شعرها الأسود الفاحم ، ، فكها المصقول ، حتى غمازتيها قدر يميزها ، هندامها البسيط وكفوفها الملطخة بالعجين والحزن اللي ترك لها مساحة وقدر يحررها اليوم صارت بهية حزينة القمرا أمامه بحلة عفوية بدت له عصية الفرحة كثيرة الدموع تقتات على المرارة ورفيقة للهم ، لكن الآن لا ! خلعت الرداء الحزين تحررت من دموع نصف الشهر ومفردات الرثاء تجلّت بصفاء لامثيل له ، قدر يستغل صدمتها لصالحه ويكتشف الوجه الآخر لحزينته الباكية تحت نور القمر ، جميلة جميلة للحد الذي لاحد له جميلة وكفى ، فاقت كل الصور اللي عبرت من خلاله وتجاوزته ، فاقت كل لحظات التأمل اللي قدر يستلذ بها كسرت كل الصور وفازت الآن إستيقظ من سبات الذهول على صوت ماجد : عمي نزلت أجيب مصاصة لجود أشغلتنا الليل كله تبكي
قطب جبينه بعدم رضا لتخرج ملتفه بعبائتها همس : ماجد ابوي روح لأختك
بقيت هي ،نطق بغضب مكبوت : كيف تسمحين للولد ينزل للشارع والوقت ليل ؟
ببرود قالت : ماهو ولد رجال ! ماجد مسؤول يوم ضاقت على أخته فز ونزل بدون لايشاورني
هدأ غضبه لتهمس مرة أخرى : ماجد عضيد ، جود تتركى عليه بيديها الصغيرة ، ماتدري هي وش الدنيا ، أقصى شيء تبكي عليه مصاصة تنام وهي بفمها وكن الدنيا صارت رهن يديها ماجد ما استحقر الشيء اللي بكت عليه ماتشوف فرحته يوم جاب لها الدنيا ؟
ذابت حدته عندها قدرات خارقة في ترويض المشاعر ، تاره تبكيك ، وتاره تذوب قلبك بحسنها الصامت ، والآن تعبث بغضبه وبصوت بارد جداً وبكلمات يدرك أنها حديثة عهد بفمها لأنها خرجت بدون ترتيب ولأنها وصلته حتى بفوضويتها نطق :طولت كان عندي اجتماع الحين تقدرين تروحين وماقصرتي
بسرعة حملت مفاتيحها وحقيبتها كانت منسجمة وهي تتفقد أشياء الحقيبة هتف : وش صار على المجموعة الجديدة ؟
تأملته لثواني وقالت : تعاونت مع مصمم ثاني وتقريباً وصلنا للنهاية
وده يسألها عن فساتين أمه لاحظت محاولاته في كبت فضوله لكن لم تهتم تحركت للباب وخرجت..
.
.
تمارا ..
استحمت ونشفت شعرها، رفعت نصفه بنعومة وضعت كريم إنتعشت للتو وهي تراقب نفسها من المرآه فستان بيت بسيط أبيض اللون قصير وواسع فوق الركبة شعرها ملموم نصفه بربطة ملونة وغرتها تلامس خدودها لأول مرة تشاهد نفسها بهذه النعومة ابتسمت وتحولت البسمة لضحكة :وين كنتي مخبية هالملامح ياتمارا ؟ وين كان هالجمال ؟
ظلمت نفسها كثير وهي تدس كل هذه الأنوثة خلف غطاء الرعونة والصوت العالي ، صبت كل إهتمامها بعملها وجمع المال وأهملت بشرتها وشعرها وشكلها الخارجي ، رشت عطر ثقيل تحب العطور الصاخبة مشت للشباك الطويل وقفت تراقب الشارع متناسية كل شيء تركض ورى راحة بالها وراحة صغيرها لكن داهم ركضها حضوره ويدينه اللي حاوط فيها جسدها ، لفت بقوة بعد ماشهقت بذعر وقبل تسأل رمى الجواب بوجهها : قايل لهم زوجتي نومها ثقيل وقفلت الباب
قاطعته وهي تدفعه بعد ماتمادى واقترب أكثر :لا تقرب خلك بعيد ، ليه مصر تواجهني وأنت ماعندك أعذار ؟ ليه بعد الهروب رجعت تهرب عندي ؟ اللي أغراك بالرجعة وش قال لك ؟
ضحك بسخرية : على هونك لايطق فيك عرق ، واثقة من قدرات الجذب ؟ أنا لي حلال وواقف عليه الرجعة ماهي عشان عيونك
لم يغير رده شيء هي تعرف حجمها ومكانتها هي تعرف أنه يتلاعب لا أكثر معتده بنفسها وبشعورها وبقوتها مستحيل يهزها بحروفه المتلاعبة مستحيل تبكي لأنه جرحها مستحيل تبين ضعفها قالت :دامك مثل ماقلت تسعى ورى حلالك ليه واقف لي عند الأبواب وواقف لي عند الدرايش لا يكون أنا الحلال اللي تلاحقه؟
حك عارضه وهو مستمتع هي تضرب ولا تبالي وهو يقسى ولا يبالي المعركة مغرية وكثير هتف : ليه خبيتي عني ؟
قدر يخترق الثقة وبدت تتوتر : مابيننا شيء عشان نخبي أسرار عن بعضنا ، أنت اخترت طريق وانا طريق مافي شيء يجمعنا بالوقت الحالي غير المبنى وبتتتازل عنه وأنت تضحك
ضحك ببساطة وأشار : السر المخبى ورى ثوبك الفضفاض!
انتفضت وبدون شعور ضمت بطنها : أنت تماديت كثير يازايد ، لاتمد النظر على أشياء ماعادت تعني لك
قرب منها : القطعة هذي نتقاسمها حنا الاثنين ولا يحق لك تقولين شيء إلا يعني لي ليه مايعني لي؟
دفعته بغضب وقالت : سايرتك كثير وقمت تتمادى أطلع من هنا يازايد ، أطلع ترى مافيني قوة مثل أول
لف لها بعناد : اللحظة هذي مستحيل تتفوت لازم نوثقها ، تمارا تعترف بالخسارة وترفع يدينها !
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...