ربت على كتفه وهمس له : لا تخاف ولا ينكسر لك خاطر لاتظن يوم ابطي ولا الغياب ياخذنا من اللقا اللي تعودنا عليه لاتظن انه غيب مكانتك انت ماجد كبرت على يديني وشفت نور الدنيا من عيونك وانت تكبر
لمعت عيون ماجد وبسرعة اقترب ضم عمه وهو يحتاج هذا الحضن من مدة ويحتاج كلماته ونبرته الصلبة : روح روح أختك داخل محترقة من شوقها عليك
بسرعة رفع نفسه ومسح وجهه وهو يتنفس بعمق ليطرق الباب وعمه تركه وهو بالكاد قاوم ، ماجد غياب والدته غيّب عنه لون الحياة وملذاتها غيّب عنه الأمان حتى إبتساماته شحت ، زفر وهو يستودعه ليخرج من القرية وهو يسمع نداء قلبه وصوت مشاعره المهم خرج وهذي أول خطواته إليها بكامل رغباته وبكامل مشاعره ..
.
.
دخل ماجد وأخته نائمة ، رمقها برحمة شد يدها الممدة بجانبها وهي فتحت عينها بسرعة
: ماجدضحك قلبه من لهفة صوتها : تعبتي ولا قالو لي كثيرة علي كثيرة ، تعبك وغياب أمي
رق قلبها وتقوس فمها نطقت له بسرعة قبل يبكي : لا يشيل قلبك شيء كثير ولا قليل هات همك هاته
قرب وأسند رأسه على كتفها : خذو أمي مني ، خذو فرحتي يوم العيد
مسحت على رأسه وهي تقول : وأنا مثلك تصدق ماعرف أعبر وأبكي بس خذو مني راحتي وصحة جنيني اللي كل مالمست نبضه حسيت بأمان
رد : جود جود من رابع أيام العيد وهي تنشد كل ماشافت لها وجهن غريب تنشده وين ماما
ردت : ندمت ذقت طعم أصابع الندم تذوقته مر وأنا بعيده وان رفعت الصوت وصحت ماوصلرد : فارق النوم عيني صرت أسهر ،كنت أول ما أنام وأنا أنتظر فرحة جديدة كنت موعود فيها بس صرت أسهر وأنا أجهل فرحتي وينها ، أول مرة مثلك أتذوق المرارة " مرارتين " السهر مع الندم
ردت : يوم جت الفرحة اللي أنتظرها من مدة جت وأنا ما أشتهيها ، يوم لانت الوجيه ونظراتها لانت من عطف مو من محبة
رد : لي شهر مابكيت
ردت : بكيت أمس وعمي غالب شاف دموعي
شهق وبكى على كتفها وهي بكت ، هو يبكي مرارة السهر والفقد ، وهي تبكي مرارة الندم وتبكي على حالها
وساري البعيد اللي قرر يرجع ويواجه الندم ليته بقى بعيد لأن الندم تضاعف !
شد عروة الباب وهو ينتفض من أسباب دموع الأثنين ، ماكان يتخيل حجم ولا حتى صوت ولا حتى شكل إنهيار تمارا ، كان يمنع نفسه من التفكير ويمنع خياله ، لكن كل شيء صار عكس وحضر الضد بشكله القاهر كان كارثي كان مريع بالنسبة لقلبه ، كانت هذه الدمعات كفيلة بتحطيم حاجز العداوة ، انكشف القناع والروح الحقيقية ظهرت وتجردت من الزيف ، حضر قلبه القريب وتدفق عطفه ولان وانهدم سوره القاسي بعد ما اعترفت بندمها وبعد مانثرت مخاوفها وبعد ماسمع صوت النحيب ، مسح وجهه وهو ينوي العودة لكن تمارا لمحت ثوبه هتفت بصوت باكي : مين ؟
هنا اندفع وهي بسرعة صدت تمسح أثر ضعفها وماجد قفز ودخل الحمام
جلس على الكرسي وقال : سلامات
ميلت فمها وببرود هزت رأسها
مايعرف كيف يفاتحها وكيف يستخرج صفحته البيضا و يستفتحها ، زفر وكل الكلمات لم تسعف موقفه ، قبض بكفوفه على بعضها وقال : ماكنت ناوي أجلس هالجلسة ، بتر حديثه وهو يشاهد صدها : جبت فراولة وتوت !
ضحكت بسخرية أما هو انسحب ورجع ماجد جلس مكانه بعد مانشف وجهه وهي مسحت يده بنعومة:برجع للرياض وشغلي عافيتي هناك مو هنا
ليقاطعها : وأنا عافيتي حسناء بس حسناء بعيدة قالها بمرارة سبقت سنه ولسنوات شدت يده اللي كانت مسترخية على اللحاف الأبيض من جديد :ياحبيبي أنت ودك تخاويني ؟ ويتعافى شي من اللي بخاطرك حولي ؟
برفض هز رأسه : جود ماقدر أتركها ماحد يتحمل حركتها الزايدة غيري
تمارا : ناخذها معنا شرايك لا تقول لا بيتي جاهز وكبير يوسعنا حنا الثلاثة حتى غزل بنتركها الخايسة مانبيها ماحسبت افتكيت احس ريحتها تذكرني بغنم عمي غالب
ضحك ومن زمان ماحس بالضحكة ولا استطعمها تمارا تتقصد المرح بصوتها وبنظراتها حتى وهي على فراش التعب قدرت تحتويه : خلاص تم نروح الرياض
مسحت رأسه وهو من الجفاف استغرب هذه اللمسة : ونشتري اللي بخاطرك ألعاب ثياب وتطلع متى مابغيت لو اني مثل الحين ماقدر أتحرك بس عشانك بقوم ، كل شي يهون قدام هالضحكة ماني مخلية بخاطرك شيء بسابق حسناء على قلبك وعلى حبك ويمكن أغلبها الفترة ذي
ضحك أكثر وبطفولة افتقدها بعد ماغابت أمه عنهم صار يستكثر على نفسه كل شيء ويحس انه كبر وهي ضحكت لتغمز وبتلاعب : دام بكينا وانتهينا نقدر نقول اليوم خلاص لصفحة الدموع ورانا مشوار جديد !
•
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...