الجنوب يختنق والضيق يحتل جهاته الأربع والحزن اللي يهرب منه بأضيق الزوايا كان يعثر عليه بأرض الجنوب وأحياناً تتوسع الخسارة ويخسر نفسه اللي بكل مرة يقاومها جاهد الضيق لساعات طويلة وفشل وده يهرب ويرمي نفسه من حافة الجبل لكن رحمة الله حاوطت المكان والغيث اللي هطل قاعد يغسل قلبه وبالرغم من ذلك لم يتحرر من الإختناق !
مشى بخطوات ثقيلة ناحية سيارته اغمض عينه وبلحظة مجنونة داس بقوته الخاوية لكن تراجع وهو يشاهد جسد أنثى أمام السيارة رافعة يدينها وتلوح له وتصرخ لكن لم يصله صوتها فتح نافذته وصرخ : ابعدي من هنا وش جابك الحين ؟
غزل اللي فشلت محاولاتها بالعثور على هتاف عثرت على هذا المجنون يريد القفز للأسفل بسيارته أي جنون تلبسه الآن
صرخت : ماتستحي من الله رحمته اللي غشت المكان ماكانت رادع ؟
سهم والجنون لازال متلبسه : لو مارحتي من هنا بنقفز انا وانتي والسيارة
غزل لن تتحرك من مكانها صرخت : ماني رايحة مكان نفسك ماتطاوعك تخسر مرتين
عنادها لم يغير شيء انطلق بسيارته ناحيتها بكل جنونه فجأة ! أيقظته صرختها فتح عينه بذعر الدنيا وكأن ماء بارد انسكب على جبينه فتح الباب وهو يركض وبنيته يتفقدها لكن سبقوه رجال يجهل هويتهم
عتيق جابر أديب كلهم الثلاثة وصلتهم صرختها مثل غريق يستنجد بآخر قشة أمامه حتى لو كانت بعيدة وصلتهم صرختها فزو ثلاثتهم انحنى أديب اللي قضت حياتها وهي تشاكسه وتعانده بسبب الغيرة وهو صار يبادلها العناد والمشاكسة نفسها لتظهر المشاعر الحقيقية الآن رفع رأسها بحضنه وهو يدعي بداخله انها ماتوجعت ليصله صوتها البعيد المدفون داخل التعب : عمي أديب
أديب : ياحبيبة عين أديب انتي قولي وش اللي يوجعش لا تغمضين لالا ابويه انتي فتحي عيونش
صوت جابر وهو واقف عند رأسها ويفحصها صرخ وقال : يالله ابوية تكفين
غزل : ابغى انام بردانة
ثلاث كلمات متقاطعة كانت كفيلة بإيقاظ الوجع من جديد وسكبه داخل فؤاد جابر الملتهب احتقن وجهه بضيق الدنيا وحاول يتماسك شد وجهها ورفعه وصار بالقرب منه ونطق : تحسين فيني
غزل : ايه احس احس
عتيق بخوف : جابر أسألها من انتي
فتحت عين واحدة لتنطق بصوت التعب : غزالة عتيق وجابر
تهاوى جابر ورأسه على صدرها كاتم حزنه وكاتم دموعه كتم كل لحظة عصفت لتعود بمشاعرها بصور في غاية اللوعة وكأن الحزن بكل لحظه يتعاهده ويذكره انه جزء لا ينقسم عنه رفعه عتيق وهو مدرك حجم ضيقته : بتختنق ياخوي اتركها تتنفس الحمدلله عدت على خير
أديب تحرك جهة سهم رفعه بغضب : شارب شيء انت معمي على عينك والا متعمد انطق اعترف ؟
سهم وكأنه سقط من الجبل وكأن ألم غزل اللي تعيشه الآن قفز نصفه لجسده كان يتأمله بذبول صامت ومانطق صرخ أديب من جديد لكن غزل بصوتها الواهن قالت : انا اللي غلطانة عمي
لفو الأثنين ناحيتها كان جابر يحملها همست بإذن عمها وهو نفذ طلبها قربها من الشخص المجهول بالنسبة لها لكن عرفت عنه شي واحد فقط وهذا الشيء كفيل بأنه ينسيها كل شيء حتى موقفها العصيب اللي عاشته بسببه : أنا آسفة وقفت بطريقك بس ماكان في طريق ثاني
هو فهم مقصدها وكلامها اللي رمته بعز خوفها وألمها نزل عينه لأنه استوعب وينصدم أكثر من نفسه تصرف برعونة غير متوقعة لكن انزلقت الأمور من يده وكانت هي الضحية عينه لازالت بالأرض لم ينطق بحرف انتهى الموقف بالنسبة لهم لكن بالنسبة لسهم لم ينتهي بعد !

إنتصف الليل وهتاف مختفية ..

عرس قايد وملكة تحول لظلام و أصوات بكاء وخوف وترقب
الكهرباء مقطوعة والكل خرج يشارك بالبحث عن المفقودة قرية ساري انتشر فيها ضوء الكشافات بعد ماتوزع رجال القرية بكل مكان يتوقعون وجودها فيه كانت الأصوات ترتفع مع صوت الرعد نداء واحد وإسم واحد ( هتاف ) لكن لا مجيب !

ساري الجبل واخوان ساري حيث تعيش القصص. اكتشف الآن