عزم يكون معها بكل خطوة وهذا المهم المهم يكفر عن أغلاطه ولها الخيار لاحقاً تختار البقاء أو الخروج من حياته المهم تخرج سليمة من هذه الدوامة ويكون هو موجود ومثل ما أوجعها بيوم يداويها على قدر الوجع أو يمكن أكثر ..
.
.
مر يوم ..غالب مرت دقائق وهو جالس على الكرسي القريب من تمارا الممدة المرهقة بعد أكياس الدم ، لازالت متوجعة من ظهرها لكن على الأقل الألم طفيف مستغربة من حضور غالب بمفرده ومن صمته لكن تنهد وقال : أنتي أخطيتي وأنا أخطيت وكلنا تمردنا ولو صار شيء كايد وتضررتي الأكيد اني ماني مسامح نفسي طول العمر
ابتسمت بسخرية وأشاحت بوجهها عن إعتذاره المغلف بصمود وبكبرياء مخبّى تحت رجولته وقسوته اللي لا يمكن يتنازل عنها ، مصر يعاقبها حتى وهو يعتذر لأن نبرته كانت لاذعه بالنسبة لمسامعها ولوضعها الحالي هتف بتهكم : ماهي معجبتش إعترافاتنا نسحبها استثقلتي تعتذرين قلتي أخبي وجهي وخلاص نقفل الموضوع !
لفت ناحيته : ما أنكر أني أخطيت ، خطاي الأكبر كان بحق نفسي وحق هالصغير اللي حياته مهدده ما أنكر أني كنت غبية وأسمع لصوت قلبي المتمرد ما أنكر أني كنت أدور للحب لكن ضيعت على نفسي الأمان وضيعت الثقة وضيعت أشياء كثير مقابل يكسب قلبي ، وبالأخير " قلبي هو أول من خسر "
شد يدينه وهو متألم من حروفها الصريحة ، يجهل كثير مكانتها ببيتهم القديم ، يجهل كثير المواقف اللي عاشتها وهي تدور العطف من أصغر الزوايا وماكانت تحصله ، شد يدينه أكثر من عتابها الثقيل ومن نبرتها : أنت جيت من آخر الصفوف وقلت أصلح ما أفسدته تربية بثينة ، بس أمي مالها دخل أنا أفسدت نفسي بنفسي ، وأنت وش كان موقفك ؟ قلت أربيها بجنب شبك الغنم و أجوعها مثل بهيمة تفطس وأرميها لأبعد مكان عن الشبك وتتحلل عظامها ولا حد يبكي عليها هذي نيتك ياعمي ؟ تدري أن طيحتي سببها الجوع ؟ نسيت أن داخلي روح مالها خطية ! كل يوم أدخل الشبك أشبع بطون البهم والروح اللي داخلي جايعة ، أشتهيت فراولة ، أشتهيت توت أشتهيت كل المغريات اللي كانت مني قريبة مثل ماقلت حتى قطرة الماء كان لها ثمن !
أشاحت بوجهها من جديد وهذي المرة تخفي فيها دموعها ، لكن صوت البكاء ولو كان خافت ولو حاولت تخبيه استقر وجعه بصدره ،
" فكرة أن شخص صلب لايمكن تهزه الظروف ولا يمكن تدمع عينه وقدامك يتهاوى ثقيلة ومهيبة "هذا الإنهيار له وقع ثقيل على النفس وعلى الروح !
ماكان بوسعه غير يرفع نفسه ويتحرر من ضيق المكان اللي انخنق من حروف العتاب ومن دموع تمارا : قبل تطلع ياعمي أبغى ماجد يجيني
هز رأسه وكأنها تشاهده هتف بصوت ثقيل : على خشمي
خرج وهو متلخبط وصلابته خدشها صوتها الباكي وعتابها ..
.قبل يسافر غالب مكة ولأنه طول على البتول وصار قلبه يستحثه وأشواقه تدفعه وكل المشاعر اللي منعها سابقاً صارت بصف البتول واليوم فاضت لأن الشوق لملامحها ولعذوبة أطباعها ولعيونها الضاحكة وليونتها ولكل صفة كان يمقتها وتستفزه صار الشوق لها لايطاق ، نفذ طلب تمارا ويد ماجد بيده وماجد يسابقه بقلبه وقبل يدخل الغرفة بالممر أخفى ابتسامة ثقيلة وهو يشاهد ساري جالس بالممر وأمامه أكياس فراولة وتوت !
سمع حديثهم السابق وسبق غالب لأن غالب يحمل نفس الأكياس ! ساري كتم ابتسامته وحك عارضه نهض بخشونة واستقبل ماجد الذابل وماجد سبقه وحب خشمه ناوله الأكياس وهتف له : قول أنها من عندك
خرج تحت مراقبة الإثنين ساري يقاوم سقوط العداوة بكبرياء غريب، حضر كل إنهياراتها من خلف الباب لكن وقف صامد لأنه متيقن انها بترفض حتى النظر لوجهه ، لذا فضّل الإنسحاب وفضّل يتدخل ويعترف بكثير من أسرار العداوة في وقت لاحق..
ماجد : عمي بتدخل ؟
غالب وهو يناوله أكياسه : لا وعمك ينتظرك بالمواقف ، أنا عندي رحلة لمكة لا اوصيك ياماجد شد حيلك وقوي نفسك لو الخسارة عظيمة ولو ضعفت وشحب لونك تذكر أنك سند وعضيد جود تشوفك بطل ، أثبت لها النظرة وكون قدها
ماجد ونبرة عمه أشعلت روحه من جديد وحفزته للصمود إبتسم له : على خشمي ولا تبطي يمكن البطل ما يطول وهو يقاوم يمكن يحتاج هالصوت مرة ثانية
ابتسم له غالب وهو يخفي فخره بهذا اليافع اللي انطبعت فيه مفرداته وأطباعه وحتى ملامحه لأنه قضى أغلب وقته بأرضه وقدر يغرس فيه البعض من صفاته ، لكن ماجد ليّن وسمح ويضعف كثير بحضور أمه وحتى بغيابها صار هش ومكسورة نظراته
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...