على دكة عتيقة , رائحة النعناع تغزو المكان بساط أحمر وصينية رافقت سكان البيت سنين طويلة
غزل إبنة ال ٢١عام مقابلها تمارا إبنة ال٢٦ عام يتسامرون والقمر بوسط السما والجو بارد وهبايب الجنوب المنعشة دائماً حاضره ..
ايه يا الرياض الشوق لها لايطاق خلاص ,قاطع توجدها وحنينها صوت غزل الساخر : قولي الشوق لسيارتك والبوتيك والكافيه اللي ماحد يشرب من عندهم غيرك
تمارا بقهر : ساري الغثيث قطع كل المتعة وجابني من شعري هنا عمي عمي عمى بعيونش
ضحكت بإستمتاع : أموت وناسة إذا طلعت اللهجة
غزل وهي تشرب الشاي بضحكة : نسيت نصها بس إذا زعلت تطلع تلقائي
تمارا برواق مستمر : شوفي شوفي السنعة بذا البرد تنشر ثياب رجلها آهه منها تعبتني
غزل بضحكة : والله تكسر الخاطر سنين وسنين وعمي عتيق مايطالع بعيونها
تمارا ضاق صدرها : بعمري وضاعت تسع سنين من عمرها وهي تدور رضا الأديب وللأسف ماصارت من مقامه
شوفي شوفي شوي وتحب رجوله !
صدت تمارا بعينها وهي تشاهد هتاف تدور لنبضة صغيره تنعشها بعيون عتيق الجامد اللي القى أوامره عليها بنبرة جامدة وتركها بيروح لمكتبته متزوج الورق وهتاف بعد متزوجها على ورق !
زيجة أوراق ! قالتها تمارا لتضحك غزل : وحشني عمي ساري
تمارا رجع لها الضيق وقالت : عسى تطول هالعزلة وعساه من عزلة لعزلة !
•
في الضفة الأخرى
هتاف انشغلت بكوي ثياب عتيق واللي يغلب على ألوانها البني والرمادي بتفاني عميق وبخضوع مستمر تركض بلا توقف ، تأففت من لسعة حرارة الجهاز بعد ماتعمقت بأفكارها تأففت أكثر وهي تراقب من نافذتها الفاصلة لمكتبته عتيق المتعمق بالأوراق يقرأ بلا توقف يقرأ مابين السطور ويدون يقضي أغلب أوقات تواجده هنا بين طيات الكتب أما هي كالعادة مركونة مثل مؤلف بالي لا يلمسه أحد وبنفس الوقت وجوده مهم يملأ خانه لكن مثقل بالأتربة تقدمت لتفتح الباب الفاصل همست : عتيق قرب الصبح وراك خط طويل ماشبعت ؟
رفع رأسه نزع نظارته فرك جبينه تأملها لثواني بنفس الهندام من تسع سنوات قميص من القطن منديل أحمر قد يكون رافقها أكثر من مرافقته لكتبه ومكتبته خصلاتها بنفس الوضع من سنوات تجمعها بطريقة عشوائية وتربطها بالمنديل يدها خالية من الزينة، توترت من نظراته هي متأكدة انه يمسحها الآن بطريقة لاذعة مثل ماتعودت لكن التوتر يحضر في كل مرة يتأملها بهالطريقة خرج ببرود وهي خرجت تجاري خطواته : جهزت شنطتك كل اللي تحتاجه رتبته
قاطعها : كتب الشهر لتقاطعه : أول شيء حطيته بالشنطة هي بسرعة تحركت ناحية العلب حملتها بنعومة وتوجهت ناحيته : وهنا المعمول و البسكويت اللي تحبه يالله عتيق لازم ترقد والله اني متوترة من سهرتك ذي اعرفك ماتصبر للنوم اخاف تبلش بالخط الصبح
تمدد على السرير بعد مالبس بجامته : لاتخافين غفيت أول الليل ذا الغفوة بتنفعني للظهر بكرة بعدين مثل ماقلت لش واتفقنا عليه
هتاف بإنصياع : مايحتاج تعيد كلامك
بصوت ناعس قال : امنعينا من جلسات البنات وسطح ابو سعيد وعلومه وتري اخبارش كلها عندي مايحتاج اعيد وازيد
شدت اللحاف وتمددت جنبه : فهمت بس انت ارقد انت تعرفني من تسع سنين ماطلعت عن شورك
غفى وهي غفت والتعب دايم يغلبها اليوم سهرت وهي ترتب حقائب سفره وورق أمسياته والحلوى المفضله حتى عطوره وثيابه ...
•بعيد عن بيت ضيف الله ..
ساري الوحيد اللي يسامر وحدته بمكانه البعيد اللي اختاره عزلته اللي يشعر فيها بدفا والدته اللي غابت عن الدنيا وبسبب حزنه صار يطوي مسافات الحزن بداخل حضن عزلته خيمة وشبة نار شاي ومساحة واسعة أرض براح يتأمل ولا يمل خلفه جبل كل ما اشتدت ضيقته يعاركه بطريقة خاصة يتسلق بجنون يقضي أوقاته وهو يحارب قسوة الجبل بيده اللي تغير لونها من كثر ماجرحته محاولاته للصعود لكن لم يصل للقمة بعد بسبب حزنه اللي مثقل كاهله ..هذي الدله الثانية والليل ماقضى وافكاره لاحصر لها لكن غفى بدون لايشعر مرت دقائق فجأة فتح عينه على وسعها رفع دلته ناقصة !رفع عينه بحده ليشاهد أنثى تتوسط المكان تشرب من القهوة ببرود ومتلحفه فروته اللي تركها مقابله لتسرقها هي بدون شعور نطق : اعوذ بالله اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق
لكن اللي شاهده جمال والتعويذه تحولت لذهول سمى بداخله وكل الأفكار تداخلت صرخ : انتي من انتي ووش جابش هنا وش وداش لذا البراح
بنفس برودها لم تتحرك ولم ترد صرخ : يامسلمة كانش من البشر انطقي
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...