قايد
مجروح منها للنخاع لكن مبتلى
بالحب وهذا الإبتلاء يجر أقدامه بدون إرادته ، يجرّها لمقاعد الليل تحت شباك غرفة المستشفى يسامر الليل الطويل وهو يتحرى لمحة عيونها ، تحن وتطل من شباكها و تسرق لها نظرة ، لكن يغيب الليل ويشرق الصبح ويغيب إنتظاره مع غياب ليله ويرجع من نفس الطريق وعيونه خالية من طيوفها ، ليت تكشف عن صدره وتشوف خانتها وتشوف مكانها كيف صار خالي منها لكن ليت صارت تجره مثل قلبه ويعيش على ليت بدون لايزاوره ملل حتى ولو ضاع الأمل متطمن وهذا الشعور يكفيه ويعيشه مع ليت شهر وهذا وضعه عايش وهو متطمن وهو يتسلى بليت وبثياب الوداع وبفستانها الأحمر يوم العيد وبكل حالاتها اللي عشقها بجنون ولازال يعشقها ، مبتلى وملكة من فوق ومن ورى الشباك كل يوم تشوفه والكبرياء مقيّد خطواتها لأنها تقف كل يوم بنفس الصمود الظاهر لكن قلبها يحمل كل التناقضات
يواجه الصد ويفشل ، يواجه الكبرياء ويفشل ، يواجه طبعها العنيد ويفشل ، قلبها في صراع دائم لكن بنفس المكان ثابتة ، اليوم قلبها يستحثها مثل كل يوم وتعانده لكن مابه عنادها تزعزع وجمودها الظاهري اختلف ! والسبب كان علامات اليأس لم تعد تخفى ويبدو أن اليوم آخر محاولة من محاولاته لأنه لم يجلس على مقعد إنتظاره مثل كل ليلة ولم يرفع رأسه يسترق له نظرة بخلت وتمنعت و وارت عنه وجهها خلف حجاب العناد اليوم كل محاولاته إختلفت !
بسرعة حملت طرحتها و نزلت
قايد ونفسه تستحثه يغادر لأنه استهلكها على مقاعد الإنتظار ينازع رغبته في البقاء من أجل كرامة نفسه ، أدمن السهر بالقرب من شباك محبوبته ، أدمن البقاء بالقرب من رائحتها وذكرياته معها لكن كل الليالي كانت تشبه بعضها، قرر يكسر التشابه ويبتر آخر أشواط الإنتظار وينسحب ويرفع راياته مشى خطوتين مشى وهو مهزوم محروم منها
سمع صوت وتخيل أنه يهذي وهذي أشواقه ساقت له النبرة وتوهمها لكن النبرة إقتربت تأفف من هذيانه اللي كان بغير وقته لأنه يقاسي هزيمة وبصوتها الهزائم صارت مضاعفة !
قايد
تجاهل النبرة ومشى خطوتين
قايد !
لف وملامح الهزيمة كانت طاغية على قسماته طغت حتى على لهفته وعلى صدمته كان يرمقها بإعياء ، هالات سوداء ، عارض مهمل ، غره كثيفة وحزن وجمود بسبب هذه الصورة وقفت ثابتة بمحلها مررت عيونها على هذا الذبول بندم كبير طغى على ضعفه وعلى ملامح خسارته حاولت تتحرك ناحيته ونبرات عالية داخلها تستحث مقاومتها وتستحث مشاعرها اللي تغطت بالكبرياء حان وقت خروجهاقايد لاتروح !
لف وبنيته يرجع لطريقه ويتجاهل صوتها ويتجاهل لهفته كور يدينه وهو يقاسي صوتها وأثيرها القريب منه وهو يقاوم التعب خايف من السقوط ، تزعزعت مقاومته بالفعل واختل توازنه فتح عينه وهي قريبة منه وكفها محتضنه ذراعه وعيونها تدور بخوف وذعر تمسح خرائط التعب والإجهاد الممتدة بتمرد على تقاسيم وجهه وعلى جسده : قايد أنت بخير؟
إمتدت يده ورفعها لكن سبقته وافلتته بعد ما لاحظت منه الصد والتمنع قررت تبعد لها خطوتين وهو قال : أنا بخيرملكة : لا ياقايد أنت مجهد وتعبان أنت تعبت من الإنتظار اللي مايودي ولا يجيب أنت تصلب ظهرك بكرسي رهنته للقاءنا ولا التقينا !
رفع عينه المتعطشة الذابلة من خريفه معها : اتركيني ملكة مافيني شدة للأخذ والعطى أنا اعترف اني ضعيف وماقويت لكن شعور نفسي ماهو بيديني بين ضلوعي انتي تعرفين المشاعر يوم تخون يوم تتمرد وتقواك أنا انهد حيلي !
شهقت وشدت فكها بكفوفها وهي تسمعه يجر الصوت الحزين على مسامعها ويعلن هزيمته يعلنها صريحة بدون قيود حتى رجولته صارت رهن لقلبه اللي بين ضلوعه هتفت بصوت باكي :تكفى ياقايد لا تقول شيء بعز ضيقك لاتقول شيء اندم أنا عليه واتحسف منه تكفى ياقايد
جلس على الكرسي اللي شهد على انكساراته وصوت تنهايده وعلى غفواته كانت ملكة بطلة طيوفه كان يعيش على طيوفها أيام ويأنس بها استخرجت منديل من جيب بجامتها دنقت وهي تمسح حبات العرق من وجهه رجعت ومررت أصابعها على عارضه وأسفل عينه وهو تحت تأثير هزيمته لم يشعر بلمساتها بعد بهذيان قال : شهر وانا على اللهفة القديمة عايش ايه متلهف ايه ذبل قلبي من شوقه ، كل الدنيا كانت خالية منك وكنت احس اني وحيد لو لو حولي عدد ولو حولي مليون صوت كان في فراغ قلبي مايقدر يمليه أحد
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...