قاطعته بهمس ثقيل : لاتقولها واحتفظ فيها لنفسك
جابر وهو يضحك قدر يستفزها : ناوية تغيرين بشي ما ابتديتيه ؟ ناوية تقلعين نبته وتحطين نبتة بمحل مو محلها
حسناء وهي تدس لقمة بفم جود : لا النبتة رجعت لمحلها وأصلها ولا تدخل فلسفتك بكل شيء وتقحمها مو مهم انك تكون بأول الركب الخيل الأصيلة ماتلحق إلا تالي !
ضحك من قلبه : لاتعدين نفسش أصيلة اطلعي منها ولا تقحمين أمثال الناس السوية لأنها ماتمثلش ولا تنطبق عليش
جود بسبب حركتها السريعة ضربت قدمها ببراد الشاي
وبحركة صادمة وبسبب لسعته رمت نفسها بحضن حسناء لتطوقها بجزع وخوف وألم طفيف لكن خافت كثير حسناء لمعت عينها طوقتها بأمومة وهمست لها : جعله بروحي أنا ياماما
جود بعد ما اخذت جرعتها من الحنان رجعت لمكانها لتدس المصاصة بفمها
جابر وهو ينفض الموقف السابق من باله وقلبه نادى ماجد المنشغل بلعبته المحترق الصامت بمكانه : ماجد ماتبغى تتعشى ؟
حسناء وهي تتجاهل سؤال جابر صارت تجمع صحون العشاء بصينية كبيرة : اصبري الولد ماتعشى
حسناء : ماجد ماما بتاكل والا أشيله
ماجد بنبرة حادة : مابغى شيء من يدينش !
حملت الصينية : لاتاكل لا من يديني ولا من غيري عساك ماذقت لقمة
دخلت للمطبخ بحدة جابر لحقها وبحدة خافتة : وعسى بتجمعين الحقد والهرج اللي ماله سنع وترمينه بوجهه اتركيه زعلان وبيرجع يلين
كانت تجمع الصحون على المغسلة : لاتخش بيني وبينه
جود دخلت بالوسط وصارت عند ارجلها لتكمل وهو يراقب الصغيرة بدهشة : ماحد ميت من الجوع أنا اللي جنيت على نفسي وبالغت في الدلع زعلانة من نفسي اكثر منه
جابر وهو ينزل لمستوى الصغيرة نزع المصاصة من فمها وبنبرة حازمة : كم مرة قلت طلعيها من فمها ماتفهمين انتي
شدت يده ونزعت المصاصة منها : الشيء ذا تقرره جودي لا أنا ولا أنت اللي نقرره
استدارت للمواعين وصارت تفركها عنقها أحمر واذنها حمراء من كبتها للغضب جزء من خصلاتها تمرد عن الربطة راقب شكلها البسيط بثياب البيت وشعرها القصير مرفوع بربطة حريرية نحيلة الجسد قصيرة وبالنسبة لطوله قصيره جداً انتهت من غسل المطبخ وترتيبه وماجد لازال بمكانه وجابر دخل خلفها اقترب من الطاولة ليشاهد الصحن المغطى ويبدو ان امومتها غلبتها ابتلع مافي كوبه ورماه في المغسلة ترك النور مفتوح وخرج لغرفته ..
.
.
حرير تراقب تمارا الذابلة تماماً متغطية بلحاف ثقيل وتتابع مسلسل صورة بدون صوت أمامها كوب قهوة لكن اللي شدها الأكواب الأخرى جلست على الأرض مقابلها : ناوية ترقدين ونرقد كلنا اليوم في المستشفى صح ؟
تمارا وهي تتوسد يدها طاقتها منتهية وعاجزة حتى عن الرد لكن نطقت بكلمتين : وش سويت !
حرير وعينها على الأكواب : هذا الكوب الرابع وغير كذا ما أكلتي شيء من الصباح تمارا انتي صاير لش شي وماتبغين تهرجين ! ( تنطقين )
تمارا وهي تشد اللحاف بضيق كبير لكن محترفة في التملص وفي اخفاء مشاعرها بالذات أمام حرير : مرهقة لا أكثر أمس اجتماعين وعشاء عمل وغير كذا تهاوشت مع زايد
التقطت نبرتها المكسورة وهي تنطق اسمه : السلقة ذا وش مسوي لش ؟ قولي قولي عشان امشي ادبغه
تمارا بضيق من ضغط صديقتها : تبغين انبسط ويروق مزاجي سوي لي الباستا اللي احبها وخلينا ننسى ذا السلقة ولا نجيب اسمه وطاريه
نهضت على الفور بطريقة مسرحية : وبس باستا ؟ والله الحين تنزل لش سفرة ماكنتي تحلمين فيها بس اشوفش تضحكين
تمارا وهي تمد فمها بضحكة مزيفة ضربتها حرير بنعومة : الله يكتب لي الأجر متحملة انسانة بمليون مود وفوقها ماتضحك إلا بالأعياد
هنا ابتسمت تمارا ابتسامة طفيفة : تمشي الحال والا نزودها والا ارقع راسش بواحد من أكوابي الغالية يعني على الأقل تصير الضربة تسوى
حرير وهي ترقص وتضحك : ايوا ايوا طلع الهرج الأصلي
دخلت المطبخ شغلت السماعة وصارت تطبخ وترقص وتركض وتتمايل وتمارا عند الباب مستمتعة الوحيدة اللي تستخرجها من مودها السيء واقفة قدامها وتتمايل وتضحك وبالرغم من ازعاج المطبخ والأغاني السيئة اللي كانت من اختيار حرير إلا ان تمارا الآن تبدل مزاجها وتعيش لحظة ركود مؤقتة بسبب صديقتها المقربة ..
أنت تقرأ
ساري الجبل واخوان ساري
General Fiction.حينما تضيق بك الحياة ، تختنق بآلامك وحيداً ، تتنفس من خرم إبرة ، تولد أحاسيس خيالية ، وأخرى من رحم الواقع ، "هنا يكمن نتاج المعاناة " وهنا البداية تنطوي الأيام بحلوها ومرها ،نوقد مصابيح للفرح ونتخطى العثرات نغلق ابواب الألم وتفتح ابواب اخرى مؤلمة...