ماقدر يقاوم بعد كل هذا الزحام ماقدر إلا يجتمع فيهم ويشفي غليل الشوق بهذا الحضن إنتهى به المطاف ليرمي كل شيء وراء أيامه السابقة لن يفرط بأنثاه الجديدة ومشاعره القادمة لن يفرط
.حسناء وجابر
جابر : أشوفش وحيدة وجناحش الليلة مهجور
ردت : راحو وخلوني !
بتهكم زاد من لوعتها : بعذرهم يوم يروحون ، تشبعو من القهر نحرتيهم بسوداوية ليالي ماتخلص، ماشافو الدنيا وفتحت عيونهم على غم !
قبضت على أصابعها وصارت تخدشها والدم اللي يحاوط حدود الأظافر تتسلى وهي تستشعره : بس اليوم غير تزينت حطيت حمرة وحنيت يديني ماشفت؟
غابت النقوش وسط جروحها الجديدة قاطعها بصوت قاسي : ماشفت شيء دايم أشوف غلاف متهالك متشبع نكد وش تفيد الحمرة قولي لي !
أكمل وهو يحاول يضربها لغايه في نفسه : الزينة كانت مجرد قشور مالها وجود ، العبوس اللي بزوايا وجهش واللي بعيونش بالذات ، القشور هشة ماتقوى كل هذا الهم !
مسحت وجهه بنظرات متشبعة اسئلة لكن لم تتفوه بها هنا قناعه اللي كان مجرد قشور مثل زينتها تزعزع كان على وشك السقوط لولا حروفها الباردة : البيت ذا يكويني مثل بيت الطفولة شبرته برجولي ويديني حاولت أدور مكان يحتوي الخوف اللي من دخلته ومالقيت نقطة تحتويني وأنت ياجابر ساس البيت لا تعيب القشور اللي تسلحت بها اليوم قدام همي ، ماتعرف نصيبي اللي نلته ولا المتاع اللي شلته من يوم وعيت على دنيا ماكان فيها ذرة أمان !
الغاية إقتربت ، ضغطها متعمد ، يريد إنفجارها لكن زادت من هالة الغموض تضاعفت الإستفهامات حولها ضاعفتها باللوعة اللي استخرجتها على هيئة حروف عجز عن تفكيكها ، رجع لأصغر جرح مسكه بيده مسك كفوفها المبللة ونطق : يكفي يكفي لاتحسبيني يوم أثقلت اللوم وأنا قاصد فيه الإهانه ماقصدت أتطاول على جرح الطفولة وأرجع أسكب دمه
جمعت فمها ولمعت عيونها خافت تتهاوى قدام هالنبرة اللي تدرك انها عطف مؤقت لا أكثر سحبت كفوفها الغافية على حجره : قبل ١٦ سنة من يوم ماكان ماجد هنا أشارت لبطنها لتكمل : او تدري لا قبل مايكون بسنين تحملت أشياء أكبر من اللي قاعد تسويها الحين، انت قاعد تضرب بكلامك جهه ميته بأيسر صدري لو تضرب تضرب ماراح يتوجع أحد غيرك سويتها قبل صحيح ضربت وتوجعت أنت صحيح ؟ نصيحة ياجابر لا تقرب من حدودي خلك على إنطباعك القديم وعلى معرفتك القديمة تكفى لا تحاول تذب عطفك في جهه ماتت من زمان !
رفع يده القديمة وصفعها بحرقة ليصرخ : انتي وش ودش بالضبط ؟ نبقى على الموجة القديمة يمكن الموال اللي تكرهينه يفوقش ، يفوقش لواقع ثاني فوقي ياهم ، فوقي وشوفي الدنيا
تراعدت أوصالها من ثورته سقطت خصلاتها لتسدل الستار على لحظة مهينة بشعة جداً طبعت فيها أصابعه الخمس ببصمة سابقة رجع طوفانه الغاضب وهي واجهت رياحه العاتية بنفس التبلد اللي ينحره ، هزها وهو يتراعد مثلها : قولي وش أسوي وش من حيلة تسلمنا من بعض ؟ قولي انطقي لا تتلحفين الصمت مثل كل مرة
صارت تحضن نفسها تاره وتغطي آذانها تارة وهذا الإعصار لم يشهده قلبها من قبل ، صرخ أكثر وهو وصل لمرحلة بعيدة كل البعد عن الوعي والثبات بجنون صارخ صاخب : جربت كل حيلة ترفعين فيها صوتش ، صندوق ذكرياتش المخبى داخل ضلوعش ليه مفتاحه صلب ؟ لا وين ضاع مفتاحه جاوبيني ماعدت أطيق الجمود ولا الغموض ولا الجنون اللي يلبسني يوم أشوف عيونش !
تهاوت عند رجوله وهي تستجديه بالصمت يحررها من هذا الإستجواب القاتل ودم كفوفها طبع على أطراف ثوبه أنقذهم صوت الباب حضر ضيف الله توسط البيت وهو ثاير : ياولد صوتك قوم المسلمين من منامهم وش صاب عقلك يابن ضيف الله ؟
جابر : أبعدها عن عيني ياضيف الله ، ابعدها ادفنها ، ادفن معها الهم والنكد والبلاوي ، ابعدها قبل اسوي السوايا بحق نفسي قبلها !
ضيف الله انتفض من حفيده المنهار تقدم ناحيته ليجذبه بعيون حادة صوّبها ناحية قلبه عرف ان همومها القاتلة نالت منه ، استسلم لوهنها وصار مثلها يقتات على صوت الحزن المحتل زوايا بيتهم
لينطق بصوت عميق ثقيل : اتركها اخرج انت، ابعد لا يسمعون الصغار صوتك وانت تجرح فيه أمهم رح عاقب نفسك ، حسناء وقلبها وهمها بعيدين عن الثورة اللي تسويها في حق نفسك وقلبك
صرخ : جدي
الجد : لا تقول شيء الندم بعدين يحرق انت رضخت لسهم عيونها القرب ماكان من صالحك يوم رضخ قلبك قدك ( صرت ) ترمي اللوم عليها !
تراجع بحدة نفض يدها العالقة بطرف ثوبه وهي في مرحلة اللاوعي غايبة عن اللحظة
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...