رجع غالب من بيته لهم وهو يسابق الثواني بعد ما أخبروه أن غياب سهم أسقطها ، ركض بجنون ركض لغرفتها وهو يشاهدها هامدة، عينها ثابتة جهة السقف والإحمرار أخذ له مساحة شاسعة من حزنها جلس على السرير جذب رأسها وميله إتجاه وجهه هتف بصوت حاني : البتول ياحبيبة العين ناظريني
أغمضت عينها والكلام ضاع ، يبدو أن سهم حمل صوتها مع حقائبه رفع فكها وقال : قولي اللي بخاطرش لاتوفرين الصوت اللي داخلش ، لاتخبين حرف ويخنقش بعدين ..
تقوس فمها بعد مافتحت عينها ، نهضت وطوقت خصره ، دست رأسها بحضنه وهي تبكي فقط تبكي وده يقول بعمري مثل ماكان يقولها لأمه إذا شافها تتوجع ، وده يقول جعلها بقلبي مثل ماكان يقولها لأمه ، لكن همها إلتصق بروحه وبقلبه ودمعها تدفق وسال من حضنه إتجاه أوردته ، تدفقت حنيته لهذا الإنهيار ، لمّ رأسها بيدينه ودنق برأسه كان إحتضان صامت لكن البتول محتاجة تتنفس محتاجة تتكلم مرت دقيقتين ورفعها من حضنه ، أخذها للمغسلة القريبة ، غسل وجهها ومشى لعباياتها المعلّقة أخذ له واحده ولفها فيها دسها تحت ذراعه وهتف :بنروح للشارع الخالي تذكرينه ؟ يمكن تتنفسين يالله حبيبتي ..
ماكانت تستوعب عبارات التحبب لأن المشاعر تزاحمت وفاضت بصدرها ، قبل يوصل الشارع الخالي مر له محل ، حمل كل نوع آيسكريم كانت تتلذذ فيه ، يمكن يذوب ومايراضيها ويمكن يسكن إنهيارها وتتجمد دموعها وقت تتسلى فيه وتاكله في شارعهم الخالي المرتبط بالشمس ..
نزلها من السيارة ونزع طرحتها حملها وصارت بنفس وضعها السابق لكن الصورة حزينة هتف بمرح فاشل : طريقنا هذا على الحلوة والمرة ..
فتح له آيسكريم وناولها ، مدت يدها وبدت تاكله أثر الدموع والإحمرار اللي صار أخف من بعد ماحضنها أنفها بعد نوبة البكاء الطويلة كان منظرها صافي ولذيذ بالرغم من صورتها الحزينة واقف يتأملها ومستحيل يمل وهو يتأملها مسح بقايا الكريمة بيده وقال : الحين أسمعش
دنقت وقالت : سهم سافر يتعالج وقبل تقاطعني أنا حزينة على الطريقة اللي تركنا فيها وعلى الوداع اللي ماحسيت عليه قبل كم يوم ، أنا خايفة عليه يخاف وهو لحاله خايفة يبكي ولا يلاقي يد تضمه خايفة غيابه يصير دايم ومايرجع لنا
لازم يتجلد ولايظهر تأثره هو بموقف القوة لازم يحتويها هتف : وهو قبل يغيب وش قال قبل الوداع؟نزلت دموعها لترد : قال اضحكي دايم لا يذبل لك غصن ولاتبكين ، بس مو قادرة ياغالب مو قادرة
مسح دمعها بأصابعه السمراء وقال :
أنا اكثر أنسان يعرف وش كثر الكتمان يأثر على الآدمي ويهد قوته وهو مو حاس بنفسه ، أبكي وتنفسي بالدموع أبد الدموع أحيان تسقي الغصن
هزت رأسها وقالت : أحبك ياغالب وأحب مراضاتك الواحد أحياناً وده يبكي عشان ياكل آيسكريم
لم يتمالك نفسه ضحك من مرحها اللي داهم الموقف ، بدت تنفذ توصيات سهم من الآن ويبدو أنها نجحت من البداية ..
.
.
رهاف ومانع ..أصر بعد خروجهم يمسك يدها وهي ما مانعت وصل معها لباب البيت رفعت رأسها وقالت : وين غرفة أمك ؟
مسك كتفها حاوطها بذراعه ومشى فيها لغرفة في الأسفل قريبة من المطبخ ، طرق الباب ووصلهم صوتها : تعال يامانع جعلني قبلك
دفع الباب وهو مبتسم هنا لف لرهاف عاقده كفوفها والطرحة على كتفيها بنفس ملامح أمس همس بصدره : يكفي رهاف يكفي
مال رأسها وفمها متقوس : أقدر أجلس معك على السرير ؟
ام مانع برحابة رفعت يديها وهي جالسة : تعالي مو بس سريري تعالي لحضني يمي تعالي
مشت لها وتمددت غرست رأسها بحضن ام مانع وأمه لفت له بسرعة كان الحديث بالعيون رهاف ظهرها للباب ظهر جزء من خصرها بعد سقط قماش العباية إرتفعت بلوزتها لاحظ أثر غامق حاول يتعامى عنه . لكن تذكر حديثها بالفندق تنفس بحدة وهو يمسح وجهه ليخرج وتبقى رهاف بحضن أمه..
.
مرت لحظات
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...