296 ..
هز ماجد رأسه ونزّل نوره على الأرض ، شد أطرافها الصغيرة وصار يجاري خطواتها ، وقف عند باب المدخل ، وقف عند المراية وعدل نسفة شماغه أمه وقف دمعها وحزنها الغريب اللي داهم الفرحة وقضى عليها ، تناست كل اللي كسر خاطرها وهي تشوفه ينسف شماغه وينثر العطر على أكتافه ميلت رأسها وهي تراقبه خطوة بخطوة ، خرج بعد ماثبت طوق نورة اللي ميل على وجهها خرج وحملها وهو يبحث عن جود بنظراته ..
: ما انتهينا ؟
: وش اسوي ياجابر شيء ما اقدر عليه يغلبني بليالي العيد ويكسرني الغريب اني الليلة مابكيت من كسره بكيت لأني سعيدة
استحثها بنظراته ، تعمد يعطيها مساحة تعبّر فيها وماتسكت عن اللي يزاحم قلبها الآن
أكملت : تعود قلبي مايدق إلا من الخوف والقهر كنت حتى الحزن على قلبي أستكثره ولكن الغريب أن قلبي ياجابر دق بفرحة ودق مرة ثانية ودقاته كانت محتلفة !
بذهول قاطعها : مختلفة ! اشرحي لي مختلفة ،صحيح اني دكتور وشاطر بالدراسة لكن يوم تكلمني أنثى اضيع مبادئ العلم وانسى الحروف الابجدية كل ابوها !
تعمد يلطف الحوار ويسمع إعترافها الصريح لأنه متعطش من فترة وعاهد نفسه يثبت ولا يطالبها بشيء ، أعطاها فرصة ووقت طويل تقرر وتختار
ضمت يدينه وهو يراقبها بذهول صامت : طول مافهمتني وعرفتني وأنت معي سمح ولين وعلى كثر ماصديتك مافكرت تتركني
ضحك بتوتر وقال : ولا بفكر بيوم حمار يوم اني افكر ابتعد !
بدون شعور ضحكت من عفويته : ايه اضحكي وبعتبر هالضحكة إعتراف صريح ويكفيني مايحتاج تعيدين اللي عشته معش ايه أنا داري انش اخترتيني ومن فترة طويلة أحيان المواقف تشرح الشعور أكثر من الكلام
نهض وجذب يدها : قومي اغسلي هالوجه الزين وحطي حمرة اعطي العيد حقه ماني غافل عن هالدموع اللي تكسر فرحتش بكل عيد لكن كنت أغض الطرف ومن اليوم وعقبه ماني سامح لها تعود وتقهرش
: خلني اقول اللي بخاطري ياجابر ، أنا أحبك والمفروض من قبل ماتجي نورة للدنيا اقولها لكن مثل ماقلت المواقف تشرح نفسها ..
ابتسم بحب كبير وهي هربت تتزين ..والوجع اللي غزى جدران حسناء ورحّله جابر رحل لأبعد سما وغاب عنهم ،
حوش ضيف الله الليلة مزدحم ، عقود الأنوار موزعة على الحيطان مع رذاذ المطر الخفيف ونسمات هوا الجنوب الأخاذة والبسمات اللي متربعة على الوجيه من أثر الجو الحلو ومن أثر المكان اللي متجهز ببساطة لكن الحب غلب على طابع المكان وجمله ..
غزل صبية البيت المدللة صغيرة القلوب اللي مستحيل تكبر ولو توسع البساط وصار الدلال متقسم على أكثر من شخص هي لها النصيب الأكبر مستحوذة على القلوب وخاطفتها ، والكل يحسب حساب لدلالها ويعطيه حقه ، واقفة على صندوق قديم بالسطح تراقب جهة بيت عمتها راوية السبب واضح ومعروف ، مرت فترة طويلة كانت كفيلة بالنسيان ، كان بإمكانها تطوي صفحة أكاذيبه وتنسى كل شيء صار ، وقفتها بالوقت الحالي وبعد مرور زمني دليل قاطع على أشياء استنكرتها ومرت وهي تتجاهلها ، يدينها تحت فكها تشاهد من بعيد تروي شوفها وشوق قلبها ، وبالرغم من أنه كف عن ملاحقتها ولسانه صمَت عن ترديد مذكراتها وبالرغم من يأسه اللي صار بالمنتصف بين المسافات الفاصلة وبين أيامهم قلبها مازال يخفق وحبها له نزيه مايشوبه ردى ، إرتعاشة قلبها الآن دليل ثابت ، قطع صمتها وهروبها وقطع أيام البعاد الطويلة رجع لضفتها حتى ولو كان متجاهل حتى ولو ماصارت تعني ، له تقوس فمها وهي تشاهده بصورة مغايرة ، كان مهادن واليوم نظراته الحادة تخترق قلبها ، كان جسمه هزيل واليوم تشاهد شكله غير ، يبدو أنه قضى أيامه الماضية وهو يبني جسد مثالي وده يهزم الخوف حتى بشكله
: وش تسوين ؟
من سمعت صوت اختها تحفزت رغبتها في البكاء : مانسيته ولا بنساه رجعته رجعت لي مواجع قلبي يوم خذلني وتركني بنص الطريق
توجعت تمارا وشدت قماش فستان أختها جذبتها وصارت قريبة منها احتضنت وجهها بحنية الدنيا وقالت : ماتدرين وين العوض انبسطي الليلة وانفضي خيبته عن قلبك
تبسمت غزل لأختها اللي عوضها الله بسعيد ما اعترف بسرعة ، خطبها وتمت الملكة والآن متعلقة ببساطته وحبه اللذيذ ، تعيش معه وبقربه أسعد أيامها : خلاص اسبقيني بضبط شعري وبنزل وراش
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
Fiction générale.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...