رمقته لثواني يبدو انه يبالغ ويتعمد ويسأل بكل مرة وكأنه يجهل وين كان ، لم ترد لأن نظراته صارت مصوبه إتجاهها نسى رحلته ، نسى الطريق وصارت الوجهه عيونها ، حركت فمها وهذا الإنغماس وهذه اللذة تشاطرتها معه لكن تتجاهل ، حضر صوت كبرياء ذاتها وأنوثتها هتفت له : عتيق الطريق
لف بعد مارمش يريد نفضها لأنها إحتلت نصف المسافة والنصف الباقي كانت لهفته ، مسك يدها
حاولت تحررها وهمس : اتركينا !
ليه ماقال اتركيني ؟ ليه تيقن انها ملهوفة للقرب أكثر منه ؟
خلينا نقتنع اننا باقي قراب راضي أنا بالسكة القديمة وبالمسافة الشاسعة راضي نعيشها بدون غياب
لفت له بكل جوارحها وصار دورها تنغمس وتطلق العنان للهفتها وبطواعيه شبكت أصابعها بأصابع يدينه لتنطق : سنين وأنا اتمنى أشياء غريبة لكن أكثر شيء تمنيته يكون لنا بكل مكان ذكرى ، بس أنت أقفيت للورق طبعت ذكرياتك فيها صرت اتلذذ بكل حرف ونسيت أمنية الأماكن وجمعتها بقلبي
تسمر لثواني وكأنه يتذوق صوتها وحروفها رد لها الجواب بلهفته الجديدة : المهم صار لذكرياتي مكان ! اسمحي لي أكون بهاللحظة أناني اتركيني اتلذذ ولو صرت أناني يكفيني ان لحروفي مكان ولأوراقي مكان
صمت وهو وده يسترسل ويقول وراعي الورق وده يسأل عن مكانته أكثر مامل وهو يطرق أبوابها وهي تجاوب أجوبه مبهمة على الأقل نسيت فكرة الرحيل وهجرته وهي قريبة منهمستمتع بأيامه الجديدة معها
.
وانقسمو بالرحلة نصفين الرجال جهه والنساء بالجهه الثانية
جود تتنقل من حضن ساري لعتيق لماجد
ماجد عجز فيها : ياعم سويت كل شي مارضيت أظنها اول مرة تشوف فيها عنز وأول مرة تتعلق فيها
ساري وهو كاتم ضحكته من تذمره حمل جود ومسح دموعها : جودي خلاص نجيب لش واحدة صغيرة أصغر من هذي تبغين نغدي ضيوفنا رز مسلوق
انسلخ من شدته وصار لين أكثر من ليونته اللي تحضر بحضور غزل
سلااااااام عليكم
صوت أديب المرح والحيوي لف الجميع له : درينا أن فيها شحم ولحم وأنا أقوم أحمل ضيف الله وولده ونجيكم
نغزه جده : الله يخلف على صفية ماتدري وين تهب وجهها لا تذكار ولا أديب الله يهب لها معونة
ارتفعت الضحكات ونادر تقدم وتوسعت الرحلة وساري انشغل وهو يراضي الصغيرة ربط حبل بالشجرة العتيقة وصارت مرجيحة للصغار بكت نورة وعلق مرجيحة ثانية انشغل وهو يلاعبهم
تذكار وهي تحمل نجد : ماكنت حتى استوعب الصورة ببالي ساري وشايل له صغير ماتضبط عاد اليوم كسرت كل شيء هاك هاك نجد خل تكمل الصورة
رد بمرح طاغي : تشمتي تشمتي يوم تقول ما اقدر استوعب انتي شافطة الفرص علينا كل سنة طالع للدنيا بزر
شهقت : اذكر الله لاينقطع النسل والذرية
حضن نجد ونطق : هذي والله اللي ماتتوب
شدت الطرحة وردت بمرح أكبر : يوم يوصلون ستة افكر اتوب امسك بنتي زين وانتبه لنورة بروح اتمدد في الخيمة قبل تشغلني أمي بالشحم
هز رأسه بيأس رفع رأسه ناحية عتيق اللي يتلذذ بمعمول هتاف همس : هذا مصدق أنه ياكل أصابعها مو حبة معمول من يديها !
ضحك على نفسه اليوم وضعه غريب لكن مستمتع ومر الوقت وترتب الغداء اللي كان من اشراف عتيق وأمه ..الضيوف غادرو
وهتاف قررت ترجع مع عتيق وابوه وجده
ساري متمدد وجود تتوسد حضنه
بطفولة : عمي ساري
رد يجاريها : لبيه لبيه ياعمي سألتيني مليون سؤال طلعتي عيوني
تحب ماجد والا تحبني
تحت التهديد لأن بكائها مزعج ماكان بوسعه غير يقول انتي ياعمي شيخة ساري والديار كلها
جلس أديب مقابلهم ونطق ساري : تكفى خلصني نشبت نشبت نشف ريقي وهي من امس تستجوبني
رمقته بعدم فهم قامت لعلب المعمول وساري وأخيراً تحرر لكن كشر وهي راجعة وكل يد فيها حبة معمول
جود : عمي
ساري : لبيه ياعمي لبيه
جود : غزل مو حلوة
غيرت مسار الأسئلة صارت تتهكم قضمت حبة المعمول وتناثرت على ثوبه : غزل يع مدلعة
كتم ضحكته وقال : ماودش تأكليني معمول
دستها بفمه وهو يتلذذ : مع انش عجنتي بالطين الين قلتي بس لكن لش يدين نستطعم منها كل شيء
رمقته بعدم فهم وقال : ساري تحبينه
ضرب رأسه واستدرك وهو منصدم من نفسه ليضحك :حسبي على ابليسش يابنية صار عقلي ماء
•
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...